انتهي شهر رمضان وبدأ شوال.. والناس في كل عام يختلط الأمر عليهم فيما يتعلق بصيام الستة من شوال والأيام التي تم افطارها بعذر شرعي خاصة للمرأة الحائض.. ويتساءلون.. هل يجوز الجمع بين صيام الستة وهذه الأيام بنية مزدوجة.. أم أنه يجب صيام كل منها علي حدة؟ في البداية يقول الشيخ عبدالحفيظ المسلمي كبير الأئمة بمسجد الفتح بميدان رمسيس بالقاهرة: يجوز عند كثير من الفقهاء اندراج صوم النفل تحت صوم الفرض. وليس العكس. أي لا يجوز أن تندرج نية الغرض تحت نية النفل عموماً. وقد ذهب الشافعية إلي أن من تقضي الأيام المفطرة من رمضان في الست من شوال تبرأ ذمته بقضاء أيام رمضان. ويحصل له أجر الصيام في شوال. ولكنه لا ينوي صيام الست من شوال وإنما ينوي صيام مافاته من رمضان فقط أي "الفرض" وبوقوع هذا الصيام في أيام الست يحصل له أجر الستة أيام لأن فضل الله واسع. وذلك لحديث النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "من صام رمضان. ثم أتبعه بست من شوال. فكأنما صام الدهر". وبناء عليه يجوز للمرأة أن يقضي مافاتها من صوم رمضان في شهر شوال. وبذلك تكتفي بصيام قضاء مافاتها من رمضان عن صيام الأيام الستة. ويحصل لها ثوابها. لكون هذا الصيام وقعپفي شهر شوال. وذلك قياساً علي من دخل المسجد فصلي ركعتين قبل أن يجلس بنية صلاة الفرض. أو سنة راتبة. فيحصل له ثواب ركعتي تحية المسجد. يرفض د. طه حبيشي الأستاذ بجامعة الأزهر الجمع بين الاثنين بنية مزدوجة ويقول إن الأمر هنا ملتبس تماماً.. فمن موروثات السيدة عائشة أنها لم تكن تصوم هذه الأيام لتكفيها عن أيام أفطرتها في رمضان بعذر شرعي للمرأة وهي في نفس الوقت تحصل ثواب الستة من شوال.. كانت عائشة ترفض ذلك وهي أم المؤمنين تصوم الستة من شوال بنيتها.. وتصوم بعد ذلك ما عليها من رمضان. ونحن نتبع هذا الأمر كما يوضح د. حبيشي ولا نخلط في النوايا.. والذين قالوا بجواز ذلك استدلوا بما يحدث لداخل المسجد إذا دخل وصلي الظهر مثلاً فإنه تحتسب له تحية المسجد.. ويقولون إن هذه نية مزدوجة.. ومثلها سنة الوضوء. ولذلك نقول إن الأمر ملتبس لأن تحية المسجد إنما شرعت لأنها شعار إذا دخل الإنسان المسجد يبين وظيفة هذا المكان الذي دخله.. والمسجد وظيفته أنه مصلي.. وهذا الشعار يتحقق في أي صلاة من الصلوات. كما أن الوضوء مخصص للصلاة وهي التي تدلنا علي أن الذي كان يغسل أطرافه قد غسلها عبادة تهيئة للصلاة.. وهذا يتحقق بأي صلاة كانت وليس الأمر كذلك في الستة من شوال لأنها عبادة مستقلة وليست فيها دلالات الشعارات.. فهي تحتاج نية وحدها تماماً كركعتين قبل صلاة الظهر أو بعده لا يمكن أن تجمعهما أو احداهما مع صلاة فائتة بنية واحدة. فرض .. ونافلة د. عبدالفتاح ادريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يؤكد أن ما أفطر من رمضان فقضاؤه فرض.. وصيام ستة أيام من شوال نافلة.. وأحكام الفرض تختلف كلية عن أحكام النافلة.. يضاف إلي هذا أن الفرض يقدم علي النافلة في الأداء ولا يعني أداء الفرض عن أداء النافلة ولا يجوز شرعاً التشريك في النية بين أداء الاثنين ليكون الأداء في نفس الوقت وإلا جاز الاقتصار علي أداء الصلوات المفروضة ويشرك معها نية أداء السنن القبلية والبعدية. ولكن هذا لما لم يجز شرعاً وجدنا رسول الله صلي عليه وسلم كان يداوم علي أداء السنن القبلية والبعدية في الصلوات الفائتة حتي إذا مافاتته سنة لم يؤدها من هذه السنن الرواتب فإنه كان يقضيها ولو كان أداء الفريضة يغني عنها أو أنه يجوز التشريك في النية بين الفريضة والنافلة فقد كان هذا يغني رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أن يؤدي النافلة القبلية أو البعدية ويحزنه كذلك عن قضاء مافاته منها. لهذا ما ينبغي التأكيد عليه أنه لا يجوز شرعاً اشتراك صيام ستة أيام من شوال مع قضاء ما أفطر من رمضان بحيث يجزئ صيام القضاء عن صيام هذه الأيام الستة ولهذا فإن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".. وإذا كانت النية الواحدة تكفي فمعني هذا لا يكون الإنسان قد صام الدهر علي هذا النحو إذا كان الذي قضاه من رمضان مكملاً لصيام رمضان لأن الدهر ينقص في هذه الحالة إذا لم يصم الإنسان ستة أيام من شوال مستقلة عن قضاء ما أفطر من رمضان.