هل عدت بذاكرتك يوماً إلي الوراء.. وأدركت ما طرأ علي شخصيتك من تغييرات؟! هل فكرت كم تحولت أفكارك وآراؤك وتبدلت مواقفك بمرور السنين؟! وهل توقعت في الماضي أن تصبح رؤيتك للحياة بالكيفية التي هي عليها الآن؟! كثيرون منا.. عندما تقفز ذكرياتهم إلي السطح.. ويتراءي أمام مخيلتهم ما كانوا يقدمون عليه من أفعال أو أقوال.. ربما تعلو شفاههم ابتسامة خفيفة. ساخرين من تصرفاتهم.. بل قد يتساءل البعض كيف كنت أفعل ذلك؟! أو لماذا فعلت ذلك؟! ويري في تلك التصرفات والأفعال نوعاً من الطيش أو عدم النضوج.. وأنه لو عاد به الزمن إلي الوراء لكان سيتصرف بشكل مختلف! علماء النفس بالولايات المتحدة.. قاموا بإجراء دراسات حول مدي إدراك الإنسان لنفسه وتصوره لذاته وقدراته.. وأطلقوا علي هذه الظاهرة اسم "وهم نهاية التاريخ"! وهذا الخداع أو الوهم يقودك إلي التهوين من قدر ما سوف يعتريك من تغييرات في المستقبل! يقول العلماء.. ان الاشخاص في مرحلة منتصف العمر غالبا ما ينظرون إلي ماضيهم عندما كانوا في سن المراهقة نظرة تجمع بين الشعور بالاستياء والميل إلي التسلية أو الفكاهة.. أما الأمر الذي يبدو أننا لا نعرفه جيداً فهو أننا في المستقبل سوف ننظر إلي الخلف وينتابنا الاحساس نفسه حول المرحلة التي نعيشها حالياً!! المثير أننا في كل مرحلة عمرية نظن ان هذه هي المرة الأخيرة التي نطلق فيها ضحكة ساخرة من ماضينا وأننا لم نكن علي صواب طوال سنوات العمر الماضية! في هذه الدراسة التي شملت 19 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والثامنة والستين تبين أن وهم نهاية التاريخ لا يقتصر علي فئة عمرية دون غيرها بدءاً من سن المراهقة وحتي سن التقاعد! وقد ظهر ان الإنسان يمكنه التحدث عن سماته الشخصية وما يفضله من اطعمة والأماكن الأفضل لقضاء عطلاته وهواياته وأصدقائه ويعترف بحدوث تغييرات كبيرة طرأت عليه خلال السنوات العشر السابقة. أما عندما يأتي الحديث عن المستقبل وما سوف تصبح عليه شخصية الفرد وآراؤه وذوقه بعد عشر سنوات فإنه يقلل من احتمال حدوث تغيرات ملموسة عما هي عليه الآن! ويري العلماء.. أن سبب هذا التناقض بين رؤية الإنسان لماضيه ورؤيته لمستقبله.. هو وجود ميل لدينا لكي نكون معجبين بأنفسنا راضين عن شخصياتنا مقتنعين بأفكارنا ورؤيتنا للحياة! وطبيعي كما يقول العلماء أن يشعر كل إنسان بأنه وصل إلي قمة التطور في شخصيته وقدرته علي تقييم الأمور بشكل سليم فتجربة "ليتني كنت أعلم.. ثم ما أصبحت أعرفه حالياً" يمكن ان تمنحنا الاحساس بالرضا وتحقيق الذات.. أما لو أدركنا أن أفكارنا وقيمنا هي أمور مرحلية أو مؤقتة وليست هي نهاية المطاف فسوف يقودنا ذلك إلي التشكك في كل شيء ويولد عندنا شعوراً دائماً بالقلق عند أي تصرف أو في حالة الاقدام علي أي قرار. هناك تفسير آخر لقدرة الإنسان علي إدراك ما طرأ عليه من تحولات في الماضي ومحدودية هذه القدرة حيال ما سوف يطرأ عليه من تغييرات.. في المستقبل وهو ان التنبؤ بالمستقبل يتطلب جهداً كبيراً ومخيلة ثرية بخلاف الماضي الذي يمكن تذكره بسهولة.. والإنسان غالباً لا يستطيع التمييز بين صعوبة تخيل التحولات الشخصية التي سوف تعتريه في المستقبل وبين احتمالية حدوث هذه التحولات. وهذه الظاهرة وهم نهاية التاريخ وهي احساس الإنسان بأنه وصل إلي نهاية النضج لها جوانب سلبية حيث نجد كثيراً من الناس يندمون علي اتخاذ قرارات معينة ولكن بعد فوات الأوان مثل قيام شخص بعمل وشم علي جسده أو عند اختيار شريك الحياة..!! اضحك ساخراً علي ما مضي منك أو متباهياً بما أنت عليه الآن.. لا فرق.. فليس لذلك من معني سوي ان نظرتك لنفسك لم ولن تتغير بمرور الزمن..!! ** أفكار مضغوطة: ما يؤلم الإنسان.. أن يموت علي يد الذين يقاتل من أجلهم! "تشي جيفارا"