جاداً. سلك الشاب وصحبه طريقاً محاذية لمجري مائي. يفيض. يسرع الخطي حاملاً معوله في طريقه إلي وسعاية. تملَّكها بعقد مشهود.. تلمس تربتها بتلهف.. داعب حنينها الغائب.. حازت كل فخره وانبهاره.. نادي رافعاً رأسه مخاطبا صحبه: هنا سنزرع كل الزرع. سنحصد كل الثمار. سنأكل من أكلها. مركبة ثقيلة مترقبة. ومستقوية ومستنكرة تجئ وتعطي ومضات حمراء زاعقة.. محدثة انزعاجا ودهشة وتأملاً.. قبالتهم توقفت. وتولد جدل ولغط. كان السائق متعجرفاً. مختالا ومتكبراً.. وفي كثير من الأحيان فظاً. غليظاً. جهولا. ينكر عليهم ملكيتهم وزرعتهم في فجاجة نكراء. وينازعهم حقهم في تواجدهم. ولمَّا لم يأبه به أحد استشاط يصرخ. ويرزع. ويخبط وحدث شجار أوقع خسائر غارقة في النهر.. تصبر الشاب وصحبه... تجلدوا... تشبثوا: الأرض أرضنا. النهر نهرنا. الزرع زرعنا. تنحي السائق جانباً بأعوانه مستكبرين. خلصوا بعد همس متعدد إلي تحويل مجري النهر. فتهمد الأرض. ويموت الزرع. وينفض الجمع يائساً. منهزماً. هللوا للفكرة.. سريعا سريعا شرعوا في بناء السد بأجسادهم ظلماً واستعلاء وتجبراً. قوامه مركبتهم الثقيلة عرض النهر اطمئناناً لنجاح فكرتهم.. وجاء النهر عكس المتوقع. فيضاناً متدفقا. ويزيد.. يهدر ماؤه كأنما من منحدر هو قادم.. جرف النهر المركبة. والأعوان. متخطياً في سريانه إلي الوسعاية.