حالة الاحتقان التي تعيشها بلادنا هذه الأيام تبعث علي القلق. وتجعل الإنسان يتساءل: ماذا جري لأبناء مصر الذين ينعمون بالاستقرار منذ زمن طويل؟!.. وما هي تلك النزعات التي تحرك الأحقاد في صدور إخوة يعيشون في وطن واحد متجاورين في ألفة وتواصل بالحب والمودة؟!.. الآمال كانت تبشر بمستقبل أكثر إشراقاً بعد ثورة 25 يناير التي قادها الشباب وشارك فيها الشعب بمختلف طوائفه. ولم تر مثل هذه الأحداث الطائفية. فالمسيحي كان يحرس المسلم أثناء الصلاة في ميدان التحرير. الكل في رحاب الوطن يد واحدة. الألفة والمحبة تربط بين القلوب. بلا شك هناك أيدي خفية لا تريد لهذا الوطن أن ينعم بالاستقرار. القلاقل والاضطرابات في أماكن كثيرة. وأعمال الفوضي بلا حصر والبلطجة. هي اللغة السائدة ومما زاد الطين بلة تلك الفتنة الطائفية التي جرت فصولها أخيراً في منطقة إمبابة وراح ضحيتها اثنا عشر قتيلاً من أبناء مصر بالإضافة إلي أكثر من مائتي مصاب بإصابات متعددة. وقائع مؤسفة ولأسباب أشد أسفاً. فتاة اسمها "عبير" تزوجت من مسلم. وتناولت الألسنة هذه الواقعة بصورة حركت الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين. وبالطبع تدخل أصحاب السوء: كيف تتزوج مسيحية بمسلم؟!.. وحكايات عن اختطافها.. وسيل من الأقوال حول فصول الفتاة وكأنها قصة العصر. وبالتالي كانت الوقائع التي تحقق فيها النيابة لكشف أبعادها وملابساتها الواهية. إن الأحداث التي وقعت في إمبابة بسبب "عبير" المسيحية ومن قبلها "كاميليا". و"وفاء قسطنطين" لن تكون وقائع عبير آخر الأحداث. وإنما المتربصون بأمن وطننا لا تتوقف أنشطتهم لزعزعة استقرارنا وبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد. خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني. وضعف هيبة الدولة. العابثون بمصر لا يتورعون عن القيام بأي عمل يجعل عجلة الإنتاج تتعطل أكثر وأكثر. ويبتكرون الحيل والضرب علي وتر الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين من أجل أن تنشغل الحكومة والشعب بتلك المعارك. بحيث تخرج من معركة إلي معركة أخري أشد ضراوة. هذه الوقائع تتطلب من الحكومة الضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفسه العبث بأمن مصر. وتفعيل القانون بكل شدة وإنزال العقاب الفوري علي كل من يتسبب في تحريك هذه النزعات التي تدمر الوطن وتلحق خسائر فادحة باقتصادنا. ولابد من عودة رجال الأمن إلي كل المواقع وإتاحة الفرصة أمامهم لاستعمال كل الوسائل التي حددها القانون بكل صراحة لحسم أعمال البلطجة والعنف التي استشرت بصورة لم يسبق لها مثيل. وضرب أوكار مثيري الفتنة الطائفية ووقف تلك النزعات بين التيارات الدينية التي تحرك الضغائن. واتخاذ الإجراءات التي تكفل عودة الاستقرار والأمان إلي الشوارع ومختلف الأماكن. إذ أن ما جري من تهديد لساحات المحاكم في سيناء لا يرضي أحداً. ويتطلب اتخاذ كافة الإجراءات والاستعانة بالحكماء لوأد هذه الفتنة التي يكتوي بنيرانها كل أبناء الوطن. الأمر يتطلب تفعيل القانون وتطبيق نصوصه علي الجميع بلا استثناء ودون خوف من أي طائفة. فاقتلاع جذور تلك النزعات ضرورة. وإنزال العقاب الفوري علي المتهم أياً كان شأنه. ضرورة لكي تعود الطمأنينة إلي كل إنسان. يجب ألا نخشي غضب أي فئة أو طائفة من الطوائف. القانون سيف علي رقاب أي خارج علي نصوصه. ولا بديل عن ذلك. إن أمن الوطن فوق كل اعتبار. وعودة هيبة الدولة تستوجبها تلك الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. كما يجب ألا يغيب عن خاطرنا ونحن نستدعي القانون لرأب حالة الانفلات الأمني. أن نستلهم همة العلماء وقادة التيارات الدينية للعمل بحكمة وحنكة لوقف الخلافات المذهبية وتوحيد الكلمة التي تجمع القلوب وتؤلف بين أبناء الوطن ونشر الوعي بين مختلف الفئات لإبعاد شبح تلك الفتنة الطائفية. ويجب أن تتضافر كل الجهود حتي لا تتكرر أحداث إمبابة مرة أخري. ويتعين علي الدولة أن تتخذ كافة الإجراءات القانونية التي تحقق العدالة وتعيد الطمأنينة لكل مواطن. الصورة أصبحت لا تحتمل الانتظار. ويجب أن تتوقف تلك المظاهرات الفئوية وغيرها. وكفانا خسارة وتعطيلاً للإنتاج.