رفعت الأقلام وجفت ينابيع الأحبار من قلمي بعد رحيل أبي.. أبي الذي رحل في مثل هذا اليوم يوم عيد الحب.. الذي تحول إلي مأتم في قلبي.. فماذا بعد أبي رحمه الله رحمة واسعة بقدر حبي وعشقي لتراب قدميه الطاهرتين اللتين شقيتا علينا أنا واشقائي الخمسة لأكثر من ستين عاماً نعم.. ستون عاماً أسير علي هديه ونهجه وتعاليمه لأكثر من أربعين عاماً علي يديه أربعون عاماً من عمري ملاصقاً له ولا اظن أنني أحيا مثلها مرة أخري فلقد رشفت أول معاني الرجولة منه وتعلمت الصلابة في وجه أحلك المواقف وتعلمت الكثير والكثير منه ومع ذكري رحيله الثانية اليوم لا أجد طعماً أو لوناً للحياة إلا إحياء ذكراه بآيات من الذكر الحكيم والتي لا طالما كنت اراقبه وهو يتلوها معظم اوقاته فالحمد لله كان القرآن رفيقه وكانت الاذكار هي التراتيل اليومية والكلمات التي يبدأ بها يومه وينهيه بها ويحصن بها منزلنا البسيط المتواضع ويحصننا ويحصن حتي فراشنا ونحن صغار أو كبار.. أبي أشعر بتوهة لم تفارقني منذ فراقك أشعر بوحدة وأشعر بظهر مكشوف طول الوقت برحيلك تركت لنا كل ما يغنينا عن الدنيا وكان الأهم هو حب الله فيك ودعاؤنا لك بدوام الرحمة والمغفرة والصبر لي ولأخواتي ووالدتي والسلوان الذي ضاع بعد فقدانك حبيبي.. وعزائي أبي أنك عند المليك المقتدر الذي يعرف قدرك كعبد وفي ومطيع له وبسيط يسكن جنبك اسم الله وتحمل أنت اسم نبينا "محمد" فكنت خير من في عائلتنا ولذلك كنت عميدها وعمادها.. أبي لا أقوي علي الكتابة عنك حبيبي ولا تشفع زيارتي والجلوس بقبرك لساعات وساعات حتي ان اللحاد يأمرني بالانصراف بعد اقتراب احساسه برغبتي في فتح القبر كي ألمس وجهك رغم العامين المنصرمين اللذين مضيا وكأنهما ساعتان يا حبيبي.. فكم افطرت قلبي وكم تدمع عيناي لذكراك.. احتسبك عند الله حبيبي حتي لقائك الذي اتمناه بجوارك وعزائي قول الله تعالي "إنا لله وإنا إليه راجعون" صدق الله العظيم.