قبل عدة سنوات تقدم شاب بطلب إلي المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان لاستثنائه من مصادرة قطعة أرض اشتراها في مدينة العبور في أواخر التسعينيات للبناء عليها. وأبدي الشاب استعداده لسداد باقي ثمنها.. لكن المغربي رفض الطلب بحجة أن هذا الشاب لم يسدد باقي الثمن في الوقت المحدد ولم يقم بإجراءات البناء طبقا للقواعد التي أقرتها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وكان الشاب قد استنفد كل مدخراته في سداد نصف قيمة الأرض التي تبلغ مساحتها 650 مترا. ولم يبق معه ما يمكنه من سداد النصف الثاني والقيام بإجراءات البناء. فقرر السفر إلي الخارج وغاب عدة سنوات حتي استطاع توفير باقي الثمن.. لكن ذلك لم ينفعه لأن المغربي أصر علي تنفيذ القانون أو بالأصح تنفيذ القواعد التي وضعتها هيئة المجتمعات العمرانية. وبالأمس قرأت في صحيفة "المصري اليوم" أن نيابة الأموال العامة حققت في القضية المتهم فيها المغربي وعهدي فضلي رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم السابق ورجلا الأعمال وحيد متولي يوسف "إماراتي الجنسية" وياسين منصور بتهمتي التربح والإضرار العمدي بالمال العام. فقد قام المغربي بصفته وزيراً للإسكان بإبرام عقد بيع قطعة أرض مساحتها 113 فدانا مملوكة للدولة بمدينة السادس من أكتوبر إلي "شركة أخبار اليوم للاستثمار" بالمخالفة للقواعد المقررة قانوناً والتي تحظر التصرف في الأراضي المخصصة من وزارة الإسكان قبل سداد ثمنها أو إقامة المشروع المحدد لها في التخصيص عليها!! وكما فىهم من التحقيق فإن شركة "أخبار اليوم" باعت هذه الأرض في تاريخ سابق لتوقيع المغربي عقد البيع لها لشركة تسمي "ركين إيجيبت" للاستثمار العقاري والتي استولت عليها شركة "بالم هيلز" التي يساهم فيها الوزير السابق مع ابن خالته ياسين منصور وآخرين. مما حقق له وللشركة المشترية ربحاً 159 مليون جنيه وأضر بأموال الدولة بمبلغ يزيد علي 272 مليوناً يمثل الفارق بين سعر الأرض وقت استحقاق استردادها لعدم سداد كامل قيمتها للدولة وبين ما سددته شركة أخبار اليوم ثمناً لها. ورغم أن المغربي نفي كل الاتهامات التي وجهت إليه مبرراً كل خطوة قام بها في تصرفاته بما يتفق مع القواعد والقوانين وحرصه علي الشفافية إلا أنه لوحظ أنه في كل سؤال كان ينفي مسئوليته كوزير ويعلق الأمور في رقبة الموظفين المختصين في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. قائلاً إن هذا عملهم ولا دخل لي به!!! والسؤال هنا: كيف يستقيم العمل في أي جهة إذا كان رئيس هذا العمل غير مسئول عن تصرفات مرؤوسيه؟! وأنه إذا كان هناك خطأ فإنهم يتحملون مسئوليته دونه!! علي كل حال لست هنا في مجال اتهام أحمد المغربي أو إدانته أو تبرئته لأن ذلك منوط بالقضاء الذي سيحدد مصيره.. لكني أقارن بين تصرفات وموافقات علي بيع مئات الأفدنة أو ملايين الأمتار سواء أكانت هذه التصرفات صحيحة أو يشوبها العوار وبين شاب سافر للخارج ليدبر ثمن قطعة أرض وأصر الوزير السابق علي حرمانه منها.. ربما لا يتذكر المغربي هذا الطلب ولكنه حدث بالفعل. ومازلنا في انتظار ما تكشف عنه التحقيقات من فساد طال كل شيء.. حيث عاشت الطبقة الحاكمة في أبراج عاجية وتركت 16 مليون مواطن تحت خط الفقر. وطبقة أخري تقدر بعشرات الملايين تعاني قلة الدخل وغلاء الأسعار. ولله الأمر من قبل ومن بعد.