احداث امبابة المؤسفة ليست هي الأولي ولن تكون الأخيرة. هناك احتقان طائفي بين الطرفين ظل النظام السابق يرعاه ويغذيه علي مدي ثلاثين عاما هي عمر هذا النظام. وكان هذا الاحتقان الذي هو من صنيعة النظام السابق بمثابه الوسيلة التي ساهمت في ان يقبع علي صدورنا طيلة ثلاثين عاما. وكان يحاول جاهدا في ان يستخدم هذا الاحتقان في توريث الحكم لابن الرئيس السابق من بعده وفقا للمعايير التالية: أولا- الترويج داخليا بأن بقاء النظام السابق هو الضمانة الوحيدة للاستقرار ثانيا- الترويج عالميا بأن مصر تعج بالكثير من التيارات الدينية المتشددة وان الديمقراطية معناها الفوضي وصعود التيارات الدينية المتشددة واستيلاؤها علي قمة السلطة في الدولة. ثالثا- التحضير للفوضي في حال اقصائه عن الحكم وذلك عن طريق قيام اجهزته الأمنية بتكوين خلايا متشددة من الاسلاميين والاقباط علي حد سواء. وتجهيز جيوش من البلطجية في كل شبر في مصر تكون نقطة انطلاق الجميع في لحظة الظهور بالانهيار الأمني الذي هو خطة اعدها حبيب العادلي تهدف إلي تحويل البلاد إلي فوضي في حال اقصاء هذا النظام. وقد انسحبت الاجهزة الأمنية من الشارع ولم تعد وان عادت فهي عادت في شكل متراخ للغاية. والسبب في ذلك يعود إلي انهيار الروح المعنوية لجميع افراد هذا الجهاز الضامن والضابط للاستقرار في مصر. وشعور فرد الشرطة بالمهانة وفقدانه لهيبته وهذا يحتاج بعض الوقت لكي تعود قدرته إلي سابق عهدها ولا اعفي وزير الداخلية السابق من هذا فهو وزير ذكي يستخدم دهاءه في مثل هذه المخططات الدنيئة. ومن اجل إسقاط الوطن مع سقوط رأس النظام كانت الوسائل والادوات التالية: النظام السابق والسلفيين: 1- بحجة محاربة الاخوان المسلمون بصنع تيار اسلامي متشدد يرفض العمل في السياسة قامت أجهزة أمن الدولة باعطاء الضوء الاخضر لظهور التيار السلفي. وكان الظاهر هو ان يكون هذا التيار هو القوي المناهضة للاخوان المسلمين في الشارع المصري. وتقوم بسحب البساط من تحت جماعة الإخوان المسلمين. 2- لتحريك نظام السلفيين في الشارع المصري وإلهاء الشعب المصري باحداث طائفية من اجل ان ينشغل الشارع المصري عن عملية توريث الحكم فكان جهاز أمن الدولة يصنع المشكلات الطائفية ويغذيها ويسيطر عليها ومن امثلة ذلك احداث طائفية متفرقة في الجمهورية وكان آخرها موضوع كاميليا ذلك الموضوع الذي لا قيمة له ولا يستحق كل هذا الصخب الاعلامي وتلاه احداث امبابة المروعة. 3- هناك تصريح خطير لأحد السلفيين حينما ذكر في احد تصريحاته الصحفية بأن احد قادة مباحث أمن الدولة طلب منه تفجير كنيسة العمرانية بالهرم. وهذا ان دل علي شيء فهو يدل علي ان هذا النظام السابق وقياداته ضالعين فيما سبق ومازالت اصابعهم تعبث بالداخل المصري حتي يومنا هذا. النظام السابق والكنيسة القبطية الارثوذكسية: لا تختلف الكنيسة القبطية الارثوذكسية عن السلفيين شيء ايضا كانت احدي أدوات النظام السابق. منذ ان تولي الرئيس السابق مبارك الحكم في مصر. كان قداسة البابا شنودة مغضوبا عليه من انور السادات. واستمر قداسته تحت الاقامة الجبرية قرابة اربع سنوات في عهد مبارك. وقد حقق مبارك من استمرار بقاء قداسة البابا في الدير اربع سنوات مايلي: أولا- قداسة البابا الذي تحدي السادات عاد عودة الابطال واستقبله اقباط مصر استقبالا تاريخياً جعل من البابا شنودة قديسا وبطلا سياسيا في آن واحد. ثانيا- كان ومازال لقداسة البابا الكلمة العليا علي الاقباط في جميع مناحي الحياة دينية واجتماعية وسياسية. ثالثا- استغلال النظام السابق هذا النفوذ القوي الذي يتمتع به قداسة البابا في توجيه الاقباط. فعندما يغضب الاقباط لسبب عدم تبوءهم المناصب العليا في الدولة. كان قداسة البابا. يهديء من هذا بقوله: دولتنا ليست من هذا العالم!! عندما يحدث حادث طائفي هنا او هناك كان قداسته يصبر الاقباط بمقولة: سأصمت حتي تتكلم السماء!! لكن عندما كان الحدث يمس بسطوة قداسته علي الاقباط نجده لم يصمت حتي تتكلم السماء ولم ينتظر دولتنا التي ليست من هذا العالم ومن امثلة ذلك عندما صدر الحكم القضائي في شأن الزواج الثاني وجد قداسته نفسه بلا سطوة حقيقية يسيطر بها علي الاقباط في جميع اركان مصر من أجل الفكاك من تنفيذ هذا الحكم القضائي وقد نجح في ذلك. رابعا- تساؤل طاريء ورد في ذهني: لماذا جميع المشاكل تحدث بين مشددين اسلاميين وبين الكنيسة القبطية الارثوذوكسية علي وجه الخصوص؟! لماذا لم نسمع عن مشاكل مماثلة حدثت بين المتشددين المسلمين والطائفة الكاثوليكية أو الطائفة البروتستانتية؟ لماذا كاميليا او عبير ارثوذكسيتان ولا تنتمين إلي الطوائف الأخري؟ * الاجابة عن هذا التساؤل في منتهي السهولة: فقد تركت الكنيسة الارثوذوكسية علي مدي ثلاثين عاما الشعب الارثوذكسي وتفرغت للانغماس في الامور السياسية والامنية وفقد الكثير من الشباب والشابات العمق في الديانة واصبحوا متدينيين ظاهريا فقط ومن السهل الخروج من المسيحية امام اول مشكلة تقابله دون ان تجد رجل دين متفرغاً لخدمته يعمل علي حل مشكلته. فكثيرا من الشباب عندما لا يجدون حلا لمشاكلهم بسبب تعقيدات القوانين الكنيسة. يهددون الكاهن باشهار اسلامهم فيكون رد الكاهن تعالي اوصلك بنفسي إلي مشيخة الازهر بدلا من ان يكلف نفسه عناء البحث في المشكلة والمساعدة علي حلها فالكاهن لا وقت لديه!! خامسا- السؤال الثاني: لماذا المشاكل الطافية علي السطح كلها مشاكل نسائية؟ عندما يكون الشخص الذي دخل الاسلام رجلا لم نسمع عنه ولا نشعر به. لان عمليات الاسلمة والتنصير ليست اعمالا لوجه الله والدعوة أو التبشير للدين!! لكنها عمليات تستهدف الاثارة والفوضي ولا تستهدف الدعوة والبشارة. سادسا- المشكلة ليست أمنية ولكنها مشكلة ثقافية ايضا. ومشكلة اعلام مصري يشارك الغوغائيين في تضخيم الاحداث ونشر الاثارة!! في احداث امبابة الأخيرة ظلت وسائل الاعلام الحكومية والخاصة تعلن عن اعداد القتلي من كل من المسلمين والاقباط وهذا اسلوب لا يخدم تهدئة الأمور بقدر ما انه يهدف إلي تهييج اصحاب العدد الأكثر من القتلي ويزيد من الاحتقان الطائفي. اخيرا كل من المتشددين الاسلاميين والكنيسة هم صناعة مباحث أمن الدولة ولا اعفي ايا منهم من المسئولية في هذه الاحداث. الوضع في مصر علي حافة الحريق الأكبر الذي سوف يأكل الأخضر واليابس. مالم ينتبه الطرفان إلي الوضع الراهن بعين محايدة بلا أي مصالح خاصة سوف يجد نفسه غارقا في مستنقع الفتنة من أجل تقسيم وتفتيت الوطن ولن يسامح التاريخ أيا من الطرفان!! * اتمني من المجلس العسكري الحاكم ان يغلظ العقوبات علي طرفي المشكلة حتي تكون هذه الاحكام رادعة لكل من تسوِّل له نفسه في الاتيان بأفعال تضر بوحدة كيان الدولة. * اتمني من الكنيسة القبطية الارثوذكسية الانتباه لأبناء شعب الكنيسة وترك المظاهرات والكلام في السياسة والتوك شو * كما اتمني من قيادات السلفيين الاهتمام بشئون دينهم والحفاظ علي نسيج الوطن وعدم المساهمة في هدمه وتفرقته وتقسيمه.