لدينا علي الطبيعة وقائع مذهلة لفيلم أو مسلسل من أعمال الجاسوسية ليس مسبوقاً في التاريخ المصري أو تاريخ الدراما أو السينما بشكل عام.. أشير بوضوح إلي جريمة التخابر التي تورط فيها الرئيس محمد مرسي الذي حكم مصر عام واحد و"سوا الهوايل" فما يتكشف حتي الآن فيض من مشاهد الأكشن التي يمكن لإمكانيات التكنولوجيا الحديثة ان تعيد انتاجها بنفس القوة والصخب والوقع المدوي المذهل لو تم تمويل العمل بنفس السخاء الذي كشفت عنه الحادثة الأصلية وأشير بوضوح مرة ثانية إلي قطر الجزيرة. وحماس وحزب الله.. وتحديداً إلي ما جري من أحداث أثناء الهجوم علي السجون وإخراج المسجلين خطر من عتاة المجرمين ومن الشخصيات الضالعة في التنظيمات الإرهابية التي ترفع لافتات المقاومة المسلحة والتي وضح من الأحداث أنها ليست مقاومة للعدو إلا إذا كان ما نراه تعتبره الجماعة فصولا في الحرب ضد إسرائيل أو ضد التآمر الصهيو - أمريكي!! الدراما تتكشف فصولها الآن أمام العالم أجمع وما يتم تدبيره بهدف إعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط..لم يعد في حاجة إلي دليل أقوي مما نراه! فلأول مرة في التاريخ حسب معلوماتي يُتهم رئيس دولة بالتخابر والتآمر علي وطنه.. ولأول مرة في التاريخ المنظور يخرج متهم وجاسوس من الزنزانة إلي قصر الرياسة"!!" الدراما في هذه الأحداث مُوجعة بقدر ما هي مدهشة والشخصيات حية ومتكاملة والجماعات الضالعة وافرادها من قوي الإرهاب الأسود جديرة بأعمال فنية تصورها وتكون من الإنتاج الضخم. وفي تصوري أن السينما العالمية لن تفوتها الفرصة وسوف تنجز ربما ما لم تقو عليه شركات الإنتاج المحلية رغم ان القوي الوطنية العظيمة هي التي كشفت المخطط وابطل مفعولها الشعب حين ثار في موجات هادرة من البشر وحماها الجيش.. هذه الدراما ستنقل إلي الشاشة يقينا ولكن من وجهات نظر التنظيم الدولي في الأغلب!! الخيال غير الحقيقة ولكن هذه من المرات القليلة التي تتفوق فيها الحقيقة ويبدو الخيال محدوداً إلي جوارها. السينما المصرية عرفت أفلام الجاسوسية وان بدت اعدادها قليلة إلي جانب الملفات والانجازات البطولية المدهشة التي تملكها أجهزة المخابرات المصرية منذ التي تأسست عام ..1954 ومن يتشكك في حجم هذه البطولات وعبقريتها التي تكشف عن عقول المصريين الفذة وخيالهم الرحب.. ليس عليه سوي متابعة ما يتسرب حالياً من نشاطاتها في كشف قضية التخابر أي التجسس وإلقاء الضوء علي تاريخ نشاطات الجماعة الخفي والعضو البارز فيها الذي صار رئيساً لمصر في وقت حالك اختلط فيه الحابل بالنابل وعلت نبرات التهديد وتغولت الجماعة الارهابية وباتت أورامها الخبيثة والقاتلة في جسد المجتمع بما لا يتصوره عقل أي مصري. ومثلما اتضحت مظاهر العمالة والتبعية لقوي الاستعمار الغربي وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة. أهم أفلام الجاسوسية فيلم "الصعود إلي الهاوية" للمخرج كمال الشيخ عن سيناريو ماهر عبدالحميد المقتبس بتصرف من قصة الجاسوسة هبة سليم الطالبة الجامعية التي انحرفت وارتضت ان تخون وطنها اثناء تلقيها العلم في باريس بل وقامت بجر خطيبها ضابط الجيش إلي نفس الطريق والتعاون مع إسرائيل. والفيلم برغم الحبكة المحكومة درامياً والشخصيات المنطقية المستوحاة من الواقع وأيضاً برغم اليقظة اللافتة لجهاز المخابرات المصرية وقدرته علي الكشف السريع والتتبع النابه لحالات السقوط في بئر الخيانة والتجسس لحساب العدو.. رغم هذا كله يظل عملاً متواضعاً أمام ما نتابعه الآن بشغف كبير علي شاشة التليفزيون بينما نشاهد وقائع الأحداث والتحقيقات وحيثيات القضية من خلال أوراق الباحثين وشهادة العسكريين الاستراتيجيين وما ينشر في الصحف من براهين وصور علي الشاشة ومن فيديوهات تصور جرائم القتل التي يتم فيها تصفية أحد الشهود من رجال أمن الدولة "محمد مبروك". وفي قائمة الأعمال التي تنتمي إلي نوعية أفلام الجاسوسية فيلم "الجاسوسة حكمت فهمي" الذي كتب له السيناريو بشير الديك وأخرجه حسام الدين مصطفي وأدت الشخصية الرئيسية نادية الجندي.. لاحظ أننا ازاء جواسيس إناث والآنسة هذه المرة راقصة حكمت فهمي "24 نوفمبر 1907 - 1974" عملت ممثلة وراقصة وجاسوسة لصالح ألمانيا النازية ضد الحلفاء أيام الحرب العالمية الثانية أي انها امرأة مركبة ومتعددة الابعاد من النوع الذي يرضي طموح الممثلة نادية الجندي ومؤهلات المخرج حسام الدين مصطفي. والفيلم في نهاية الأمر عمل تجاري ترفيهي أكثر منه عمل وطني المقصود منه إثارة الانتباه إلي قوة حضور جهاز سيادي فعال يلعب دوراً لا غني عنه في حماية الأمن القومي انهم رجال يملكون المعلومات والسلاح والبحر والسماء والقدرة الذهنية والدهاء المخابراتي. ومن هذه النوعية المهمة التي لم تحتل من الإنتاج المصري سوي نسبة ضئيلة جداً. فيلم "فخ الجواسيس" للمخرج أشرف فهمي وتأليف إبراهيم مسعود.. وقبل ذلك فيلم "الجاسوس" "1964" الذي قام ببطولته عادل أدهم وحسين الشربيني وفريد شوقي ولعل أهمية "الجاسوس" أنه من أوائل الأفلام التي عالجت موضوع الجاسوسية وقد اجتهد نيازي مصطفي ان يضفي عليه الكثير من الاثارة والحركة وان يستعين بممثلة أجنبية "آن سامرز" لاضفاء قدر من المصداقية علي الأحداث. جذبت موضوعات الجاسوسية مخرجي أفلام الحركة "أكشن" بشكل خاص. مثل حسام الدين مصطفي الذي قدم عام 1967 فيلم "جريمة في الحي الهاديء" المأخوذ عن حادثة حقيقية وهي اغتيال اللورد موين في الزمالك عام 1944 بسبب معارضته للحكومة الانجليزية الموالية للصهيونية والفيلم مثل جميع أفلام الجاسوسية التي انتجت عندما يتحول إلي عمل بوليسي حركي اثاري يبتعدعن الحقائق ويعجز عن إعادة إنتاج الحدث الفعلي باجوائه التاريخية. وتفاصيله معتمداًعلي حبكة اثارية تقليدية. نفس الحبكة اعتمد عليها مؤخراً فيلم ينتمي إلي نفس النوعية بعنوان "أولاد العم" للمخرج شريف عرفة الذي اعتبره شخصياً عملا جيداً ويستحق التشجيع لانه أيقظ من جديد مسألة الصراع العربي - الإسرائيلي بعد معاهدة السلام التي اعتبرت ان حرب أكتوبر هي آخر الحروب مع العدو الإسرائيلي. وطبعاً لم يخطر علي البال ان تدخل "حماس" حركة المقاومة "الإسلامية" علي خطوط الصراع وتنضم إلي مقاومة الشعب المصري وتقف ضد ثوراته التحريرية ومنها التحرر من جماعة الإخوان وإرهاب ما يسمي بالإسلاميين. فالصراع العربي لم يعد ضد إسرائيل فقط وانما ضد من يقفون معها في نفس المربع: الجماعات الإسلامية المسلحة. "ولاد العم" يضع المخابرات المصرية في الخطوط الأولي للمقاومة ضد العدو ومن خلال عمل مشوق ومثير لمخرج من أفضل مخرجي السينما المصرية الموجودين الآن بقوة علي الساحة شريف عرفة - حرب المعلومات أحد أهم أسلحة الحرب الدائرة الآن اضف اليها حرب الشائعات!! هناك حكايات كثيرة جداً في ملفات المخابرات لم تخرج بعد إلي النور ومنها ملف عالمة الذرة سميرة موسي التي تؤكد بعض المصادر ضلوع الممثلة المصرية اليهودية راقية إبراهيم في تصفيتها لحساب الموساد الاسرائيلي وبالتعاون معه. والمعروف ان اسم راقية إبراهيم الحقيقي هو راشيل ابراهام ليفي "1919 - 1978" وانها هاجرت إلي الولاياتالمتحدة 1954 بعد طلاقها من زوجها المهندس مصطفي والي ثم زواجها في أمريكا من يهودي وحسب تصريحات حفيدة هذه الممثلة التي نشرتها بعض الصحف المصرية ان جدتها تعاونت مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي لاغتيال سميرة موسي وان هذه الحقيقة مأخوذة من واقع مذكراتها التي تم العثور عليها بعد وفاتها وتؤكد الحفيدة واسمها - ريتا ديفيد توماس - ان جدتها "راشيل" كانت تربطها صداقة حميمة بعالمة الذرة المصرية وانها استطاعت ان تسرق مفتاح شقتها وتعطي نسخة منه للموساد. ان "الملفات" بالتأكيد أكثر مما نتصور وقد استطاعت الدراما التليفزيونية ان تستعين ببعضها وان تعالجها درامياً في مسلسلات تعتبر من أنجح ما قدمه التليفزيون المصري ويكفي ان نذكر اسماء "رأفت الهجان" و"دموع في عيون وقحة" وأعمال أخري ليست بنفس القوة وان احتفظت بالاهمية الموضوعية مثل "الحفار" و"العميل 191" و"السقوط في بئر سبع" و"الثعلب" ومسلسل "وادي فيران" و"حرب الجواسيس". يظل رغم القوة والجماهيرية الكاسحة لبعض هذه الأعمال. يظل مسلسل "سقوط مرسي" اكثرها إثارة للدهشة وللتساؤل: كيف يسقط رئيس مصري وعضو جماعة إسلامية في فخ الجواسيس وبئر الخيانة ويطل علينا وعلي بني وطنه بهذه العيون الوقحة؟؟