في منطقة كرموز الشعبية وسط الاسكندرية سيطرت فكرة التنقيب عن الآثار علي أسرة تسكن في احد العقارات القديمة بشارع القطبي المتفرع من شارع محمد السادات. ومن المعروف عن منطقة كرموز انها تحتوي علي أعداد كبيرة من الآثار اليونانية التي ترمز إلي عهد الاسكندر الأكبر وابرزها "عمود السواري". وبدلا من ان تبحث هذه الأسرة عن طريقة مشروعة لانتشالها من الفقر اختارت هذا الطريق المفروش بالأوهام أملا في الثراء السريع فبدأت الحفر تحت منزلها في غفلة من أهالي المنطقة لدرجة قيامهم بحفر أنفاق تحت العقار ليلا وأوهموا الجيران بعمل ترميم داخل المنزل ليفيق أهالي المنطقة في صباح يوم مشؤوم بانهيار ثلاثة عقارات وتصدع ثلاثة عقارات أخري لتدفع هذه الأسر ثمن البحث عن الوهم بخسارة المأوي الذي كان يحميهم من تقلبات الحياة ولم يعد يملك أهالي البيوت المتضررة سوي وعود من الجهات التنفيذية للحصول علي شقق في احد المساكن الشعبية الواقعة علي أطراف المدينة لكنها وعود ليست مزيلة بتاريخ محدد. اشتكي أهالي المنطقة من تباطؤ الجهات التنفيذية في القيام بواجباتها بأن ترفع انقاض العقارات المنهارة لاسيما أن عددا من تجار المنطقة أكدوا انهم كانوا يملكون مخازن مليئة بالبضائع اسفل هذه الانقاض وروي أهالي المنطقة المزيد من التفاصيل عن هذه المأساة. بكلمات يكسوها اليأس والاحباط ويسبقها الدموع أكد البرنس عمر خليفة 62 عاما والمقيم بالعقار المنكوب رقم "33" انه يعتبر نفسه ميتا منذ انهيار مسكنه مشددا علي ان الموت سيكون طوق نجاة له من الظروف التي يعيشها وقال: افتقدت جميع ممتلكاتي تحت الانقاض ولم تشفع توسلاتي في اقناع أحد قيادات الشرطة في رفع الانقاض لجمع اغراضي وبرر تعنته في عدم رفع الانقاض بانه لا يريد ان يمنح صاحب الأرض فرصة بناء برج سكني ضخم. تساءل البرنس: ما ذنبي لأسدد فاتورة عناد الشرطة مع صاحب العقار واين المسئولون عن البلد الذين كانوا يتحدثون قبل كل انتخابات عن دعم ومساندة الفقراء بينما ازداد تشرد الغلابة في عهدهم. اختتم المنكوب كلمته قائلا: اعاني من عدة أمراض تنهش جسدي وأفتقد المأوي وثمن العلاج. أما علي محمد "محام" مقيم بالعقار "37" ففجر مفاجأة تكشف عن تقاعس الجهات المسئولة حيال هذه الكارثة واشار إلي انه حرر المحضر رقم 1675 اداري كرموز ضد صاحب العقار رقم 35. والذي شرع في الحفر وذلك قبل انهيار العقارات ولم تتحرك أي جهة لاستدعاء المسئولين التنفيذيين. وإصدر أمر ضبط واحضار المتهمين. قال ان هذا التقاعس قمنا بالقبض بأنفسنا علي المتهم وتسليمه للشرطة والمثير للدهشة ان الشرطة ادعت عقب انهيار العقارات بأنها هي التي قامت بالقبض عليه في محاولة لتجميل صورتها أمام الرأي العام. استكمل محمد العجوز- سائق وأحد المتضررين من انهيار العقارات- الشكوي من عدم قدرة الجهات التنفيذية علي ادارة الازمة وتركهم فريسة لأوضاع سيئة دفعته لتحويل سيارته إلي مبيت له وتوزيع أفراد أسرته علي العائلة بأماكن مختلفة ثم عاد لسرد تفاصيل الفشل الاداري وأكد ان شركة الكهرباء لم تتحرك حتي الآن لازالة الاسلاك العارية الناجمة عن انهيار العقار مما يعرض أهالي المنطقة للخطر فضلا عن عدم تحرك شركة المياه لاصلاح ماسورة مياه الضغط العالي الا عند اعتصام الأهالي وقطع الترام بالمنطقة المنكوبة. حذر منصور إبراهيم أحد المضارين من كارثة متوقعة ستؤدي بحياة اشخاص ابرياء مؤكدا حدوث شروخ في العقار "37" الذي يتكون من 7 طوابق ناتجة عن العقارات المنكوبة وقال لم يكلف المسئولون في حي غرب انفسهم لمعاينة المنزل لتحديد مدي خطورة الشروخ واصدار أمر باخلائه في حالة وجود خطورة حقيقية. كشف محمد حسن فراج مقيم بالعقار رقم "36" عن سر عدم وقوع ضحايا في الحادث سواء اصابات أو وفيات ان ساكني العقارات المنكوبة توقعوا انهيارها بعد اكتشاف واقعة الحفر واستخراج المتهمين أجولة من الرمال ليلا فقاموا بإخلاء منازلهم لحماية أنفسهم من موت محقق قبل انهيار العقارات بساعات قليلة. أجمع الأهالي علي ضرورة إلقاء القبض علي جميع المتهمين المتسببين في هذه الكارثة للقصاص منهم بالقانون ودفع ثمن تشريد هذا العدد الكبير من الأسر والبالغ عددهم 18 أسرة. شكك المنكوبون في تنفيذ المحافظة وعودها بشأن تسليمهم "شقق" في مساكن الكيلو 26 الواقعة غرب الاسكندرية. يؤكد ان منطقتي وسط وغرب الاسكندرية يشهدان انهيار عقارات بشكل متكرر بسبب التنقيب عن الآثار وتقاعس الأحياء عن تنفيذ دورها في ازالة هذه العقارات قبل فوات الأوان.