لاتزال أجواء الحزن تسيطر علي منطقة المعمورة البلد وبالتحديد شارع الرحاب حيث لقي "27" مواطناً ومواطنة مصرعهم تحت الأنقاض.. فالناجون يتوافدون واحداً تلو الآخر علي موقع العقار بحثاً عن ممتلكاتهم المفقودة وكل من يتواجد بموقع الحادث يحكي قصته للمواطنين وكيف أنجته العناية الإلهية. يقول "فرج إبراهيم السيد": أنا متزوج منذ ثلاث سنوات وأقطن بالدور السادس وتكلفت شقتي "40 ألف جنيه" وقبل الحادث ببضع ساعات عندما راقب عمود بالعمارة ينهار وأنا متوجه لعملي. اتصلت بزوجتي وطلبت منها المغادرة مع الأولاد علي الفور وبعد بضع ساعات علمنا بالحادث. أضاف: توجهت للمحافظ والتقيت به وطلبت بشقة بديلة فأين أمكث أنا وأسرتي ومن أين الأموال لأحصل علي شقة بطوسون أو بمساكن الشباب ونحن علي باب الله. تقول "ماجدة محمود": نجونا من الحادث بمعجزة بتواجدي مع أولادي وزوجي خارج المنزل. وعندما عدنا في اليوم التالي اكتشفنا الكارثة.. وأضافت: توجهت للمستشار "محمد عطا" محافظ الإسكندرية فطلب منا خمسة آلاف جنيه ثمن الاستثمارات للتقدم للحصول علي شقة ثم "15 ألف جنيه" جزية تعاقد وعشرين ألف جنيه عند الاستلام. وباقي المبلغ "30 ألف جنيه" يقسط علي عشرين عاماً وذلك بإسكان الشباب وعندما أبلغته أننا نعيش اليوم بيومه بلا دخل لأن زوجي ليس لديه دخل ثابت عرض عليّ أن أقيم مع أسرة أخري في حجرة واحدة مشتركة.. فمن يستطيع أن يتحمل ذلك وأنا أم لطفلين.. فهل نتحمل عجز المحافظة في القضاء علي المخالفات أم طمع مقاول عديم الذمة. من ناحية أخري أكد الشيخ "إبراهيم درة" أمام مسجد المعمورة أنه تم تسليم ما يقرب من 70% من متعلقات الأهالي التي تم حصرها من خلال لجنة من حزب النور وأن عملية التسليم تتم بدقة متناهية من خلال قيام أبناء المنطقة بالتعرف أولاً علي المستلم ثم إدلاء المستلم بأوصاف متعلقاته بدقة حتي ولو كانت أموالاً ثم يوقع علي محضر الاستلام برقم بطاقته الشخصية وأوضح أن باقي المتعلقات معظمها "أنابيب بوتاجاز" أو مراتب وغيرها. أما الحاج "محمود الحفناوي" من أهالي المنطقة فأوضح أن هناك أهالي راحت أسرهم تحت الأنقاض من بينهم والد المرحوم "كريم" الحاج عبدالرحمن ويتبرعون بملابس ضحاياهم للأسر الفقيرة بالمنطقة خاصة أن كريم قد توفي هو وزوجته الحامل فانتهت الأسرة بالكامل.. وغيرهم كثيرون علي هذا المنوال. أضاف أن هناك لجاناً شعبية تسهر ليلاً لحراسة متعلقات المواطنين الملقاة علي الأرض خوفاً من سرقتها لعدم وجود مخازن بالمنطقة تتسع لكل المتعلقات. قامت مديرية التضامن الاجتماعي بحصر أسماء المصابين والمتوفين وسكان العقار من خلال لجنة رسمية تم إرسالها للتوثيق من قبل أهالي المنطقة خوفاً من اندساس المدعين للملكية أو التأجير بين الضحايا. لم يتمكن سكان العقارين المجاورين للعقار المنهار واللذين تم إخلاؤهما بمعرفة النيابة العامة من العودة مرة أخري وتم إغلاق الأبواب بالجنازير خوفاً من اللصوص لحين انتهاء اللجنة الهندسية من معاينة العقارين وإصدار تقرير نهائي حول صلاحيتهما ومدي تأثرهما بعملية الانهيار. بينما أمر رئيس نيابة المنتزه بتجديد حبس المتهمين "صابر شوقي وأحمد المسجان" المشاركين في ملكية العقار خمسة عشر يوماً علي ذمة التحقيقات مع سرعة ضبط وإحضار مقاول البناء الهارب عبدالمنعم صديق والشريك الثالث بالعقار صباح السعيد علي. أما فيما يتعلق بالمصابين فقد تم التصريح بخروج أشرف ربيع "31 سنة" من مستشفي طوسون بعد أن استقرت حالته. وليفاجأ بوفاة نجلته الوحيدة في الحادث "روجانا" "عام واحد" بعد أن كان يعتقد أنه أنقذها وخرج أشرف ليتلقي العزاء في "نجلته" وشقيق زوجته "أحمد حافظ" الذي لقي مصرعه في الحادث.. بينما لايزال شقيق زوجة "أشرف" الطفل "مؤمن حافظ" "13 سنة" يتلقي العلاج بعد أن أجريت له جراحة لتثبيت الكسر بعظمة الفخذ. ولاتزال أيضاً "آمال جابر حسن" "50 سنة/ ممرضة" الناجية من الموت بعد أن ظلت تحت الأنقاض عشر ساعات متواصلة تتلقي العلاج بمستشفي طوسون التي تعمل بها بعد إصابتها بكسر بعظمة الحوض. ومن مستشفي أبوقير العام لايزال "حافظ أحمد حافظ" "63 سنة/ بالمعاش" يرقد مصاباً بجروح قطعية بالرأس وأرتجاج بالمخ بالإضافة إلي الضغط المرتفع والسكر وهو لا يعلم حتي الآن أن نجله "أحمد" قد توفي ويعتقد أنه مصاب فقط خاصة أن "أحمد" كان يستعد للزفاف خلال شهرين إلا أن الموت كان أسرع. ولعل المؤسف حقاً هو أن شركة القمامة الخاصة قد حولت الأرض الخالية المجاورة للعقار المنهار إلي مقلب للقمامة وأخذت تلقي فيها جميع مخلفاتها. وزاد الطين بلة أن مواسير الصرف الصحي التي تم تركيبها بمعرفة الأهالي تعرضت للكسر من جراء الضغط عليها باللودرات وسيارات النقل أثناء الحفر بحثاً عن الضحايا لتغرق المنطقة بمزيد من مياه المجاري.