علي شاشة رمضان.. تواجد مسلسل «الصفعة» بين المسلسلات الجديدة التي رأيناها في موسم الاعمال الجديدة الأكبر، لم يتوقف عنده الكثيرون بنفس الاهتمام واللهفة التي كانت لأعمال سابقة من نفس النوع، الذي نسميه المسلسلات الوطنية، أو «أعمال الجاسوسية» أو «المخابرات العامة» وكل هذه الاسماء وجوه لعملة واحدة هو المسلسل التليفزيوني المأخوذ عن إحدي البطولات التي قام بها مصريون ضد العدو الإسرائيلي، سواء كانوا ينتمون لجهاز الأمن القومي (المخابرات العامة المصرية) أو لا ينتمون إليها ولكنهم وضعوا انفسهم تحت إدارتها طوعا وتوحدوا معها من أجل الوطن.. في هذا الإطار نتذكر مسلسلات «دموع في عيون وقحة» وبطله عادل إمام أما البطل الحقيقي فهو المواطن أحمد الشوان الذي توفي في العام قبل الماضي فقط، ونتذكر أيضا «رأفت الهجان» بأجزائه الثلاثة والذي كشف بعدها عن بطله الحقيقي رفعت الجمال وظروفه وعائلته.. إلخ، كان العملان للكاتب المبدع صالح مرسي والمخرج الكبير يحيي العلمي واللذين جعلا من هذه الأعمال متعة فنية بجانب تعبيرها عن أجزاء من الصراع ضد العدو، بعدها جاءت مسلسلات «الثعلب» و«الحفار» و«السقوط في بئر سبع» الذي قدمت ولأول مرة قصة جاسوسية زوجية هما «إبراهيم وانشراح»، ثم جاء مسلسل «العميل 1001» عام 2005 ليجتذب جيلا جديدا من صناع الدراما مثل المخرجة شيرين عادل والممثل مصطفي شعبان، وبعده اجتذب هذا النوع من الأعمال الكاتب بشير الديك والمخرج نادر جلال فقدما معا «حرب الجواسيس» عام 2007 وكانت البطولة لشريف سلامة ومنة شلبي وإبراهيم يسري وبعدها قدما «عابد كرمان» عام 2009 بطولة تيم حسن وإبراهيم يسري وكان آخر ما رأيناه من هذه الأعمال قبل ثورة يناير 2011، قبل أن نري «الصفعة» عام 2012 لمؤلف جديد هو أحمد عبدالفتاح عن قصة اللواء جلال شاهين وأيضا لمخرج جديد علي مسلسلات الجاسوسية وإن كان من كبار مخرجي الدراما في التليفزيون المصري وهو مجدي أبوعميرة، و الحقيقة أنه مع هذه الفرجة الكبري لأعمال كثيرة تتصارع للفوز باهتمام المشاهد فإن «الصفعة» لم يكن من بين الأعمال التي تنافس في المقدمة، ليس بين جمهور «الفن»، ولا جمهور «التسلية»، ولا أدري من الذي فكر في عرض مسلسل «الهجان» بعد رمضان مباشرة – ربما للمرة المئة – ليتيح لنا المقارنة بينه وبين «الصفعة» وهي مقارنة لصالح «الهجان» بالطبع وصناعه وبطله محمود عبدالعزيز، ليس لأننا نحن للماضي الجميل – كما هو المعتاد فيما يخص الأعمال الكلاسيكية التي أحببناها في السينما والتليفزيون، ولكن لأن «الهجان» اعتمد بالفعل علي سيناريو متوازن بين الجوانب الإنسانية والاجتماعية والسياسية مرصع بكثير من المواقف المعبرة عن زمنه، سواء بالنسبة لحياة المصريين واليهود من بينهم في ذلك الوقت، أو حياة بطله الاجتماعية وعلاقاته المؤثرة بأسرته وأخته ثم عملية تجهيزه و«ترويضه» من شاب منفتح إلي آخر منضبط، لكم أحببنا ضباط المخابرات في هذا العمل وعلي رأسهم يوسف شعبان «محسن ممتاز» ومحمد وفيق وغيرهما وجاءت الانتقالات المكانية والتصوير وصناعة المكان وناسه في «إسرائيل» واعتبارهم بشرا يحبون ويكرهون وليسوا كائنات كرتونية، كل هذا دفعنا لنحب العمل كله ونراه مرات ومرات، وعلي ثلاثة أجزاء، ولعل في هذا الوصف تكمن مشكلة «الصفعة» فنحن لم نحب أي شخصية من شخصياته، حتي ضابط المخابرات المصري أدهم الذي قام بدوره بشكل لافت الفنان الصاعد هيثم زكي، إننا طوال الوقت نتابع «جاسوس نطاط» «إيزاك» الذي قام بدوره شريف منير يهرب من مصر مع أمه «هناء الشوربجي» إلي إسرائيل وهناك ينتقل من مكان لمكان، ومن امرأة إلي أخري، لم يستطيع السيناريو رسم شخصية مميزة للبطل «ربما لأنه هنا يمثل الجاسوس والعدو معا باعتباره يهوديا مصريا أصبح صهيونيا»، ولم يستطع إقناعنا بأن إسرائيل هي مجرد كباريه كبير أو كافيه السياه بورال «شيرين رضا» الذي يجتمع فيه كل الأبطال بكل نساء الجيش والمجندات، وحتي حين ذهب الجاسوس في رحلته العربية ليبدأ مهامه لم نندهش أبدا لسقوطه فقد بدا سلوكه تجاه المصريين والعرب لافتا يكاد يقول عكس ما نعرفه عن تدريبات الجاسوس، سلسلة من العلاقات النسائية كانت الأعلي في المسلسل قبل أن تقتحمها ملاحقات الضابط أدهم ورؤسائه وزملائه وحياته الشخصية في إطار دراما لا تسمح لنا بالتعاطف معه مع انحيازنا له المبدئي ولحماسه لكن الحماسة وحدها لا تكفي ولا الإغراق في الخلط بين العلاقات الخاصة والعامة وإرهاقنا بإضاءة قاتمة طوال الوقت سواء علي هذا الجانب أو ذاك.. هل تغير الزمن وفقدت هذه المسلسلات بريقها بالنسبة إلينا، ربما، ولكن المؤكد أن «الصفعة» لم يكن في أحسن حالاته أبدا ولا عيب أن نعترف بأن لكل نوع أساتذته.. والعبرة بالشاشة نفسها.