إذا كان المثل يقول "وقت الشدائد تظهر معادن الرجال.. فإننا نستطيع أن نقول: وأيضا تظهر معادن الدول. وإذا كان الشعب المصري قد خرج عن بكرة أبيه ليعلن رفضه لحكم جماعة الاخوان في 30 يونيو الماضي.. وتقدم الصفوف لمنع إخضاع المنطقة لهذا الحكم الذي كان يريد الانطلاق من مصر لتحقيق أهدافه.. فإن الفضل في ثبات هذا الشعب وقدرته علي الصمود في وجه القوي الدولية التي ارادت إجهاض الموجة الثانية لثورته كان للدول العربية الشقيقة التي وقفت إلي جواره ومن حوله تدعمه وتسانده ماديا وسياسيا. نعم.. المساعدة المادية التي بادرت بها كل من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت كانت دعما كبيرا لمصر جعلها تقف علي ارض صلبة.. لكن الدعم السياسي الذي قدمته الدول الثلاث ومعها مملكة البحرين والمملكة الأردنية الهاشمية كان تأثيره أقوي ومداه أوسع لأنه كان بمثابة صدمة للدول الغربية التي كشرت عن أنيابها بقيادة الولاياتالمتحدة لتدخل سافر وممقوت في شئونها الداخلية لصالح جماعة الإخوان. كان للكلمة القوية الحاسمة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلي العالم كله والتي حذر فيها من التدخل في شئون مصر الداخلية فعل السحر لكي تقف كل هذه الدول التي تربصت بمصر عند حدودها وتلزم مكانها وتحد من اندفاعها لعرقلة الدفقة الثورية الجديدة. ثم كان لزيارة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لباريس وشرح الموقف علي حقيقته أثر مضاف لدعم مصر.. تبعه تصريحات للمسئولين في كل من الامارات والكويت والبحرين والأردن لمساندة الشعب المصري في مواجهة الدول التي انحازت للجماعة دون سند قانوني أو منطقي. وإذا كانت الدبلوماسية المصرية قد تنبهت في وقت متأخر وفشلت علي مستوي العالم في توضيح الصورة الحقيقية لما جري ويجري في البلد. فان الوضع مازال في حاجة إلي جهود اكبر في ضوء الموقف المتصلب الذي ينتهجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من مصر. ففي تصريح جديد للرئيس الأمريكي استبعد عودة العلاقات التجارية مع مصر الي ما كانت عليه في السابق في ظل الأحداث الجارية.. واكد علي أن واشنطن تسابق الزمن اكثر من أي وقت مضي حول اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الوضع في مصر وسوريا. إذن لابد أن نوطد النفس ونستعد نفسيا وعمليا لمواجهة اجراءات أمريكية ضد مصر.. وعلينا أن نتحرك في كل الاتجاهات لوأد النيات السيئة لأوباما وافشال مخططه لضرب الثورة التي تمضي قدما في التوجه إلي تنفيذ خارطة المستقبل وعودة الحياة الطبيعية لمصر. ولكي تكتمل الصورة الرائعة للموقف العربي من مصر لابد أن نضع في البؤرة منها فيض الكرم الأخوي الذي بدر من الشيخ سلطان بن صقر القاسمي حاكم الشارقة الذي قرر بناء مسجد في كل قرية من قري الشهداء الذين سقطوا بيد الغدر في سيناء وعددهم 25 شهيدا. ثم يواصل الشيخ سلطان تقديم دليل جديد علي أصالة معدنه وعشقه لعروبته فيقرر تعزيز قدرة الشرطة المصرية باهدائها 300 عربة مصفحة لمساعدتها علي تأدية واجبها الأمني في هذه الفترة الحرجة.. ثم اعلانه أيضا أنه سوف يساهم في تطوير العشوائيات المصرية. نعم الرجل الشيخ سلطان بن صقر.. الذي تجسد فيه المثل العربي "الصديق.. وقت الضيق" بل نقول: "الشقيق وقت الضيق".