وصل إلي مطار القاهرة الليلة الماضية أول أفواج المصريين القادمين من ليبيا هرباً من الأحداث الأخيرة هناك والتي شهدت مذابح وإرهاباً وقصفاً جوياً للمدنيين. وصل المصريون علي متن طائرات مصر للطيران.. وطالبوا فور وصولهم مبني "3" بسرعة انقاذ المصريين هناك. لاسيماً العالقين بمطار طرابلس. قالوا: نطالب كافة المسئولين المصريين وسلطات الطيران المدني بمخاطبة المسئولين الليبيين لتسهيل سرعة وصول ما يقرب من 7 آلاف مصري لا يستطيعون العودة ولا يعرفون مصيرهم. "المساء" التقي بأول فوج مصري عائد من الأراضي الليبية ورصدت الأوضاع هناك. في البداية يقول م.حسام حمدي: سافرت إلي ليبيا منذ 6 أشهر ولم يكن هناك أية مشاكل إلا أن الأوضاع في المنطقة حركت الثورة وانقلب الحال تماماً فالصورة هناك تحولت "لضرب نار"وعداء ومواجهات قاسية والذي يصعب المشهد أن هناك قبائل كثيرة والأمر هناك تحول إلي ثأر. مهندس فادي الشرقاوي: كنت أمكث في طرابلس والأمر هناك معقد تماماً فالأسلوب الهمجي هو السائد ولا أحد يتخيل أن يتم قصف المدنيين بطائرات هليكوبتر. أضاف أنه منذ ثلاثة أيام تم سماع دوي أسلحة آلية طوال الليل بلا أي تفسير سوي إرهاب الشعب حتي لا يتظاهر وكان أمام منزلي مسجد خرجت منه مظاهرة كبيرة تنادي "بالروح بالدم نفديك يا بني غازي". أشار إلي أن التليفزيون الليبي لا يبث سوي المشاهد المؤيدة للنظام فقط. محمد لبيب: كنت أعيش بمنطقة هادئة نسبياً بطرابلس وكان التواجد هناك عبارة عن أفراد الأمن بالشوارع مطمئن.. ومنذ العصر يتم إغلاق المحلات ويذهب كل مواطن لمنزله.. وتفاقم الوضع بعد تصريح سيف الإسلام القذافي الذي أثار المعارضة وجاء بالسلب علي كافة المصريين المقيمين هناك خاصة عندما وصفهم ومعهم التوانسة والأفارقة بأنهم أحد أسباب إثارة الفتن هناك. يوضح إسماعيل عبده أن الوضع تحول لفوضي وانتشر البلطجية في كل مكان والليبيون تعاملوا مع الأمور بقسوة. يشير حسام يوسف إلي أنه فور خطاب سيف الإسلام قام عدد كبير من الليبيين باضطهاد المصريين ومحاولة تعقبهم ولم يحميهم سوي بعض الأشقاء من الإخوة الليبيين أنفسهم الذين رفضوا هذا الوضع وحموا المصريين بكل الطرق. يلتقط أطراف الحديث أحد الشباب المصري الذي رفض ذكر اسمه مشيراً إلي أن صاحب الشركة الذي يعمل بها وهو ليبي الجنسية اتصل بالمجموعة المصرية التي تعمل معه وطلب منهم ضرورة ترك البلاد في أسرع وقت خوفاً عليهم وقام بحمايتهم حتي وصلوا إلي المطار. يشير هاني مهني ومحمد محمود وأحمد عبدالرازق إلي أن ما يقرب من 7 آلاف مصري عالقين بمطار طرابلس في وضع سيئ جداً بلا طعام ولا يعرفون ما هو مصيرهم وطالبوا بسرعة التدخل في أسرع وقت. من جهة أخري رفضت سلطات الطيران المدني الليبية منح مصر للطيران تصريح بهبوط رحلة ثالثة إضافية طراز إيرباص 340 سعة 265 راكباً في مطار طرابلس مبررة ذلك بكثافة حركة الطيران الدولية علي المجال الجوي الليبي. تلقت مصر للطيران برقية من سلطات الطيران المدني الليبية تتضمن أن الموافقة علي أي رحلات طيران إضافية متجهة إلي ليبيا تقرر الموافقة عليها يوماً بيوم. صرح الطيار أيمن نصر رئيس شركة مصر للطيران للخطوط الجوية بأن الشركة في انتظار موافقة السلطات الليبية علي تسيير أربع رحلات إضافية اليوم "الأربعاء" طراز بوينج 777 إلي طرابلس لنقل المصريين العالقين هناك.. وذلك بالإضافة إلي الرحلتين اليوميتين المجدولتين طراز إيرباص .340 قال: إن عمليات الشركة اضطرت إلي تعديل مسار الطائرات المصرية بين القاهرةوطرابلس بسبب إغلاق المجال الجوي فوق مدينة بنغازي مشيراً إلي أن الطائرات تسلك ممراً جوياً عن طريق جنوب اليونان ومالطا وأن هذا الطريق يزيد من مدة الرحلة حوالي ساعة. أضاف أن شركة أوراسكوم للمقاولات طلبت من مصر للطيران استئجار رحلة طيران طراز إيرباص 330 إلي مدينة سرت الليبية لنقل العاملين بالشركة العالقين هناك.. كما طلبت السفارة البريطانية في القاهرة من مصر للطيران قائمة أسعار استئجار طائرات مصر للطيران لاستئذان الحكومة البريطانية في الاستعانة بها لإجلاء الرعايا الإنجليز من ليبيا. ثم إن محاولة مغازلة أحزاب المعارضة أو من يطلق عليها معارضة تجاوزاً بتوزير عضو من التجمع وآخر من الوفد. يؤكد أن عقلية الحزب الوطني مازالت هي المسيطرة وأنهم لم "يفهمونا" بعد. فهذه الأحزاب الكلاسيكية لم يعد لها أي رصيد في الشارع. وفقدت مصداقيتها تماماً.. كما أنها كانت ضد الثورة أساساً وأعلنها التجمع صراحة ثم عادت لتركب الثورة وتحصل علي قطعة من التورتة. وظن د.شفيق أو ناصحه د.الجمل أن إرضاء هذه الأحزاب كفيل بتهدئة الأمور والالتفاف علي مكاسب الثورة التي لن يرضي مشعلوها بديلاً عن رحيل كل الوجوه القديمة المحروقة المستفزة للشارع. وإذا كنا ندعو الناس إلي الهدوء وخاصة أصحاب المطالب الفئوية الذين يحرك أغلبهم المحافظون ورؤساء المجالس الشعبية والمحلية وأعضاء مجلس الشعب عن الحزب الوطني وجهات أخري معلومة رغبة في إحداث فوضي تقول للزمان ارجع يا زمان.. ولن يرجع بالتأكيد. فإن مثل هذه الاختيارات المستفزة والمغرضة كفيلة بإشعال الشارع مرة أخري لشعوره بأن النظام لم يرحل بعد ومازال يمضي في ممارساته التقليدية ضارباً بكل المطالب عرض الحائط. ثم ما هو السر في الإبقاء علي المحافظين والمجالس الشعبية المحلية وكلهم ينتمون للحزب الوطني الفاسد ومعروف ما الذي يفعله هؤلاء من أجل إعادة عجلة الزمن إلي الوراء.. وقد كشفنا هنا عن ممارسات بعضهم.. ثم كشف غيرنا عن أسماء عدد من المتورطين في محاولات ضرب الثورة. الإبقاء علي هؤلاء لا يثير الشك فحسب بل يؤكده.. فمتي يحدث التغيير؟!!