علي مدي ثلاثين عاما وربما أكثر نجح الحزب الوطني ورموزه في تجميد الحياة السياسية والحزبية وتكريس نظرية الحزب الواحد وأصبح معارضوه من المارقين ومن الكفرة العابثين بنظم الدولة وقوانينها وأدي هذا بالطبع إلي عزوف الملايين من المصريين عن ممارسة العمل الحزبي والسياسي ومن ثم السلبية والاكتفاء بالمصارعة اليومية في دوامة توفير لقمة العيش. نتج عن هذا الجمود حالة من السلبية والخنوع والحرمان لأجيال وأجيال من التعبير عن آرائهم واتجاهاتهم خوفا من الملاحقات الأمنية والتضييق في العمل وفي ممارسة كافة الأنشطة الحياتية. وعلي العكس تماما حظي المنتمون سابقا الي "الوطني" علي كارت أخضر وجواز المرور الي كل شيء وفي أي وقت.. وقد أخبرني العديد من الأصدقاء انهم انضموا إلي الحزب الوطني للحصول علي هذه العضوية الذهبية وحمل الكارنيه لتسهيل الأمور بعد أن أصبح له درجة من درجات الحصانة التي تكفل تحقيق بعض المصالح المشروعة وغير المشروعة. ولم تعرف مصر ولا مواطنوها طمعا للتعددية وحرية الرأي بعد أن سخرت كافة أجهزة الدولة والحكم المحلي لخدمة الحزب الوطني وحشدت طاقات كافة الجهات الأمنية والمحافظين والاعلام المقروء والمرئي والمسموع وكافة قنوات الاتصال الفردي والجمعي للتسبيح ببرامج الوطني وفكره الجديد الذي قادنا للهلاك والتهليل بفرسانه المغاوير الذين نهبوا مقدرات وأموال هذا الشعب المسكين المستكين. لقد آن الأوان كي يندمج الناس بكل حرية في أحزاب متعددة تعبر عن كافة أطياف المجتمع المصري.. كما آن الأوان لأن تختفي الأحزاب الكرتونية الديكورية التي سمح النظام بإنشائها والتي ظلت تمارس دورا مشبوها بالمساندة الخفية للديمقراطية الوهمية وشاركت في إحكام المسرحية الهزلية.. والآن حان وقت فطامها كي تحفظ ماء الوجه وربما تعيد حساباتها حتي تجد لها زبائن ومريدين في زمن الثورة.. آن الأوان أن نجد أحزابا تؤدي دورا واقعيا وتفتح ذراعيها لشباب الثورة.. شباب مصر الواعد.. كما أصبح حل الحزب الوطني مطلبا جماهيريا في كل بيت.. وفي كل شارع.. وفي كل زنجة.. مع الاعتذار لنمرود ليبيا.. القذافي.