د.محمد صابر عرب وزير الثقافة.. حدد أوائل أكتوبر القادم موعداً أخيراً لمؤتمر المثقفين الذي تكرر الإعلان عنه. وتأجل مرات كثيرة. وبالطبع فإن تأجيل المؤتمر يفرض أن يكون بالفعل تعبيراً عن أحوال الثقافة. ومطالب المثقفين. لعل أول ما يجب أن تفكر فيه - والكلام للدكتور سعد أبوالرضا - وزارة الببلاوي. رفع ميزانية الثقافة. لأن 85% من ميزانية الوزارة تذهب أجوراً للموظفين. و15% للثقافة. الجانب المادي لابد أن يرتفع. حتي تؤدي الثقافة دورها في بلادنا. يضيف د.أبوالرضا: إنه لابد من زيادة الاهتمام بجهود الشبان حتي يمكنهم تقديم وجهات نظرهم خلال الأعمال المختلفة. وتجد مكانها اللائق بها. وتجد طريقها للطباعة والانتشار. هذا هو دور الثقافة. كما يجب أن تعطي فرصة أكبر لمكافأة أصحاب الرؤي الثقافية التي تسهم في تغيير المجتمع ورقيه. ولعلي أتمني أن تكون هناك مساحة كبيرة لجهود لجان المجلس الأعلي للثقافة.. تلك الجهود التي تضيع سدي دون أن تقدم. ليس علي مستوي مصر فقط. بل علي مستوي الوطن العربي كله. كذلك فإني أتمني أن تكون لدي كل مثقف مصري رؤية واضحة لدوره في حياة الوطن. وفي عملية إعادة بنائه. علي مستوي الجامعات والمعامل والمصانع والهيئات والمؤسسات ومجالات الحياة المختلفة. تتوحد الرؤي من أجل مصر. والنهوض بها. وفي تقدير يوسف الشاروني أن من أهم أسباب تخلفنا الثقافي. نقصد هنا الأمية الأبجدية. علينا أن نعلم المجتمع أولاً. ثم ندرس - بعد ذلك - الوضع الثقافي. الأمور مرتبطة ببعضها. بدأنا من خمس سنوات مشروعاً للتخلص من الأمية. ثم اكتشفنا أن الأساتذة هم الذين يمتحنون بدلاً من الأميين. في كوبا. ثم تفرغ الطلبة الجامعيين لمدة عام كي تتخلص من الأمية. اليابان احتفلت - منذ عامين - بآخر ياباني تخلص من الأمية في الكمبيوتر. وليس - بالطبع - الأمية الأبجدية. لقد انعكس التخلف في التعليم علي وضعنا السياسي. وهو الذي أحدث لنا ما وجدناه منذ عامين. وعشنا معه. ولازال المجتمع يعاني منه. ومن المشكلات المهمة - كما يقول الشاروني - إن ثقافة الإنترنت متاحة لطبقة بعينها. والمفروض أن تتاح للكل. لابد أن نتطور بعد أن انتهي عصر القراء الشفاهية. ثم جاءت ثقافة النت. إنها الآن الوسيلة التي تجري وراءها أجيال المستقبل. إلي الآن - للأسف - يعتمد التعليم علي الذاكرة. التلقي وحفظ الذاكرة. أي أن الذاكرة الحافظة لابد أن تكون جزءاً من عملية التعليم. المتخرجون في التعليم الجامعي يختلفون عمن تلقوا تعليمهم في الجامعة الأمريكية. أحفادي من خريجي الجامعة الأمريكية. الحفيد التحق بالوظيفة فور تخرجه. والحفيدة حصلت علي الماجستير من إحدي الجامعات الأمريكية. واختيرت لإلقاء كلمة الخريجين الجدد. وهي في طريقها للالتحاق بالوظيفة. أكرر: إن مشكلاتنا الثقافية تبدأ من التعليم. ويري الروائي والناقد محمد قطب أن وزارة الثقافة عادت إلي وضعها القديم. واستراتيجيتها التي كانت تتخذها قبل الثورة. في إقامة مهرجانات ثقافية. تعني بالثقافة في أمورها العامة. أو تتناول قضايا الأدب والشعر. أو تقيم مهرجانات فنية للمسرح وغيرها. وهو نوع من الصخب الذي كنا نتابعه قديماً. ولا نري له نتائج ملموسة علي المستوي الواقعي. فالثقافة لا تظهر في مؤتمرات شكلية. يدعي إليها أفراد معينون لا يتغيرون. ويقصي عنها عدد كبير من المثقفين والأدباء الأصلاء. فمثلاً لم يحدث أن وجه المجلس الأعلي للثقافة إلي نادي القصة. وإلي المسئولين فيه - وهم رموز ثقافية مهمة - للاشتراك في تلك المؤتمرات. ولا أية فعاليات. الوجوه هي نفسها لم تتغير ولم تتبدل. وهذا يعني أن هناك خللاً كبيراً في وزارة الثقافة. لأنها لا تضع يدها علي الهدف المنشود. وإلا فلماذا هذا التراجع في المجال الثقافي للمواطن المصري. أين تلك الاستنارة التي صدعوا بها رؤوسنا في سلوكيات الإنسان المصري. وفي تلقيه الأخبار والمعلومات؟ أين القواسم المشتركة التي يجب أن يتبعها المجلس مع المجالس الأهلية المدنية. والتي تقوم بدور لا يقل أهمية عن دور وزارة الثقافة؟ ماذا فعل المجلس الأعلي للثقافة في المقترحات التي قدمها المثقفون؟ ماذا فعلنا في نظام جوائز الدولة لنبرئها من التهم الثابتة؟ ماذا فعلت أجهزة الثقافة لنشر الوعي الثقافي في مصر؟ يضيف محمد قطب: نحن نفاجأ بأن عدداً من قصور الثقافة لا يعمل ومهمل ويحتاج إلي إعادة تشغيل. بينما الأموال تنفق في صخب ثقافي لا جدوي منه. نترك ما هو مهم للظروف المالية. أو نبرر بالظروف المالية التي لا تساعد - في زعمهم - علي تأدية دورها. في النهاية: أري أن وزارة الثقافة يجب أن تدعو الهيئة والمؤسسات الثقافية إلي لقاء يستخلص من هذا اللقاء خطة منهجية موضوعية. من أجل ثقافة مصرية مستنيرة. لا ترتبط بوجود وزير أو مسئول. خطة أشبه بالقوانين الدستورية. ويذهب الروائي فخري فايد إلي أنه يجب أن تكون وزارة الثقافة مسئولة بصورةحقيقية عن المبدعين والمثقفين. بمعني أن هناك جهات حكومية واتحادات. لكنها لا تصل إلي لب المشكلة. المبدع يحتاج إلي بيئة تعينه علي الإبداع دون منغصات حياتية. سواء تمثلت في عمل يقيده. ويمنع انطلاقته. وتلبية احتياجاته المادية. مما يضطره إلي التقوقع. لذلك فإني أتمني أن يأتي اليوم الذي يستطيع صاحب المشروع الإبداعي أن يتقدم به إلي جهة بها مجموعة من التخصصات المتنوعة التي تعمل علي تنفيذ المشروع. من جميع النواحي الحياتية والتثقيفية. لأنه إذا كان المبدع يحتاج إلي استقرار مادي حياتي. فهو يحتاج قبلها إلي أبحاث ومواد فنية وعلمية. وغالباً لا تتوافر لأنها تحتاج إلي أموال طائلة. أو اتصالات من الجهات المشرفة. من هنا تتشتت جهوده في البحث عن وسائل استكمال ثقفته لتحقيق حلمه الفني أو الأدبي. ولعلي أشير إلي مشروع التفرغ الذي تأرجح بين الانتماءات الخاصة وعدم القدرة المادية أو العلمية. وظني أنه بكثير من التعديل يمكن أن يصبح أساساً لمشروع قومي لرعاية المبدعين.