1095 يوماً تفصلنا عن انطلاق ثورة 25 يناير 2011 التي استكملت مشوارها بثورة 30 يونيو ..2013 ثلاث سنوات اكتظت بالعديد من الأحداث المتلاحقة التي غيرت كثيراً في خريطة الحياة السياسية في مصر. صعدت أسهم شخصيات وهبطت أسهم آخرين وسبحان مغير الأحوال فبعد أن قامت جماعة الإخوان المسلمين باختطاف الثورة وظن البعض أن البوصلة تتجه نحو قبلتهم. انقلبت الأمور رأساً علي عقب بعد سياسات الاقصاء والاستحواذ التي انتهجتها الجماعة خلال عام من الحكم وكأن القدر كتب لهم الوصول لسدة الحكم حتي يفضحهم. وفي قلب كل الأحداث التي مرت بها مصر خلال الثلاث سنوات الماضية بقي جيش مصر فلم تتغير أهدافها ولم تتزعزع عقيدته فهو الذي رفض أن يُسيس ووضع نصب عينيه مستقبل مصر وإرادة مواطنيها ودعم شرعية الشعب خلال ثورتي 25 يناير و30 يونيو ليسجل التاريخ أن جيش مصر موجود لحماية الشعب والدفاع عن إرادته وغير قابل للاختراق. بعد اختطاف ثورة 25 يناير من قبل جماعة الإخوان المسلمين ضد الشباب طريقهم وتعثرت الدولة واختنق الشعب بالأزمات فيما انشغلت الجماعة بأخونة الدولة لكن كان للشعب كلمة أخري رافضاً للحكم الإخواني وبدأت حملة تمرد في جمع التوقيعات المطالبة بانهاء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي. واللجوء لانتخابات رئاسية مبكرة إلا أن الرئيس المعزول تمسك بما أسماه الشرعية ونسي أن الشرعية الحقيقية هي شرعية الشعب. ثلاثة أعوام كانت كفيلة بكشف العديد من الوجوه التي هدفت إلي تحقيق المكاسب الشخصية بعيداً عن مصلحة الوطن إلا أن الشيء الوحيد الذي لم يتغير كان وجه القوات المسلحة المصرية التي حافظت علي وطنيتها طوال الثلاثة أعوام الماضية. القوات المسلحة وعدت عقب ثورة يناير بتسليم السلطة لرئيس مدني منتخب وقد أوفي المجلس العسكري بوعده وبإنتخاب المعزول محمد مرسي رئيساً للجمهورية سلم المجلس القوات الحكم رغم كل ما قيل حول رغبة العسكر في الاستمرار في الحكم. وعندما بدأت سيول التهديد تنهال علي الشعب المصري تحذر كل من تسول له نفسه التمرد علي حكم الإخوان كان للفريق أول عبدالفتاح السيسي رأي آخر ولا ينسي أحد مقولته الشهيرة "نموت أحسن ولا حد يهدد شعب مصر" والتي كانت نقطة البداية التي جعلت الشعب المصري يتنبأ بأن هناك قائداً من طراز فريد ينتظره الشعب بعد سرقة ثورته في يناير. وعندما هب الشعب ليرفض حكم الإخوان وقامت ثورة يونيو قام الفريق السيسي بالاستجابة لنداء الوطن وأكد أنه لا يمكن للقوات المسلحة أن تغض الطرف عن مطالب الشعب واستجابت القوات المسلحة للشعب وانحازت لإرادته وخرج الفريق السيسي في مشهد أسطوري في 3 يوليو ليعلن للشعب المصري خارطة الطريق لإصلاح مسيرة الوطن الذي ضل خطاه عقب ثورة يناير لتثبت القوات المسلحة أن رجالتها لا تتغير وأن لها وجهاً واحداً لا يتغير وهو الوجه الوطني الخالص الذي لا يهدف سوي خدمة الوطن. بعد قيام ثورة يناير 2011 تعاقب علي رئاسة الجمهورية رئيسان أولهما كان الرئيس المعزول محمد مرسي الذي صعد إلي كرسي الرئاسة بانقسام شعبي كبير حيث فاز بنسبة 73.51% أمام الفريق أحمد شفيق في جولة الإعادة وبدلاً من أن ينحاز للشعب وإرادته تركه وانحاز لجماعته وبدأ مسلسل تمكين الإخوان في الدولة فما كان إلا أن انقلب الشعب عليه ولفظه ورفض حكمه بعد نحو عام وقامت ثورة يونيو لتكتب نهاية لحكمه وأعلن الفريق السيسي في 3 يوليو اختيار المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتاً للبلاد خلال الفترة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد وهو ما قوبل بترحيب كبير من جانب الجميع واعتبر أولي خطوات الإصلاح. مصر لن تعود للخلف مرة أخري وليس هناك أحد فوق القانون بعدما ترسخت خلال الثلاثة أعوام الماضية قاعدة لا يمكن العدول عنها بأن محاكمة رئيس الجمهورية لم تعد بعيدة المنال ولابد أن يفكر العازمون علي الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية ألف مرة لأن هناك رئيسين يخضعان للمحاكمة خلال 3 أعوام. المحاكمة الأولي أعقبت ثورة يناير كانت من نصيب الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك والذي تم الحكم عليه بالمؤبد في يونيو 2012 ثم قبلت محكمة النقض في 13 يناير من العام الماضي قبول طعني النيابة العامة ودفاع مبارك وقضت بإلغاء جميع الأحكام الصادرة بالبراءة والإدانة بالقضية وتقرر إعادة محاكمته وجميع المتهمين.. وعلي صعيد اتهامه بالعديد من القضايا أمر المحامي العام لنيابة الأموال العامة في 20 يناير 2013 بحفظ التحفيقات في البلاغ المقدم ضده بتسهيل الاستيلاء علي حقول الغاز الطبيعي وقررت محكمة جنايات القاهرة انهاء أمر منعه من السفر ونجليه وزوجته ثم تم اخلاء سبيله في قضايا عدة كان آخرها في 21 أغسطس بإخلاء سبيله في قضية هدايا الأهرام بعد أن سدد مبارك نحو 18 مليون جنيه إلا أنه صدر قرار في اليوم نفسه بوضعه قيد الإقامة الجبرية بموجب حالة الطوارئ واستمرت جلسات المحاكمة بعد ذلك. أما محاكمة القرن الثانية فكانت من نصيب الرئيس المعزول محمد مرسي ففي 24 أكتوبر الماضي أحالته النيابة العامة إلي محكمة الجنايات لاتهامه بالتحريض علي القتل وأعمال العنف خلال المظاهرات التي جرت أمام قصر الاتحادية نهاية 2012 وبالفعل ظهر مرسي في قفص المحاكمة وكانت أولي جلساته أمام محكمة جنايات القاهرة في 4 نوفمبر ويبدو أنه لن يكون الظهور الأخير ولا القضية الأخيرة. بعد قيام ثورة يناير وتولي المجلس العسكري زمام الأمور بالبلاد ظلت مصر تدار بالإعلانات الدستورية فترة تقترب من العامين ثم كان إقرار دستور 2012 الذي تم التصويت عليه فجراً تحت ضغط الجماعة التي عاندت الجميع وأرادت أن تستأثر بالسلطة رغماً عن أنف الجميع وبعد تناحرات وشد وجذب شهدتها لجنة اعداد الدستور اعتراضاً علي أساليب جماعة الإخوان داخلها مما دعا كثير من أعضاء اللجنة للإنسحاب منها واستمرت في عملها بالاحتياطيين وفي 15 و22 ديسمبر عام 2012 تم اقرار دستور بنسبة 63%.. وفي الأول من سبتمبر أعلنت رئاسة الجمهورية أسماء لجنة الخمسين المرشحة لتعديل الدستور وتم انتخاب عمرو موسي رئيساً لها وفي 30 نوفمبر الماضي أعلن موسي. رئيس لجنة أن اللجنة استمعت إلي 91 هيئة ونقابة وجهات ممثلة لكافة قطاعات المجتمع. واستغرقت 270 ساعة في العمل علي مسودة الدستور ثم انتهت من التصويت عليه بموافقة أغلبية الأعضاء في الأول من ديسمبر وفي 14 ديسمبر أعلن الرئيس منصور قراراً جمهورياً بدعوة الناخبين للاستفتاء علي الدستور الجديد في 14 و15 يناير 2014. وقد تم اقرار الدستوربقبول منقطع النظير بعدما قال الشعب كلمته بنعم بنسبة 1.98% لتبدأ مصر مرحلة جديدة من خارطة الطريق. ظلت نحو ثمانين عاماً تعمل تحت الأرض وتقنع المصريين بأنها الجماعة المظلومة المضطهدة وبعد قيام ثورة 25 يناير قفزت الجماعة علي رأس الحكم وعدلت عن وعودها بأنها لن تستحوذ علي أكثر من 30% من مقاعد مجلسي النواب والشوري وخلفوا وعدهم ووعدوا بعدم المنافسة علي كرسي الرئاسة وخالفوا وترشح خيرت الشاطر ومن بعده مرسي. ثم كان الوعد بالمشاركة لا المغالبة في لجنة صياغة دستور 2012 ثم كانت المغالبة شعارهم فاستحوذوا علي كل شيء دون تقديم أي شيء للوطن. ومع اقتراب نهاية العام المنقضي وبعد تفجيرات الدقهلية أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية. ثم كان الاستفتاء علي الدستور الذي شهد حضوراً فاق ما سبقه وتأييداً منقطع النظير ليدق المسمارالأخير في نعش الجماعة التي قتلت نفسها سياسياً ولفظها الشعب ففقدت الشرعية الشعبية والسياسية.