لاشك أن القمة العربية الاقتصادية التي تعقد اليوم في شرم الشيخ ينتظر نتائجها وتوصياتها العالم أجمع وليس العرب فقط في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية السيئة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة ونتج عنها ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية وإصابة دول كثيرة بكبوة اقتصادية نتيجة الأزمة المالية التي أطاحت بالكثير من البنوك. الهدف من قمة شرم الشيخ اليوم إنساني من الدرجة الأولي خاصة أنها تهدف في الأساس لخفض نسبة الفقر وبالتالي تقليص عدد الجياع العرب بنسبة 50% بحلول عام 2015 حيث أكدت آخر الدراسات أن الفجوة الغذائية العربية وصلت إلي 27 مليار دولار في عام .2010 الأهم من الهدف الذي تسير عليه القمة في رأيي هو آليات تنفيذ هذا الهدف وتحقيقه علي أرض الواقع خاصة أن قمماً اقتصادية كثيرة عقدت وخرجت بتوصيات عديدة لم يتم تنفيذ شيء منها وكأننا ندور في حلقة مفرغة. للأسف لا توجد روابط اقتصادية قوية بين بلادنا العربية وبعضها تضاهي تلك التي بين دول الاتحاد الأوروبي أو غيرها.. كما أن التجارة البينية فيما بينها محدودة فضلاً عن ارتباط صادراتها بالدول الغربية ومن المؤكد أن هناك أسباباً من المهم تداركها والعمل علي تذليلها لتحقيق التكامل الاقتصادي المرجو بين الدول العربية والإسلامية. المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة أطلق مفاجأة من العيار الثقيل أمس الأول عندما أعلن أن الحكومات العربية هي المسئولة عن وقف تدفق الاستثمارات إلي دولها وقال إن هناك صناديق أموال عربية يصل رأسمالها إلي حوالي 2 تريليون دولار وموجودة بالدول العربية ولكنها مع الأسف لا تجد المناخ ولا البيئة المناسبة لاستيعابها في استثمارات كبري. من هنا فإن قمة شرم الشيخ تعقد عليها آمال وتطلعات لإنقاذ الاقتصاد العربي خاصة في ظل التغيرات المناخية التي أثرت بشكل مباشر علي المحاصيل الغذائية مثل الحبوب وحرائق روسيا وفيضانات شرق آسيا والبرازيل واستراليا وهو ما ينذر بشح في كميات المواد الغذائية المطلوبة لإطعام البشر. أيضاً هناك قضايا عديدة نتمني أن يتم تنفيذها هذه المرة وفي مقدمتها السوق العربية المشتركة أو "الإسلامية المشتركة" فهذه القضية تعتبر حلم كل عربي يتمني أن يتحقق علي أرض الواقع فتحقيق مثل هذا السوق سيقوي من شوكة العرب ويجعلهم علي قلب رجل واحد لأن مصالحهم ستكون واحدة.. بالإضافة إلي أن تنفيذ هذا المشروع سيوفر الكثير من فرص العمل وبالتالي يساهم في حل مشكلة البطالة وهي المشكلة التي يعاني منها 20% من الشباب العربي كما أنه سيساعد علي الاستفادة الكاملة للموارد الطبيعية والبشرية للوطن العربي. لاشك أننا نعلم جيداً أن قيام سوق عربية مشتركة ليس مسألة في غاية السهولة بل هناك عقبات وتحديات لكن في الوقت نفسه يحدونا الأمل هذه المرة في قمة اليوم أن تتغلب علي هذه الصعاب التي تقف حجر عثرة في طريق تحقيق هذه السوق.. فهل تتحقق الأمنية في قمة اليوم أم ننتظر قمة أخري نناقشها وبعدها تظل حبيسة الأدراج المغلقة؟!