اعتبرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن أزمة المليشيات المسلحة في ليبيا تهدد تماسك المجتمع الليبي وترابطه التاريخي. وتحول كفة ميزان القوة في المجتمع ليس لصالح الدولة بل لصالح المليشيات. ذكرت الصحيفة إنه أصبح من المقبول تماماً في طرابلس استخدام القوة كوسيلة لتحقيق أهداف معينة. وأصبح ذلك شيئاً يومياً. إذا لم يعجبك شيء فبإمكانك اختطاف رئيس الوزراء لعدة ساعات. أو اختطاف ابن وزير الدفاع بدلاً من ذلك. الحكومة هي التي وضعت نفسها في هذا الوضع. سواء كان ذلك برغبة منها أو بدونها. يكافح اليوم الليبيون والمجتمع الدولي لحل مشكلة الأمن ووقف انجراف البلاد نحو هوة الفوضي وبسرعة. لم يعد هدفهم فقط هو إحياء صناعة النفط وتحويل ليبيا إلي قوة إقليمية في مجال الطاقة. بل لأجل استعادة ما تبقي من الروح الوطنية التي ولدتها انتفاضة عام 2011 ضد نظام معمر القذافي أيضاً. ليست فقط المليشيات المسلحة هي من تدير ليبيا. ولكن توجد أيضاً تشكيلات مختلفة تشرف علي بلدات ومدن عبر البلاد. مما يزيد المخاوف من ظهور شبح التقسيم. يستحيل علي بلاد محطمة حماية حدودها وخطوط الشحن وبنيتها التحتية. ومنها منشآتها النفطية التي يتزايد استيلاء الشخصيات السياسية المحلية عليها. أضافت "فاينانشيال تايمز" بأنه أيضاً تم رصد ظهور. حركات في شرق البلاد وغربها تطالب بالاستقلال الذاتي ضمن هذه الدولة الغنية بالنفط والغاز. بسبب انعدام الثقة بدولة ما بعد القذافي. وما شجعها علي ذلك حالة الضعف التي باتت عليها الدولة. لقد تسبّب انهيار الأمن في البلاد في انخفاض إنتاج النفط من 1.4 مليون برميل في اليوم في بداية السنة الحالية إلي 200 ألف برميل فقط في الوقت الراهن. وقد لقي شخصان مصرعيهما في هجوم شنه مسلحون ليبيون علي مقر اللجنة الأمنية في منطقة بوسليم بالعاصمة الليبية طرابلس. وهز انفجار المنطقة بالقرب من كتيبة تدعي "غنيوة". واندلعت مواجهات بين جماعات مسلحة. كما قتل مجهولون زعيم إحدي القبائل في مدينة درنة . بينما نجا ضابط في الجيش من محاولة اغتيال في مدينة بنغازي شرق ليبيا. حيث تشهد هاتين المدينتين انفلاتا أمنيا واسعا. وخرج آلاف المتظاهرين في العاصمة الليبية طرابلس. داعين الكتائب المسلحة إلي مغادرة المدينة. كما خرجت تظاهرات أخري. في عدد من المناطق الأخري بالعاصمة. تلبية لدعوة رئيس المجلس المحلي لطرابلس بالتظاهر والإضراب. حتي تغادر المليشيات. ويأتي ذلك بعد مقتل وإصابة عشرات الأشخاص الأسبوع الماضي. بإطلاق نار علي محتجين. كانوا يطالبون بخروج كتيبة تابعة لمصراتة من طرابلس. وقد سلمت المزيد من الميليشيات قواعدها للجيش الليبي. وانسحبت من العاصمة طرابلس.