حدث هذا اليوم 24 أكتوبر سنة 1882 بعد أن استقرت قوات الاحتلال البريطاني في مصر ومرور ثلاثة أشهر علي دخولها للبلاد.. إذ أصدر الخديو توفيق صاحب دعوة الاستقواء ببريطانيا مرسوما بإلغاء الجيش المصري وتجريد الضباط من رتبهم وتسريحهم وإحالتهم إلي المعاش.. وكان هذا القرار هو الخطوة الأولي لقلب نظام الجيش ومحو صبغته القومية.. وكان أيضا حجة تذرع بها لورد دفرين سفير بريطانيا في تركيا لكي يقول إن قرار الخديو بتسريح الجيش يجعل من واجب الحكومة البريطانية إطالة أجل الاحتلال!! وعهد الخديو إلي السير فالنتين بيكر مهمة تنظيم جيش مصري جديد.. يكون معظم كبار ضباطه من الإنجليز.. وبالتالي خضع الجيش لسيطرة بريطانيا.. وبالتالي انخفض عدده إلي ستة آلاف جندي وضابط.. كما أصدر أيضا مرسوما بسداد بدل نقدي للإعفاء من أداء التجنيد.. ويقول عبدالرحمن الرافعي في كتابه تاريخ مصر القومي من 82 إلي 1889 أن تقرير هذا البدل لا مثيل له في أي أمة تحترم نفسها وقد أدي ذلك إلي حرمان الجيش من الفئة المثقفة وأصبح التجنيد قاصرا علي الفقراء. وأصدر الخديو أيضا مرسوما في 8 يناير 1883 بتعيين بيكر باشا مفتشا عاما للبوليس فصارت قوات البوليس في القطر المصري تحت سيطرته وهكذا تم للإنجليز السيطرة علي الجيش والبوليس ولم يمض علي الاحتلال أربعة أشهر! وطبيعي أن يعتبر البريطانيون.. الخديو توفيق أصدق أصدقائهم.. وعبر عن ذلك اللورد ديفرين في لقائه مع قائد بأنه اكتسب ثقة أوروبا بما أبداه من الحزم والثبات. هكذا فعل الخديو توفيق في مصر.. استعان بالإنجليز في مواجهة أحمد عرابي.. وهذه سمة الحاكم العاجز عندما يستقوي بالخارج ويطلب العون الأجنبي لتثبيته في الحكم وطبعا لبي الإنجليز دعوته علي الفور واحتلوا البلاد وتلاعبوا بأحمد عرابي في حربه معهم ولم يجد أمامه إلا اتهام الخديو بالخيانة! ومرت سنوات وسنوات وتكرر المشهد.. عندما بادرت جماعة الإخوان بالاستقواء بأمريكا وأوروبا بعد أن ثار الشعب المصري في 30 يونيه 2013 علي الفشل الذريع الذي تحقق علي أيدي الإخوان في حكمهم لمصر واتهم الشعب الجماعة بالخيانة وكادوا أن يكرروا ما فعله الخديو توفيق سنة 1882 عندما أصدر مرسوما بإحالة الضباط إلي المعاش وتخفيض عدد الجيش إلي ستة آلاف وإضعاف البوليس.. نفس الأسلوب الذي كانت تنوي الجماعة اتباعه.. لولا ثورة الشعب ويقظة الجيش.. لقد حاولت هذه الجماعة إجهاض الجيش وإعادة هيكلة الشرطة بالأسلوب الذي تريده بل ووصل أمرهم إلي نيتهم إنشاء ميليشيات وحرس خاص.