أعتقد أن أمريكا لم تتلق لطمة كتلك التي تلقتها من مصر مؤخراً.. ولا اعتقد ان روسيا لن تكون في قمة نشوتها وسعادتها كما هي الآن.. فإن ماحدث في الأيام الاخيرة من تقارب مصري روسي بعد أكثر من اربعين عاما من خروج الروس من مصر. وعودتهم إليها مرة أخري علي جثة امريكا. متوجة تلك العودة بإتفاقية سلاح قد تكون هي الأعلي في تاريخ روسيا بالإضافة إلي سبل أخري للتعاون بينهما. أمريكا التي استفاقت متأخرة حاولت التأثير علي مصر واثنائها عن اتمام تلك الصفقة. واغرائها بتقديم البديل وهو رفع العقوبات عنها. ولكن جون كيري وزير خارجيتها الذي جاء بتلك المبادرة - المرفوضة -غادر القاهرة بخفي حنين. كان من اهم شروط تلك الصفقة ألا يقتصر التعاون علي بيع الاسلحة لمصر. وإنما يمتد إلي التصنيع المشترك. علي أن تساعد روسيا مصر في إقامة قاعدة لتصنيع أسلحتها محليا. وكذلك عدم تدخل الجانب الروسي في المجالات السياسية المصرية أو الضغط عليها بأي شكل فيما يخص علاقة مصر ببقية الدول. وألا يكون مقابل هذا التعاون أي مطالبات روسية بقطع علاقات مصر مع أي من دول العالم. ولكن امريكا قد غفلت عن هذا وتخيلت انها تستطيع ان تتحكم في مصير أي دولة لمجرد أنها تقوم بمساعدتها. او ابرمت معها اتفاقية توريد اسلحة لها أو بأي طريقة من الطرق للتعاون معها. ولذلك عندما حاول كيري ايقاف الصفقة ابلغته مصر بأن عليهم احترام الشعب المصري وارادته والاعتراف بشرعية الفترة الحالية. كما انها - اي مصر - تريد ان تستفيد من الخبرتين الأمريكية والروسية معا. فمتي تستفيق امريكا وتتخلي عن غرورها وغطرستها وتدرك ان الدوائر ستدور بها وسيأتي الوقت الذي ستصبح فيه اسدا عجوزا ونسرا اصابه الوهن لايستطيع حتي التحليق ابعد من موقع قدميه. فحركة التاريخ تغير من المواقع ولا تثبتها. فعليها أن تنتهج سياسات اخري جديدة لتحتفظ بأصدقائها وحلفائها. فلا يتخلون عنها بكل سهولة ويسر. والبديل جاهز دائما. ولكن لأنها لم تتعلم من الدرس فقد اتصل البنتاجون بالمسئولين المصريين لسؤالهم عن تفاصيل الصفقات العسكرية. فهل هناك غباء وغرور أكثر من ذلك..؟! لم تكن تلك الصفقة مؤرقة لأمريكا فقط بل ارقت معها ربيبتها اسرائيل التي تريد ان تكون متفوقة عسكريا عن مصر. فهي تستلم اولا بأول آخر ما تنتجه ترسانة الأسلحة الأمريكية وبكميات اكثر عن مصر. في الوقت الذي تتأخر فيه الصفقات عن مصر ويكون دائما متخلف عن أجيال الأسلحة التي تسلمتها اسرائيل. وهدف أمريكا ان تظل اسرائيل متفوقة في السلاح عن العالم العربي. واذا كان البعض يشكك في قدرة السلاح الروسي. فليتذكر ان الحرب الوحيدة التي انتصرت فيها مصر علي اسرائيل في اكتوبر 73 قد خاضتها بالسلاح الروسي المتخلف ضد السلاح الأمريكي الأكثر تقدماً.