صداقتي لهيئة قصور الثقافة قديمة. كتابي "قضية الثقافة في الأقاليم" أتاح لي التعرف إلي البواكير في الثقافة الشعبية التي أشرف عليها أستاذنا عبدالحميد يونس. ثم الخطوات التالية. المهمة. لسعد الدين كامل وسمير سرحان. وكانت رئاسة سعد الدين وهبة للهيئة بداية تعرفي المباشر إلي محاولات الهيئة في توصيل العمل الثقافي إلي أبعد وأصغر قرية مصرية. كان الرجل يحرص علي الجلوس في الأوتوبيس نفسه الذي يقل الضيوف. يخلي الكرسي المجاور. ليتناوب الإعلاميون الجلوس إليه. يسألون ويستوضحون. ويحصلون علي المعلومة الصحيحة. ظني أن الكثير من القري والمدن الصغيرة التي امتدت إليها أنشطة الثقافة الجماهيرية كان هذا هو اسمها لامست الفعل الثقافي للمرة الأولي. لم تكن الهيافة قد أحكمت سيطرتها كما الحال الآن في قنوات التليفزيون والقنوات الفضائية. حتي البرامج الكلاسيكية لفاروق شوشة ودرية شرف الدين وغيرهما طالت معاناتها حتي اختفت. تعددت معطيات الثقافة الجماهيرية بين الكتاب والمسرحية والفن التشكيلي والفنون الشعبية والإبداع الإنساني بعامة. بالإضافة إلي الأنشطة التطبيقية التي تشغل أوقات الفراغ. وتضيف إلي الدخل. أذكر المؤتمر الذي تبني توصية بأن تعني الثقافة الجماهيرية بإبداعات الأدباء المقيمين في الأقاليم كانت حساسية التسمية غائبة وجد الاقتراح تأييداً من أعضاء المؤتمر. وصدرت مجلة "الثقافة الجديدة" تضم إبداعات هؤلاء الذين يصلهم طابع البريد بمراكز النشر في العاصمة. وكانت الخطوة التالية إصدار مطبوعات تعني أيضاً بإبداعات هؤلاء الموهوبين. تضخم مشروع النشر في هيئة قصور الثقافة اسمها الحالي فهو السيد الذي يتمتع بكل العز والأبهة. شحبت إلي جوار قامته العملاقة أنشطة أخري. أدركت أن عليها التقاط الفتات مما قد يتساقط من النشر. وإذا كانت إدارة النشر قد بدأت بلا تسمية محددة. فهي الآن واجهة نشاط قصور الثقافة ومحتواه الأهم. أوافق علي الرأي بأن الهيئة أصدرت مطبوعات في سلسلة الذخائر بخاصة تمثل إضافة مهمة في المكتبة العربية.. لكن هذه السلسلة تختفي بمجرد صدورها. لا أحد يعرف المشارب التي اتجهت إليها. فضلاً عن أن المزيد من التنسيق بين هيئات وزارة الثقافة يضع كل شيء في اطاره الصحيح. لا أقلل من أهمية النشر في الهيئة. وإن كان من واجبي أن أشير إلي أن العمل الثقافي الجماهيري لايقتصر علي بعد واحد. لكنه يشمل كل ما يضيف إلي البيئة ويطورها ويثريها. نشر المطبوعات عمل وحيد لهيئة الكتاب. وعمل مكمل لهيئات وزارة الثقافة الأخري. ثمة مطبوعات تصدر عن أكاديمية الفنون. والبيت الفني للمسرح. والمجلس الأعلي للثقافة. والمركز القومي للترجمة. وصندوق التنمية الثقافية. وغيرها.. لكن قصور الثقافة تتسم بتكامل أنشطتها. هيئات الوزارة الأم نقدم أنشطة رئيسة. إلي جانب أنشطة أخري فرعية. أما قصور الثقافة فتعني بالعمل الثقافي في اطلاقه. وليس نشر المطبوعات وحدها. ولعلي أعود إلي تناول هذه القضية.