أعود إلي حديث قناة البحرين الأحمر والميت. وقعت الدول الثلاث اسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية اتفاقية لإنشاء القناة بوعود كثيرة قدمتها اسرائيل وبصرف النظر عن تحذير الباحث الاستراتيجي العربي نبيل نيلي ان من لا يملك وقع مع من لا حق له. فالمعروف ان حلم مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل بإنشاء قناة تصل البحرين الأحمر والميت قد باركت الولاياتالمتحدةالأمريكية تحقيقه وموله البنك الدولي بحيث تمد أربع أنابيب بين البحرين طولها 180 كيلو مترا. تنقل مائة مليون متر مكعب من المياه سنويا من البحر الأحمر إلي البحر الميت وتقام محطة تحلية عملاقة للمياه في مدينة العقبة الأردنية لتوزيع المياه المحلاة علي الأطراف الثلاثة. كلام جميل حتي لو كانت اسرائيل هي الطرف الثالث في الاتفاقية.. لكن الحقائق التي رافقت خطوات ما قبل التوقيع تستحق المراجعة والتأمل. قررت شركة فايتنر الهولندية العملاقة للمياه انهاء التعاون بينها وبين شركة ميكروت الاسرائيلية بعد أن بات من الصعب والقول للشركة الهولندية أن تعمل الشركتان معا في مشروعات مستقبلية لأنه لا يمكن النظر إليها خارج السياق السياسي وأردفت فايتنر في بيانها ان الشركة تولي الكثير من الأهمية وتلتزم بالقوانين والأنظمة الوطنية والدولية وشرح بيان الشركة الهولندية تولته وسائل الاعلام في بلادها حيث أكدت تلاعب اسرائيل في حصص الفلسطينيين من المياه وأشار البنك الدولي إلي أن ثلث المدن والقري الفلسطينية غير مرتبطة بشركة توزيع المياه. أما الدواعي الانسانية التي أعلن الموقعون العرب والاسرائيليون انها وراء الاتفاقية فيلغيها استيلاء الكيان الصهيوني علي نحو ضعفي حصته من المياه المتفق عليها في اتفاقيات أوسلو سنة .1995 علي الرغم من مناصرة هولندا لإسرائيل فإن الدواعي السياسية وليست الانسانية هي التي دفعت الشركة الهولندية إلي الانسحاب من المشروع. فالمشروع سينفذ علي الأراضي الأردنية دون المساس بأراضي اسرائيل وتمتد أخطار المشروع من حصص المياه المخصصة للفلسطينيين إلي خليج العقبة الذي تطل عليه مصر والعربية السعودية وما يحملة من إخلال في التوازن البيئي والأحياء المرجانية والسمكية إلي جانب التهديدات التي يمثلها المشروع في توسعاته المرتقبة إلي قناة السويس ولعلي أذكر بأن هرتزل تبني المشروع كبديل للقناة المصرية. عودتنا اسرائيل أن تضع خبث شايلوك علي الجانب الذي تجلس إليه في مائدة المفاوضات وما يتسرب من ثقوب الغربال تكفل الممارسات الصهيونية افساده أو الاستيلاء عليه والوقفات كثيرة منذ اتفاقيات الهدنة التي خرقت عقب توقيعها ثم في الاتفاقيات التالية التي أفرغتها اسرائيل عند التطبيق من بنودها وإذا كان مشروع قناة البحرين قد ظل لأعوام طويلة مجرد أحلام ومساع اسرائيلية فإن أول ما يجدر بحكومتنا الرشيدة أن تدرس الاتفاقية من كل جوانبها وتضع الاحتمالات والتوقعات وتنتهي إلي نتائج تستخلص الحقائق التي نقرها ان جاءت في الصالح العربي ونرفضها ان اقتصرت علي الصالح الاسرائيلي. لا نريد سد نهضة جديداً!