أجدني محاصراً بكم هائل من رسائل بريدية وإلكترونية ومكالمات تليفونية بعث بها مواطنون عاديون. وكذلك دعوات من شرائح مختلفة من الشعب والمسئولين.. وكلها تدور حول الخلل الأمني الموجود في مصر وتوابعه ونتائجه الوخيمة خاصة في الشارع والأماكن الأثرية والمدارس. شعرت برعب شديد في كلمات كل من أرسل الرسائل ونبرة من أجري المكالمات ووجه الدعوات.. مما أصابني أنا الآخر بنفس الرعب.. والقلق. لقد شدني النداء الذي وجهه الصديق العزيز د. زاهي حواس وزير الآثار إلي ثوار 25 يناير وإلي المواطنين في اللجان الشعبية بكافة ربوع مصر لتكوين مجموعات لحماية الآثار والمواقع الأثرية في كل انحاء البلاد بسبب تعرضها المستمر للنهب في هجمات منظمة يقوم بها المخربون. أضم صوتي إلي صوت د. حواس.. وأضع يدي في يده لإنقاذ ميراثنا التاريخي الذي لا يقدر بثمن ويتم استنزافه جهاراً نهاراًعلي يد اللصوص والبلطجية الذين يجهلون حتماً قيمة ما يخربونه أو يسرقونه من ميراث وتاريخ وهوية. ومن هذا المنطلق واستناداً إلي الرسائل البريدية والإلكترونية والمكالمات التليفونية التي وصلتني فليسمح لي د. حواس إلي توسيع دائرة "الحماية" لتشمل إلي جانب الآثار.. الشوارع والمدارس. دعوتي تقوم علي الاستعانة من الآن بطلبة رابعة كلية الشرطة الذين سيتخرجون بعد أربعة أشهر للعمل ميدانياً بلا مقابل مادي علي أن يكون هذا الواجب جزءاً من درجاتهم التي سيحصلون عليها للتخرج.. إضافة إلي تكوين مجموعات من شباب 25 يناير والمواطنين المتطوعين بحيث يتم تشكيل "كتائب مدنية" وتقسيم أعضائها إلي ثلاث فرق: الأولي لحماية الآثار. والثانية لحماية مدارس البنات والابتدائي والثالثة لتسيير المرور وفك اختناقات الشوارع وحماية مرتاديها. إن الإنفلات الأمني بلغ مداه وأصبحنا اضحوكة العالم.. والوقائع لا حصر لها.. وهي علي سبيل المثال: في مجال الآثار.. و كما صرح د. زاهي حواس بأن مخزنين آثريين بالهرم اكتشفهما د. سليم حسن تعرضا للتكسير والسرقة فجر أمس كما أن منطقة الكوم الأحمر الأثرية في مدينة أدفو بأسوان تعرضت هي الأخري لمحاولة سرقة من مجموعة مخربين بسيارة نصف نقل.. وكلنا يعلم أن المتحف المصري بالتحرير كان قد تعرض لعدة محاولات سطو وتخريب أثناءالمظاهرات.. وأن كل هذه الجرائم وغيرها الكثير حدثت في ظل غياب تام لشرطة السياحة وقوات الأمن. وفي مجال التعليم.. تعددت جرائم البلطجية لاعتراض سيارات المدارس وبها أطفال صغار مثلما حدث في ميدان الجيزة أمس الأول.. إضافة إلي الهجوم علي العديد من المدارس وآخرها مدرسة الوحدة العربية بعابدين أمس بهدف سرقة حلي المدرسات وأجهزة الكمبيوتر وحتي الأدوات الرياضية وحنفيات المياه. أما مجال انضباط الشوارع فحدث عنه ولا حرج.. ولا يحتاج الأمر إلي تذكير الناس به.. فكل مواطن يري بعينيه الاختناقات الموجودة في كل شارع خاصة "وسط البلد".. ويري أيضاً مدي ما وصلت إليه الشوارع الرئيسية والفرعية من خطورة لكل سائر أو عابر سبيل. ناهيك عن الاشتباكات بالآلي بين السائقين في نفق شبرا أمس وفرض إتاوات مما أسفر عن إصابة العشرات. وأيضاً ما يتعرض له رواد المولات التجارية من "تثبيت" تحت تهديد السلاح وسرقتهم بالإكراه بل وخطفهم.. واقرأوا ما ننشره في هذا العدد من حوادث اختطاف وسرقة أمام مولات الإسكندرية. ثوار 25 يناير كانوا الوقود الذي اسقط نظاماً بأكمله.. فهل سيعجزون أو يتقاعسون عن استكمال مهمتهم الوطنية في الحفاظ علي "أمن" الوطن وأعز ما يملك.. النفس والآثار؟ أتمني أن تجد الدعوة صداها ومردودها.. وفي نفس الوقت أطالب بشدة وإلحاح اللواء محمود وجدي وزير الداخلية بضرورة الإسراع في نشر قوات الأمن والشرطة بالشوارع وأمام المدارس وبالمناطق والأماكن الآثرية. إن هذه "الكتائب والفرق المدنية" لن يكون عملها دائماً.. بل لفترة محدودة.. فالحماية ليست عملها بل هو عمل الشرطة الأساسي.. ومسئولية وزير الداخلية أن يؤمن الناس في البيوت والمدارس والشوارع وكل أماكن العمل.. وأن يحمي ثرواتنا من الضياع والنهب والتخريب. كلي أمل أن تجد الدعوة صدي لدي الشباب والمواطنين.. والمسئولين عن أمننا وأماننا.