بعد سقوط جماعة الأخوان .. هل آن الأوان لإنهاء حالة الفوضي والبطالة الاختيارية التي عشناها علي مدار 30 شهراً منذ اندلاع ثورة 25 يناير أصيب فيها الاقتصاد المصري بخسائر باهظة وتراجعت فيها الاستثمارات بشكل غير مسبوق. خبراء الاقتصاد والسياحة أجمعوا علي أنه لابد من الخروج من هذا المستنقع الذي وضعنا أنفسنا فيه بسبب الإصرار علي الانخراط في الخلافات السياسية علي حساب الإنتاج والعمل. قالوا إن السياحة فقدت ما يقرب من 37 مليار دولار في عامين بعد أن كانت تساهم في الناتج المحلي ب20% وشهدت معدلات الاستثمار بكافة أنواعها تراجعا كبيرا. طالبوا بسرعة الإصلاح للخروج من الأزمة وأن تكون البداية بعودة المصانع والقطاعات المتعطلة لأنها تمتلك البنية الأساسية اللازمة للعمل مع التركيز علي الصناعة باعتبارها الأقدر علي امتصاص أعداد ضخمة من القوي العاملة مما يؤدي إلي تراجع البطالة. * د. علي لطفي أستاذ الاقتصاد ورئيس الوزراء الأسبق يري أن حالة البطالة الاختيارية والفوضي التي نعيشها منذ ما يقرب من 30 شهرا منذ اندفاع ثورة 25 يناير تكفي ويجب أن تنتهي فورا بفض كل الاعتصامات وإلا فإن العواقب سوف تزداد سوءا وسيقع الاقتصاد المصري في مستنقع خطير من الصعب الخروج منه. أضاف أن الفترة الماضية وبسبب تراجع الإنتاج والعمل بشكل غير منطقي أدت إلي إصابة الاقتصاد القومي بخسائر باهظة سواء مباشرة أو غير مباشرة وتمثلت في تجاوز عجز الموازنة العامة للحدود الآمنة والمقبولة حيث تجاوز العجز ال150 مليار دولار والدين الخارجي والداخلي بلغ 1.3 تريليون جنيه وهو رقم ضخم لا يجب الاستهانة به لأنه سيؤدي إلي التهام جزء ضخم من ثمار الناتج القومي. كما تراجع الاحتياطي النقدي إلي أقل من 15 مليار دولار وكان من الممكن أن يتراجع أكثر وأكثر في هذا الوقت لولا حزمة المساعدات العربية التي قدمها الأشقاء العرب.. وارتفعت معدلات الفقر بشكل غير مسبوق حيث أصبح هناك 43% من إجمالي السكان تحت خط الفقر ووصلت البطالة إلي 13% من القوي القادرة علي العمل. أشار إلي أننا شهدنا في الفترة الماضية تراجعا مخيفا في الاستثمارات علي كل المستويات سواء الوطنية أو العربية أو الأجنبية لسبب اضطراب الأوضاع وغياب الاستقرار الأمني حيث رأس المال بطبعه جبان ولا يقدم علي الاستثمار في أجواء غير مناسبة بجانب توقف العديد من المصانع علي الإنتاج وهو ما يعني عجزا في موازنة الدولة بصورة غير مباشرة. أوضح أن العلاج يحتاج إلي جهود هائلة وعمل مستمر من متخذي القرار وراسمي السياسات ولكن قبل ذلك عودة الجميع إلي العمل والإنتاج فورا فبدون ذلك لن تجدي أي علاجات ومهما حصلنا علي مساعدات ودعم سواء من الأشقاء أو دول العالم فلن تؤتي أي ثمار سوي تخفيف الأزمة لبعض الشيء أما الخطر الاقتصادي فسوف يظل قائما ما لم يكن هناك إنتاج حقيقي. الوضح مأساوي * محمد غريب رئيس اتحاد المرشدين العرب وعضو اللجنة الدولية لخبراء السياحة يرصد تأثير تراجع معدلات العمل والفوضي التي نعيشها منذ فترة طويلة علي قطاع السياحة الذي يمثل موردا هاما وأساسيا من موارد الدخل للدولة قائلا إن الوضع أصبح مأساويا للغاية والخسائر تحاصر القطاع من كل جانب مما يجعل هناك تراجعا كبيرا في العائد منه والتأثير الأخطر علي ملايين العاملين في القطاع. قال إن قطاع السياحة بسبب هذه الفوضي يخسر يوميا ما يتجاوز ال46 مليون دولار وال مليار و200 ألف دولار شهريا و15 مليار دولار سنويا أي أن خسائر القطاع منذ قيام ثورة 25 يناير تجاوزت ال37 مليار دولار حتي الآن ومرشحة للزيادة إذا استمر هذا الوضع. أضاف أن التأثير السلبي لحالة الفوضي امتد إلي 4 ملايين شخص يعملون في قطاع السياحة وعددهم أسرهم في ا لمتوسط يبلغ 15 مليون شخص بجانب تأثر ما يقرب من 62 مهنة ترتبط ارتباطا وثيقا بالسياحة منها صناعات المنتجات الغذائية والأثاث والأنشطة مثل المقاولات والأثاث. أشار إلي أن هروب الاستثمار من المجال السياحي أصبح دائما بسبب حالة الانفلات الأمني وبقاء الناس واعتصامهم في الشوارع ما يقرب من 30 شهرا وهو ما يتطلب علاجا حاسما حتي تبدأ السياحة في استعادة عافيتها وإن كان ذلك لن يتم بين يوم وليلة ولكنه يحتاج إلي شهور طويلة وجهود شاقة. زيادة التضخم * د. أحمد الدرش وزير التخطيط ووزير الدولة للتعاون الدولي السابق يري أن مؤشرات الاقتصادية الرئيسية تتمثل في زيادة التضخم والبطالة وتراجع السياحة وانخفاض الصادرات والإنتاجية ومعدل النمو وهذه الحالة من التراجع تنذر بارتفاع الأسعار وتسارع معدلات التضخم. طالب بضرورة تحديد رؤية اقتصادية واضحة وجدول زمني لتنفيذ السياسات والإجراءات التي تقيل الاقتصاد المصري من عثرته نظرا لأن مواردنا محدودة وستظل لفترة قادمة تعاني من بعض الاشكاليات. أضاف يجب الإسراع بالعودة للعمل وعدم تبني الفوضي ووضع أولويات في توزيع الموارد المتاحة بما يعكس رغبات الشعب وطبيعة المرحلة التي نمر بها.. فعلي سبيل المثال يجب البدأ فورا بالمشروعات المتوقفة مثل المصانع المعطلة أو المتعثرة خاصة أنها تمتلك البنية الأساسية وكل مشاكلها عبارة عن مشاكل تمويلية بسيطة. أضاف أن التفكير في المشروعات الكبري رغم أهميتها يجب تأجيله لأن هذا يحتاج أولا لتهيئة المناخ وضخ استثمارات ضخمة غير متوافرة الآن وهي تستغرق سنوات ونحن نحتاج لاجتياز هذه المرحلة االصعبة والعودة للعمل والحد من البطالة. قال إن قطاع السياحة من القطاعات الهامة التي تدر دخلاً وعائداً كبيراً وليست في حاجة إلي بنية أساسية جديدة وتحتاج فقط إلي عودة الاستقرار والأمن وعودة الطاقات المعطلة للعمل. أشار إلي أهمية الاعتماد علي المصريين في الخارج باعتبارهم مصدراً مهماً للدخل القومي بإصدار سندات أو صكوك بالعملة الصعبة لبيعها خاصة أن هذه فئة لديها الوعي والحماس لخدمة الوطن. أكد أن مصر بمجموعتها الاقتصادية الحالية قادرة علي اجتياز الأزمات التي تعاني منها علي مدار السنوت الماضية بعيداً عن المساعدات والمعونات بشرط العمل والانتاج. ضربات موجعة * المهندس محمود مصطفي مستثمر عقاري .. قال إن حالة الفوضي والتظاهرات والاضطرابات منذ اندلاع الثورة أثرت علي كل القطاعات بشكل سلبي وعلي رأسها القطاع العقاري الذي تضرر وتلقي ضربات موجعة مما جعل هناك عزوفاً عن قدوم الاستثمارات أو السياحة بسبب ما يحدث من اعتصامات والعمليات الارهابية في سيناء. أضاف أننا في حاجة ملحة إلي إنهاء حالة التواجد المستمر في الشارع والاعتصامات التي لا مبرر لها بحيث يعمل الجميع وإعادة رسم الخريطة الاستثمارية لتحقيق طفرة في الاستثمار العقاري بعد أن وصلنا لمستوي غير مسبوق في الركود والكساد. أشار إلي أن هناك مشروعات عقارية ضخمة توقفت لصعوبة تمويلها بعد احجام البنوك عن تمويلها بسبب حالة الفوضي في الشارع مما أدي إلي إصابة القطاع بالشلل التام. انعكاسات خطيرة د. محمود حسين الخبير الاقتصادي بالمجلس المصري للشئون الخارجية أوضح أن المشهد في مصر يشهد تأزماً مما ينذر بانعكاسات اقتصادية وخيمة ولا شك أن خسائر الاقتصاد قبل وبعد 30 يونيو أثرت في الوضع الراهن للمؤشرات الاقتصادية. أضاف طبقاً للاحصائيات فإن خسائرنا بسبب هذا الوضع والفوضي بلغت 100 مليار جنيه بالإضافة إلي أن أكبر شركة لانتاج الغاز الطبيعي في انجلترا صرفت النظر عن العمل في مصر بسبب الأوضاع غير المستقرة. قال إن هذه التداعيات ساهمت في انتشار البطالة والفقر بالإضافة إلي ارتفاع قيمة عجز الموازنة والمديونية وانخفاض الاحتياطي النقدي مما يستوجب رسم خريطة استثمارية للمشروعات التنموية التي من الممكن أن تعالج الفقر والبطالة ويكون لها مردود إيجابي للمشاكل الاقتصادية المتعددة مثل التركيز علي الصناعات الإلكترونية ومصانع الغزل والنسيج والتصنيع الزراعي بشرط توزيع الاستثمارات علي الأقاليم والمحافظات وعدم التركيز علي مكان واحد وتأسيس شركات مساهمة علي تطرح أسهمها بقيمة 100 جنيه للسهم علي المواطنين لضمان مشاركة أكبر عدد مطالبا بمشاركة رجال الأعمال والشركات الكبري. تحسين الأمن * د. يوسف مظهر وكيل وزارة الصناعة سابقا والخبير بالأمم المتحدة يؤكد أن المطلوب في هذه المرحلة تحسين الأمن والمناخ الاقتصادي لأن ذلك سيدفع إلي فض حالة الاحتقان في الشارع لأن جزءا كبيرا منها بسبب الهموم الاقتصادية وصعوبة الحصول علي لقمة العيش. أضاف أن القول بأن الاقتصاد المصري هش أو ضعيف غير صحيح فلدينا ثروات وامكانيات وأيدي عاملة نتميز بها عن الجميع ولكن أزمات ما بعد الثورة خاصة السياسية والأمنية ساهمت في تراجع المعدلات الاقتصادية فعلي سبيل المثال خسائر السياحة غير مسبوقة والاحتياطي النقدي تراجع حجوزات الفنادق تراجعت إلي 50% فقط. أشار إلي أننا نحتاج إلي التركيز أكثر علي قطاع الصناعة باعتباره قادرا علي استيعاب أكبر قدر من العمالة ولدينا قاعدة صناعية من المصانع الضخمة التي يمكن البناء عليها باستثناء وجود ما يقرب من 1200 مصنع ما بين متعثر ومتوقف وهؤلاء في حاجة إلي حل سريع خاصة أن أغلبهم مشاكلهم تتعلق بتوافر السيولية أو مشاكل مع العمال وحل مشاكل هذه المصانع سهل لأن المباني والمنشآت موجودة. طالب كل مسئول بالتحرك السريع ودراسة أسباب التعثر في المنشآت أو الشركات التابعة له ومحاولة حلها. * د. شريف الخريبي الخبير الاقتصادي قال لابد من الخروج من حالة الجمود الاقتصادي التي نعيشها بحلول غير تقليدية وبعيدا عن المظاهرات خاصة أننا أسرفنا في الوقفات الاحتجاجية فنحن في حاجة إلي سياسات جديدة أكثر مرونة ومجدية بأفكار سهلة التطبيق مثل إعادة إدارة ممتلكات الدولة بطريقة اقتصادية تدر عائدا علي المواطنين. أضاف لدينا دراسات متخصصة يمكن أن توفر المزيد من فرص العمل للشباب دون أن تتكلف الدولة شيئاً حيث سيتولاها شركات متخصصة وبهذا نقضي علي جانب كبير من البطالة ونحرك الأموال الراكدة في البنوك.