لا أحد يستطيع الحجر علي عاطفة الأمومة. ولا أحد يمكنه منع إشباع غريزة التكاثر والإنجاب. لكن.. أن يتحول الزوجان إلي آلة لإنتاج القنابل البشرية. فتلك كارثة بكل المقاييس! في الماضي.. كان الزوجان ينجبان ما لا يقل عن 12 مولودا.. وفي الغالب لم يكن يعيش من بين هؤلاء سوي اثنين أو ثلاثة.. والسبب هو انتشار الأمراض والأوبئة وانعدام الرعاية الصحية! الآن.. اختفي الكثير من الأوبئة والأمراض. مثل التيفود والكوليرا والطاعون وغيرها.. وكان أغلب ضحايا هذه الأوبئة من كبار السن ومن الأطفال وهما الفئتان الأكثر ضعفا والأقل قدرة علي مقاومة المرض! الآن.. ارتفع حجم الخدمات الصحية.. وازداد الوعي بالسلوكيات السليمة.. وتقدم الطب فتراجعت أعداد ضحايا الميكروبات والفيروسات من الأطفال وكبار السن.. وانخفضت وفيات الأطفال وزادت معدلات الأعمار وأصبح الإنسان يعيش حياة أطول ونتج عن ذلك زيادة أعداد السكان أو مايسمي بالانفجار السكاني! ورغم كل ما سبق.. مازالت المرأة المصرية -أو معظم السيدات المصريات- متمسكات بكثرة الإنجاب.. وذلك لأسباب ثقافية واجتماعية ودينية واقتصادية. ورغم ما بذلته الدولة من جهود علي مدي عشرات السنين للحد من الزيادة السكانية. فإن المحصلة النهائية للحد من الانفجار السكاني لم تكن بحجم ما بذل من جهود! وبلا جدال فإن الانفجار السكاني. كان أحد الأسباب التي قادت إلي ثورة يناير. ولو بشكل غير مباشر.. فتزايد أعداد السكان بمعدلات كبيرة. لم يقابله زيادة مماثلة في التنمية وتوفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية وغيرها.. الأمر الذي أدي إلي انتشار الفقر والمرض والبؤس والسخط الاجتماعي علي الأوضاع السائدة.. كما أن ندرة الفرص أمام هذه الأعداد الهائلة من البشر. قادت. ضمن عوامل أخري. إلي انتشار الفساد والوساطة والمحسوبية! وتشير الإحصاءات والتقارير إلي أن ثورة يناير تسببت في انشغال أجهزة الدولة. سواء الإعلام أو وزارة الصحة وحتي المواطنين أنفسهم عن القضية السكانية ومخاطرها.. وانخرط الجميع في "رقصة الموت" التي حلت علي الوطن بعد أن تفرقوا إلي شيع وأحزاب متصارعة يناطح بعضها بعضا. سواء عن جهل أو عن علم! لقد سجل عدد المواليد في عام 2012 زيادة قدرها 560 ألف طفل مقارنة بعدد مواليد 2010 وهي أضخم زيادة خلال عامين منذ أن عرفت مصر التعداد السكاني! وهذه الزيادة تنبيء بأن عدد سكان مصر سوف يتجاوز سكان دول مثل روسيا أو اليابان بحلول عام 2050. حيث يتوقع أن يقترب من 140 مليون نسمة! والزيادة السكانية. حسبما يري الخبراء تمثل قنبلة اجتماعية قابلة للانفجار في كل لحظة. وما لم يتم السيطرة عليها فسوف تستنزف مواردنا المحدودة.. وتزيد من الحالة المتردية لسوق العمل وتسهم في زيادة حدة الإحباط الاجتماعي بين السكان. حيث إن 60% من السكان عندنا هم ممن تقل أعمارهم عن 30 عاما. أي أنهم من الشباب الباحثين عن الوظائف وعن الزواج وعن المسكن وعن التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات. ويبدو أن إعلامنا أقل اهتماما بشئوننا من الإعلام الغربي.. ففي الوقت الذي تضيع فيه وسائل إعلامنا ساعات طويلة في بعض القضايا الفرعية أو الهامشية.. نجد أنها تغفل القضايا المصيرية مثل قضية الانفجار السكاني. بينما تهتم صحيفة الجارديان البريطانية بهذه القضية وينشر محررها باتريك كينجسلي تقريرا مثيرا للفزع حول القضية السكانية! وينقل المحرر عن ماجد عثمان مدير مركز بصيرة قوله: ليس بإمكانك أن تقدم خدمة تعليمية جيدة في ظل هذه الزيادة السكانية والتي يجب أن توازيها زيادة في أعداد الفصول الدراسية.. ويشير عثمان إلي أنه فيما بين عامي 2006. 2012 حدثت زيادة في أعداد المواليد تقدر بحوالي 40% وهذا يعني أنك بحاجة إلي 91 ألف فصل دراسي للحفاظ علي المعدلات الحالية لكثافة التلاميذ في كل فصل. رغم أن هذه الكثافة عالية حاليا وتتراوح بين 40-60 تلميذا في المدارس الحكومية. وتزداد مشاعر الفزع والخوف من المستقبل إذا علمنا أن هناك حوالي 800 ألف شاب ينضمون سنويا إلي سوق العمل. بينما يبلغ معدل البطالة حاليا ما يقرب من 14% مع زيادة غير محدودة في معدلات المواليد وتراجع معدلات الوفيات وهكذا فالمتوقع أن يتسارع ارتفاع معدلات البطالة. الأمر الذي يؤدي حتما إلي المزيد من الشعور بالحنق والغضب! كذلك فإن التزايد المستمر في تعداد السكان سوف يؤدي إلي استنزاف الموارد الطبيعية. فنحن نعاني حاليا من فقر شديد في مصادر المياه والطاقة والغذاء "القمح" وكذلك نفاد احتياطي النقد الأجنبي المطلوب لتمويل استيراد هذه الاحتياجات. وحسب وصف هالة يوسف رئيس المجلس القومي للسكان فإن هذه القضية تؤثر علي كل شيء في مصر. ومايزيد الطين بلة. مع هذا الخطر الجامح. فإن سكان مصر البالغ عددهم 86 مليون نسمة يعيشون علي حوالي 8% من مساحتها. نظرا للطبيعة الصحراوية لمعظم أرض الوطن.. ولابد من استراتيجية تشجع علي تعليم الفتيات وتدعم إعادة التوزيع الجغرافي للسكان بحيث ينتشرون في المناطق الأقل كثافة.. ومحاربة زواج القاصرات. وتعليم الشباب أسس وقواعد الصحة الإنجابية والتخطيط الأسري. وحسبما يري العلماء فإن حل هذه القضية يتطلب رؤية شاملة طويلة المدي. بخلاف رؤية السياسيين الذين عادة ما يركزون علي القضايا ذات النتائج السريعة والتي تعزز من سمعتهم وتدعم مواقفهم الآنية. نريد من الأنظمة القادمة أن تضع لنا رؤي واستراتيجيات بعيدة المدي تلتزم بها الحكومات المتتالية.. فلم يعد الأمر يحتمل أن نفاجأ بحكومات تلغي الواحدة منها ما أنجزته سابقتها. لتبدأ التجريب فينا من جديد.. فقد شبعنا وتشبعنا.. وسئمنا ومللنا أن نظل هكذا حقل تجارب لكل حكومة جديدة..!! وإذا كان الإرهاب يمثل خطرا داهما علي الوطن ومستقبله.. فليس الفقر والزيادة السكانية والأحوال المتردية التي نعانيها بأقل خطرًا من الإرهاب وقنابله. أوقفوا القنابل البشرية التي تلقيها الأمهات من بطونهن.. ولو حتي بتشريع يحظر إنجاب أكثر من طفلين.. ومن يتجاوز ذلك يجب أن يواجه عقوبات مشددة.. أو أن يحرم من أية مزايا مجانية تقدمها الدولة كما يجب تقديم حوافز ومزايا لمن يلتزم بإنجاب طفلين فقط!. ** أفكار مضغوطة: لا تتوقف عن التعلم.. فدروس الحياة لا تنتهي!!