من ثقب الباب سلسلة مقالات للكاتب الكبير الراحل كامل زهيري نشرها في "الجمهورية" علي مدي سنوات طويلة. القيمة الأهم لمقالات كامل زهيري أنها موسوعية المضمون. مستنيرة الرأي ثمة المكان والزمان عمقهما المصري هو الغالب في معظم الأحيان وإن جاوزهما إلي أمكنة وأزمنة بحجم العالم. في روايات نجيب محفوظ وجمال الغيطاني يطالعنا حي الحسين بأريجه وروحانيته وعاداته وتقاليده المصرية الخالصة بكل ما تحمله من موالد وأذكار ودفء وحميمية وجدعنة وإيثار وتكامل كتابات كامل زهيري تبين عن قسمات مغايرة وإن أضافات إلي بانورامية المشهد في الحي العتيق. زار كامل زهيري في جولاته مدناً كثيرة في العالم. أحبها وكتب عنها. تعرفنا في كتاباته إلي نشأة الثورة الجزائرية ومجاوزتها لما وضعته أمامها سلطات الاحتلال الفرنسي من عقبات وتابعنا المأساة الفلسطينية التي ساعد علي تضخمها قيادات فاشلة وتعرفنا إلي عبقرية الزنوج في الولاياتالمتحدة وطبيعة الحياة الهندية التي بلغت حد التضاد بين العلم والجهل والتقدم والتخلف والثراء والتناسل علي الأرصفة واعتناق الأديان السماوية وعبادة الحيوان والجمادات قال كامل زهيري إن من لم ير الهند لم ير العالم وكتب عن الشرق الأقصي وعن فرنسا التي تعلم فيها: السوربون والحي اللاتيني وسارتر وسيمون دي بوفوار وكامي والحركات الطلابية وأمضي في المكتبات الوطنية ودور الوثائق ما يجاوز أعمار بعض الباحثين. أتصور مقالات كامل زهيري نماذج من هذه المقالات في كتاب ينشره الصديق إبراهيم أبوكيلة في كتاب الجمهورية ظني أن نشر هذا النوع من المقالات التي تضيف إلي الحصيلة المعرفية للقارئ وإلي فكره وحسه الجمالي هو المعني الحقيقي لكتاب الجمهورية والدوريات المشابهة. فطن ثروت عكاشة إلي قيمة هذه الدوريات فأصدر الكتب أم قرشين التي كتب فيها العقاد ويحيي حقي وزكي نجيب والشوباشي وغيرهم من كبار المبدعين والمفكرين ثم اختفت السلسلة مع غيرها من السلاسل التي صدرت لنشر ثقافة حقيقية حلت بدلاً منها كتب يحرص محرروها علي الخفة فيما تقدمه أي كلام بين دفتي كتاب لمجرد ازجاء الوقت أو للتسلية بينما العالم المتقدم يعطي هذه الدوريات أولوية مطلقة. نشر كتاب الجمهورية لمقالات كامل زهيري تأكيد للدور الذي يجدر بالدوريات الثقافية أن تؤديه.