مصر كلمة محببة إلي قلوبنا.. كلمات نسمعها علي لسان كل الايرانيين من أصغر مواطن إلي أكبر مسئول.. أثناء زيارتنا إلي العاصمة طهران وغيرها من المدن الكبري مثل اصفهان وقم وغيرها تجد ولهاً غير عادي بمصر وشعب مصر.. الايرانيون حريصون لأقصي درجة علي عودة العلاقات الرسمية بين البلدين مؤكدين علي ألسنة المسئولين انه لا خلاف ولا تنافس بين البلدين وان ايران تحترم وتقدر الدور المصري في حماية الاسلام والمسلمين وتريد أن تري مصر القوية مرة أخري لأن في هذه القوة حماية للعرب وللعالم الاسلامي من المخاطر التي تحيط به من كل مكان. هذه الكلمات سمعها الوفد الصحفي المصري في كل مكان اثناء زيارته للعاصمة الايرانية.. وإلي بعض التفاصيل وعندما التقينا محمد حسن أبو ترابي نائب رئيس مجلس شوري الجمهورية الاسلامية "البرلمان الإيراني" في لقاء امتد لفترة أكبر من تلك المحدد لها استفاض الرجل في الحديث عن مصر مؤكدا ان ايران تنظر نظرة خاصة لهذا البلد الذي تعتبره اكبر بلد في المنطقة وقارتي افريقيا وآسيا.. بلد يمتلك حضارة عريقة ذات خلفية عظمي مشيرا إلي ان بامكان مصر ان تلعب دورا مهما في الفترة القادمة كما كانت دائما في مجال تعزيز قوي الاسلام وانتشار الديمقراطية وتحدي النظام السلطوي العالمي والنظام الصهيوني. أضاف أن العلاقة مع مصر تمتلك أهمية خاصة وان مستقبل مصر في ظل ما تملكه من عقول ذكية وموارد وقدرات يبشر باستعادتها لهذا الدور مؤكدا ادانته وإدانة البرلمان الايراني وبلاده لكل مظاهر واحداث العنف والارهاب التي تحدث في مصر متهما الواقفين وراء تلك الاحداث والمحرضين عليها ومرتكبها بانهم عملاء للموساد والمخابرات المركزية الامريكية وهي الاجهزة والجهات التي لا تريد الاستقرار لمصر والمنطقة وتريد افساح المجال لسيطرة امريكا علي البترول العربي وابقاء منطقة الشرق الاوسط سوقا لتصريف منتجاتها واسلحتها وفي نفس الوقت افساح المجال لاسرائيل لتكون أكبر قوة في المنطقة قادرة علي اكتساح البلاد العربية والاسلامية في ساعات وايام قليلة. نائب رئيس البرلمان الايراني شدد علي أن بامكان مصر والبلاد العربية والاسلامية الاستفادة من القوة النووية الايرانية للأغراض السلمية وان ايران تضع هذه القوة تحت أمر مصر والدول الاسلامية من أجل استخدامها في مجال الطاقة والاغراض الطبية وغيرها من المجالات مشيراً إلي أن ايران عندما تعرض هذا الأمر فإنها تؤكد ان امتلاكها لهذه القوة لن يكون أبداً خطر علي دول الجوار خاصة دول الخليج موضحا ان دول الغرب تستخدم تلك النغمة كفزاعة لتخويف دول الخليج من ايران. وبمناسبة البرلمان الايراني فقد دعا سماحة الشيخ أبو ترابي الوفد الصحفي المصري لحضور جلسة يعقدها مجلس الشوري لمناقشة الميزانية وبالفعل لبينا الدعوة وحضرنا جانبا من الجلسة والمناقشات وعندما هممنا بالخروج أصر الرجل علي قطع جلسة مجلس الشوري وتوجيه تحية خاصة إلي مصر وصحافتها وهو الامر الذي استقبله جميع الأعضاء بالتصفيق والتحية واستغرق الامر دقائق كثيرة وسط مطالبات من العديد من الاعضاء بالتحدث لتوجيه التحية إلي مصر وشعبها.. وهي لفتة تدل علي مدي الشغف والولع والتقدير والاحترام لمصر. ولاياتي وحب مصر * علي أكبر ولاياتي مستشار قائد الثورة الايرانية ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بمجمع تشخيص النظام حاليا.. ووزير الخارجية الاسبق والأشهر في تاريخ الثورة الايرانية لم يختلف حديثه عن سابقه نائب رئيس مجلس الشوري الايراني مرحبا بأخوته من مصر الشقيقة مشيراً إلي العلاقات الوطيدة التي كانت تربط بين البلدين ومازالت تربط بين الشعبين مؤكدا ان كلا البلدين قامتا بأداء خدمات جليلة للاسلام والدين الاسلامي متمنيا بداية صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين مشددا علي انه لا توجد أية عوائق امام عودة العلاقات وتوطيدها وأن مصر وايران ركنان اساسيان في العالم الاسلامي ولديهما قواسم مشتركة كثيرة ويعتقد انه آن الأوان لجلوس المسئولين السياسيين رسميا لإعادة العلاقات لأن في ذلك نفعا كبيرا للبلدين ولشعبيهما مشددا علي ان الشعب الايراني يرغب في التواصل مع اشقائه في مصر وان ايران تتفهم ما حدث في 30 يونيو وتحترم ارادة الشعب المصري وتري أن الاستفتاء علي الدستور الجديد خطوة إلي الأمام تصب في صالح هذا الشعب الذي من حقه في النهاية ان يقرر ما يريد ويفرض ارادته. دور الإعلام * د. انتظامي نائب أول وزير الثقافة والاعلام الايرانية شدد علي أن مصر القوية سند لايران وغيرها من الدول الاسلامية للوقوف امام الأخطار التي تتعرض لها الأمة الاسلامية مشيرا إلي أهمية دور وسائل الاعلام والثقافة في التقريب بين الشعوب الاسلامية وعدم الوقوع في فخ تأجيج الخلافات وإثارة النعرات الطائفية مشيرا ايضا إلي أن السياسة الاعلامية والثقافية الايرانية الرسمية تركز علي هذا البعد وان توجيهات الرئيس روحاني تشدد علي أهمية تهيئة الأجواء لهذا الاتجاه. * محمد خوادي مدير عام وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء أكد أن مصر كلمة محببة ومعروفة لدي ملايين الشعب الايراني وان الواجب الوطني الاسلامي يحتم تقوية العلاقات بين البلدين مشددا علي أهمية فتح الجسور والابواب بين البلدين حتي نعرف بعضنا البعض جيدا وبشكل مباشر وليس عن طريق طرف ثالث مشيرا إلي وجود رؤية جديدة لدي الرئيس روحاني تشدد علي أهمية توفير أرضية مشتركة لتعزيز التعاون في المنطقة والعالم متمنيا ان يتم في الفترة المقبلة افتتاح مكتب لوكالة الانباء الايرانية في القاهرة حتي يمكن الحصول علي المعلومات الحقيقية عن مصر الثورة بعيدا عن وكالات الانباء والمحطات الفضائية الاجنبية التي تتعامل مع الاوضاع في مصر بطريقة انتقائية وتنشر فقط اخبار حوادث العنف والارهاب والتفجيرات وتصور الأمور علي أن مصر تعاني من صراعات داخلية وحرب أهلية وهو الامر الذي يضع وسائل الاعلام الايرانية في موقف لا تحسد عليه بل ويتهمها البعض بنقل صورة غير حقيقية عن الاحداث في مصر مخالفة للواقع الفعلي موضحا أنه للتغلب علي تلك الاوضاع مؤقتا صدرت التعليمات للمسئولين عن الوكالة بالبحث عن أخبار جيدة عن مصر لنشرها بجوار احداث العنف التي ترسلها الوكالات والفضائيات الاجنبية. وللسفير المصري كلمة * السفير خالد عمارة رئيس بعثة المصالح المصرية في طهران أكد هو الآخر ان هناك اسباباً استراتيجية تدفع في اتجاه ان يكون هناك تعاون وتنسيق ورؤية مشتركة بين مصر وايران وانه آن الأوان لإعادة صياغة العلاقات بين البلدين وفي المنطقة بأسرها مشيراً إلي أن ايران جاهزة ومستعدة وتنتظر مصر بعد ان غاب دورها خلال فترة حكم الرئيس الاسبق حسني مبارك عربيا واقليميا واسلامياً وعلي مستوي دول عدم الانحياز مما نتج عنه خلل في كل المناطق مؤكدا انه آن الأوان لعودة مصر الي مكانتها واستعادة دورها الاقليمي والاسلامي والعربي والدولي مشيرا إلي أن الدول الغربية بدأت من الآن في مغازلة إيران للاستفادة من الاستثمار في ايران بعد الاتفاق النووي الاخير وقرب رفع الحظر عنها مؤكدا اهمية اغتنام تلك الفرصة وعدم اضاعتها كما أضعنا الفرص بعد حرب تحرير الكويت وإعادة اعمار العراق. السفير عمارة شدد علي أن عودة العلاقات مع إيران لن تكون علي حساب أي دولة أخري بالمنطقة وتحديداً ليس علي حساب دول الخليج بل سيكون في صالح الجميع وان ايران تحكمها نظرة استراتيجية في التعامل مع مصر القوية دون أي تدخل في الشئون الداخلية لمصر وغيرها من الدول وعلينا اختبار تلك النوايا الحسنة دون التشكيك فيها مؤكدا أن الدولتين ترفضان الصراع المذهبي علي المستويين الرسمي والشعبي وأن هناك أجواء جديدة بعد انتخاب الرئيس روحاني الذي يتبني توجها جديدا معتدلا داخل الثورة الايرانية يقوم علي مباديء الانفتاح علي العالم وطي صفحات الماضي وحل المسائل الشائكة والتقارب. أوضح السفير عمارة انه يمكن الاستفادة من الاتفاق النووي الايراني مع دول ال 5 « 1 في الضغط علي اسرائيل لإخلاء منطقة الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل. ملاحظات مهمة بعيداً عن اللقاءات الرسمية يهمني التوقف أمام عدة ملاحظات ونقاط مهمة. * النقطة الأولي أثناء زيارتنا لمتحف الدفاع المقدس الذي أقامه الايرانيون علي مساحة شاسعة في طهران تضم غنائم الحرب العراقيةالايرانية وصور الشهداء ونماذج محاكاة للحرب وطبيعتها وهو المتحف الذي يماثل بانوراما حرب أكتوبر لدينا مع الفارق في المساحة لفت نظري ان المرشدين والمصاحبين لنا في الجولة من الايرانيين لم يستخدموا علي الاطلاق لفظ الحرب العراقيةالايرانية بل انهم يطلقون عليها الحرب الصدامية.. نسبة إلي صدام حسين.. وعندما سألتهم عن السبب قالوا نحن تربطنا علاقات جيدة بالشعب العراقي نريد أن نحافظ عليها ونحن ندرك تماما ان تلك الحرب لم تكن بارادة الشعب العراقي بل كانت بارادة صدام حسين وبالتالي اطلاق اسم الحرب العراقيةالايرانية أسم غير ملائم وغير مناسب علي الاطلاق وغير صحيح بالمرة.. وبالتالي افلت الايرانيون من فخ الحرب العراقية وساهموا بالتسمية الجديدة في تقليل حد الكراهية والبغض للعراقيين بل والقضاء علي تلك الكراهية لدي الايرانيين وهو الأمر الذي تلمسه في زيادة التعاون حاليا بين الشعبين وكأنه لم تكن هناك حرب بينهما والادلة كثيرة تلمسها في تبادل الصادرات والزيارات والاستثمارات. البلديات * النقطة الثانية ان البلديات هي كلمة السر في تطور إيران فالعاصمة طهران مثلها مثل العديد من المدن الكبري مقسمة إلي بلديات أو مراكز حسب تعبيرنا.. لكل بلد به مسئول عنها مهمته تطوير البلدية واقامة المشروعات بها وتدبير الموارد ولذلك عندما تنتقل من منطقة الي منطقة في طهران العاصمة أو غيرها من المحافظات والمدن تجد المشروعات العملاقة إلي جانب تنمية ودعم الصناعات الحرفية والقائمين عليها وتطوير المناطق العشوائية وتقديم الخدمات المجانية وإقامة الحدائق والمتنزهات والنظافة التامة. * النقطة الثالثة عندما تذهب إلي المنطقة التي تحتوي علي قصور شاه ايران السابق المقامة علي مساحة نصف مليون متر مربع وتضم 18 قصرا تصاب بالذهول من عدد القصور وفخامتها إلا أن الامر الجيد ان الايرانيين استفادوا من تلك القصور كمزار سياحي يدر عليهم الملايين بعد ان حرم الخوميني علي المسئولين الايرانيين سكن هذه القصور باعتبارها ملكا للشعب. * النقطة الرابعة تتعلق بالسياحة الداخلية التي نحاول نحن تنشيطها دون جدوي فقد نجح الايرانيون فيها بامتياز والفضل للأمام الخوميني الذي استن سنة حميدة حينما قرر انه عندما يكون هناك يوم إجازة يعقبه بعد يوم إجازة أخري فيعطي المواطنين اليوم الذي في المنتصف إجازة هو الاخر علي أن يذهب المواطنون للمناطق السياحية والدينية ويعطي كل مواطن 60 لتر وقود مجانا لتشجيعه علي السفر وبناء علي نصيحة الخوميني لا يقوم المواطن بحمل ما يريده من طعام وشراب أثناء رحلة السفر التي تمتد لمئات الكيلو مترات بل عليه أن يقوم بالشراء من القري التي تقع علي الطريق مما يساهم في انعاش هذه القري وزيادة دخلها. * النقطة الخامسة.. لعلك عزيزي القاريء تتساءل عن العنوان الذي يوجد أعلي تلك الرسالة وهو انقلاب ايران.. وانقلاب مصر وقبل أن تستمر الدهشة ويساء التفسير والتأويل أقول لك باختصار شديد ان كلمة انقلاب تعني بالايرانية ثورة ولذلك تجد في العديد من الشوارع ميدان الانقلاب وشارع الانقلاب.. اعتقد أن الصورة أصبحت واضحة الآن.. وللعلم الثورة الايرانية نجحت في تعليم 99% من التلاميذ والسيدات ووضعت نظاماً صحياً محل إشادة للعالم وامتلكت القوة النووية عقبالنا يارب. يتبقي الحديث عن التشيع ومحاولات ايران لنشر التشيع والمخاوف من السياحة الايرانية لمصر.. والاتفاق النووي الايراني مع أمريكا ودول العالم وصحة وجود بنود سرية في هذا الاتفاق.. وهل هذا الاتفاق يتناقض مع المواقف الايرانية والسيادة الوطنية وهل يساعد هذا الاتفاق علي سباق التسلح النووي في المنطقة.. وماهي طبيعة العلاقات الايرانية الحالية مع دول الخليج ولكن هذا كله موضوع رسالة أخري فإلي اللقاء.