الحفاظ علي الموروث الشعبي يعني الحفاظ علي الهوية والاستعصام بها كحائط صد. قوي وصلب ضد محاولات التغييب أو الطمس التي بدأت منذ سنوات بعيدة ولن تنتهي وليست "العولمة" إلا تجل جديد لها..من هنا تأتي أهمية المشروع الوطني الضخم الذي تبنته هيئة قصور الثقافة منذ عشرين عاماً. وهو "أطلس المأثورات الشعبية" والذي شهد. كغيره. فترات ازدهار وفترات تعثر .. وإن كان في مرحلته الأخيرة يعيش واحدة من أهم فتراته وأكثرها انتاجاً وعملاً. ولأن العشرين عاماً من العمل ليست أمراً سهلاً أو هيناً. فقد تبني القائمون علي الأطلس فكرة المؤتمر الأول للأطلس الذي عقد في قصر ثقافة الجيزة علي مدي ثلاثة أيام تحت عنوان "عشرون عاماً علي أطلس المأثورات الشعبية .. التحديات والطموحات" ورأسه د. أحمد شمس الدين الحجاجي وافتتحه الشاعر سعد عبدالرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة والشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث. وتولي أمانته العامة الباحث هشام عبدالعزيز مدير الأطلس. في حضور د. رضا الشيني نائب رئيس الهيئة. ومنيرة صبري رئيس إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد. وكرم المؤتمر د. محمد الجوهري. واسم الراحل د. محمد رجب النجار. وعرض خلاله بعض انجازات الأطلس. والأفلام التسجيلية التي أنتجها. وكذلك أقيم معرض لصور الأطلس. فضلاً عن حفل لفرقة شبرا الخيمة للآلات الشعبية. وخلال جلسة المؤتمر الافتتاحية استعرض هشام عبدالعزيز ما تم إنجازه في هذا المشروع الضخم بالأرقام ومنه 744906 بطاقة بحث في كل مجالات المأثور الشعبي. و258141 دقيقة صوت في شرائط الكاسيت. و97750 دقيقة فيديو في شرائط الفيديو. و767 ميجا صوت "ديجيتال" بما يعادل 1778 دقيقة. و623956 ميجا فيديو بما يعادل 16229 دقيقة. بالإضافة إلي 50789 صورة فوتوغرافية .. وهي أرقام يدرك المتخصصون مغزاها ومدي الجهد الذي تحقق في هذا المشروع. شهد المؤتمر أربع جلسات بحثية فضلاً عن جلستي الافتتاح والختام. كما شهد جلسة شهادات. وورشة للجمع الميداني. ومائدة مستديرة عن مخرجات الجمع الميداني .. أي أن المؤتمر توفرت له كل الفعاليات التي من شأنها أن نقضي في النهاية إلي مردود طيب ينعكس علي مستقبل هذا المشروع وهو ما يحسب للقائمين علي المؤتمر الذين كان يعنيهم المردود في المقام الأول ورصد الإيجابيات والسلبيات. وليس مجرد إقامة مؤتمر ثم ينفض ولا يبقي منه سوي "الشو الإعلامي". أصدر المؤتمر في ختام أعماله مجموعة من التوصيات المهمة. بدأها بالتوصيات العامة وهي : تفعيل المادة 215 من الدستور الجديد والتي تنص علي أن تعني الهيئة العليا لحفظ التراث بتنظيم وسائل حماية التراث الحضاري والعمراني والثقافي المصري والإشراف علي جمعة وصون موجودات وترقيته وأحياء إسهاماته في الحضارة الإنسانية. يشجب المؤتمر بكل معاني الشجب والتنديد ما تنامي للمشاركين فيه عبر وسائل الإعلام منذ اليوم الأول لانعقاد المؤتمر حول إلغاء مادتي الأدب الشعبي والأدب المقارن من مقررات كلية الآداب جامعة بني سويف. ويعتبر المؤتمرون ذلك دلالة خطيرة علي المساس بهوية الأمة المصرية ويرفضونه سواء كان السبب وراء ذلك قراراً سياسياً أو صراعات داخل الجامعة. أو غير ذلك. يوصي المؤتمرون بالعمل علي تحويل أطلس المأثورات الشعبية إلي مركز علمي متخصص في الدراسات الشعبية وجمع المأثور الشعبي المصري. يوصي المؤتمرون بضرورة مد الأطلس بالإمكانات المالية والتقنية الضرورية لعمله خاصة علي مستوي أجهزة الحاسبات وكاميرات التصوير والتسجيل عالية الجودة بما يسهل للباحثين عملهم الميداني. يوصي المشاركون بضرورة العمل علي إتاحة المادة المجموعة والمؤرشفة داخل الأطلس للباحثين والمهتمين بالمأثور الشعبي المصري وضرورة وضع ضوابط قانونية تكفل إتاحة المادة وحمايتها في الآن ذاته أسوة بالمؤسسات الشبيهة..يوصي المشاركون بضرورة العمل علي التنسيق والتعاون بين أطلس المأثورات الشعبية والمؤسسات والمراكز الحكومية الأخري العاملة في ذات المجال مثل مركز دراسات الفنون الشعبية خاصة أن المؤسستين تنتميان لوزارة الثقافة. أن يصبح أطلس المأثورات الشعبية بيتا للخبرة في كل ما يتعلق بالمأثورات الشعبية. وبرامج وخطط التنمية المستقبلية. ضرورة إنشاء سلسلة لأطلس المأثورات الشعبية لنشر مقتنيات الأطلس المختلفة في مجموعة من الكب والدراسات. يوصي المشاركون بتوفير الدعم المالي والإداري لاصدار اسطوانات مدمجة لمقتنيات الأطلس من فنون الموسيقي والفرجة الشعبية وغيرهما من فنون العرض. الحرص علي عقد هذا المؤتمر مرة كل عام. وعقد الورش العلمية الخاصة بأهم القضايا العلمية علي هامشه. ضرورة عودة تنظيم الندوات الثقافية لمناقشة أهم الإصدارات الحديثة في هذا المجال. والتي تعد بمثابة ملتقيات علمية جادة تجمع المهمومين بهذا المجال.