لاشك أن بناء مصر من جديد يتطلب البدء بالأطفال لتربيتهم علي أفضل صورة ممكنة وأن يتم تشجيعهم منذ الصغر علي حب العمل والتعاون والمشاركة داخل البيت حتي ينعكس ذلك عليه في مراحل أخري من عمره. تقول في البداية الدكتورة فرخندة حسن الأمين العام السابق للمجلس القومي للمرأة: تجربتي مع أولادي بدأت منذ بلوغهم عامين ومن خلال دراستي لعلم النفس وحصولي علي الدبلومة العلمية في علم النفس عملت علي بث روح الانتماء وحب العمل والمشاركة لدي أولادي خاصة بعد أن وصل عمره إلي 5 و6 سنوات وذلك من خلال تشجيعهم علي تنظيف المنزل وترتيب غرفهم لتكون علي أحسن ما يكون. أشارت إلي أن التفاف الأسرة كلها حول مائدة الطعام يعد شيئاً مقدساً حيث يستمع الوالدان لأولادهما ويقدمان لهم النصيحة وليس الأوامر.. مؤكدة علي ضرورة ألا تترك الأم أولادها في الشوارع أو تركهم أمام التليفزيون لفترات طويلة ومشاهدة أفلام العنف التي يكون لها تأثير مدمر علي الأطفال. تقول إيمان الحكيم رئيس جمعية "جبال الخير" إن الطفل يولد عادة ولديه صفات حميدة عديدة منها الجانب التعاوني ورغبته المتزايدة في تقديم المساعدة في البيت إلا أن والديه عادة يحبطان هذه العادة بدعوي الخوف عليه وعدم إجهاده بينما إذا تجاوز الطفل سن السابعة دون وجود تنمية لهذه العادة فإنها تموت وتندثر. أضافت أن علي الأم والأب تحسس نقاط القوة لدي أطفالهما ومحاولة دعمها لديهم وأن يدركا أن لكل ولد من أولادهما شخصية مستقلة ومتفردة تختلف عن الشخصيات الأخري لبقية الأطفال. قالت: نريد من أولادها أن يكونوا متعاونين وليسوا مطيعين فيجب عدم إجبارهم علي فعل شيء أو تركه دون رغبتهم بل لابد من تركهم يختاون ما يريدون مع توجيههم عن بعد وتنمية روح التعاون لديهم. يؤكد الدكتور أحمد عبدالمقصود أستاذ بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان أن زرع المبادئ والقيم وحب العمل عن طريق القدوة الحسنة هي أكثر فاعلية من الوسائل الأخري المستخدمة في التربية فلابد للأم من إظهار السلوك الحسن أمام أولادها. أكد علي ضرورة أن يتعود الطفل منذ صغره علي المشاركة في تنظيف حجرته حتي يتعود علي ذلك في مراحل عمره المختلفة ولا يجب أن يتم إجباره علي ذلك حتي لا يكره هذا العمل عندما يكبر. أشار إلي أنه تم إجراء استقصاء للأمهات اللاتي لديهن المهارات الحياتية واللاتي يستطعن من خلالها التواصل مع أولادهم وكان عدد أفراد العينة 150 أماً وجاءت نتيجة الاستفتاء أن 89% من الأمهات ليس لديهم أي مهارات حياتية مقابل 11% فقط لديهم هذه المهارات. أما د.سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس فنقول إننا قبل أن ننمي روح العمل والتعاون لدي أطفالنا علينا أولاً أن نعمل علي أن تكون العلاقة بين الوالدين قوية ووطيدة وقائمة علي الحب والتعاون وألا تكون هناك خلافات زوجية بينهما أمام الأولاد لأن تأثيرها يكون قاسياً علي الأطفال. أضافت أنه إذا كانت العلاقة بين الوالدين علي أفضل ما يكون كان المستفيد الأول هو الأولاد مشيرة إلي ضرورة أن تقوم الأم بالحرص علي تشجيع طفلها علي ترتيب دولابه وتنظيف حجرته كما يجب أن تحرص علي السماح له بالمشاركة في الأعمال التطوعية سواء في مدرسته أو في الجمعيات الخيرية. يتفق معها في الرأي الدكتور أحمد جمال ماضي أبوالعزايم أستاذ الطب النفسي وعضو الجمعية العالمية للطب النفسي مؤكداً علي ضرورة تشجيع الأم لأطفالها علي حب العمل منذ الصغر وألا تعلمهم الكسل وعدم المشاركة بدعوي الخوف عليهم. أضاف أن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول "أدبوا ولا تعنفوا" ومن هنا رشح الرسول الكريم التأديب وليس الإضرار بالنفس لأن العنف مرفوض حتي لا تتولد لدي الأطفال كراهية المجتمع. أكد علي ضرورة تحقيق العدالة بين أفراد الأسرة ولا يكون هناك تفضيل لأحد الأبناء علي حساب الأبناء الآخرين حتي تصبح العلاقة بين الأبناء قائمة علي الحب والتعاون وليس علي الكراهية والحقد. تضيف الدكتورة نادية حليم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ومدير مركز بحوث المرأة أنه علي الأب والأم ترسيخ روح الانتماء والتعاون بين أولادهما بطرق أكثر فاعلية وليس عن طريق الشعارات وهذه الفاعلية تكون عن طريق المشاركة في ميزانية الأسرة والمشاكل التي تمر بها الأسرة سواء الاجتماعية أو المالية وضربت مثلاً علي ذلك إذا مرت الدولة بأزمة مالية تحت أي ظروف فعلي جميع أفراد الأسرة السماع لآرائهم المشاركة في حل الأزمة وإذا مر أحد أفراد الأسرة بوعكة صحية فلتتم مشاركة جميع أفراد هذه الأسرة الوقوف بجانب المريض حتي يتسني له الشفاء.. ومن هنا ننمي روح التعاون والمشاركة. أضافت أن ما نمر به الآن هو نتيجة للتشتيت الذي تمر به الأسرة المصرية وأصبح كل فرد من أفرادها يعمل في واد مختلف عن وادي كل أفراد الأسرة وكل فرد له عالمه الخاص به وعدم الالتقاط في نقطة مشتركة بين أفراد الأسرة!! إن هذا التشتت نتج عنه عدم تحمل المسئولية للعديد من الأبناء حتي بعد زواجهم وقيام مسئولية خاصة بهم تسريعاً ما يهربون منها وينتج عنها انفصال سريع وهروب عن تحمل هذه المسئولية.