استيقظ الأهالى بمنطقة المعمورة بالإسكندرية، منذ فجر اليوم على صراخ، وعويل، حينما وجدوا العقار المنكوب أصبح فى مستوى سطح الأرض، وصارت "24" أسرة تحت الأنقاض لم تجد لها مغيثاً، وآخر صوت سمعه أهالى المنطقة هى أصوات الصراخ للضحايا," الحقونا إحنا بنموت". واتشحت منطقة المعمورة بالسواد وفى لحظة خروج كل مصاب أو متوفى من تحت الأنقاض، يتجدد صراخ الأهالي، فالكل يبحث عن أهله وأصدقائه تحت أنقاض الركام، كما تهرع السيدات والرجال خلف سيارات الإسعاف للحاق بذويهم فى المستشفيات. تقول الحاجة أم أحمد: دموعنا لم تجف على ضحايا قطار البدرشين حتى نستيقظ صباح اليوم على ضحايا جدد. وأكدت أن العقار المنكوب به 24 أسرة، ومكون من 8 أدوار، وقاطنو العقار أغلبهم من أسر بسيطة، وعمال يسعون على قوت يومهم بالكاد، ومنهم أيضًا متزوجون حديثا. وأوضحت أن أهالى المنطقة كانوا يسمعون استغاثات الضحايا من تحت الأنقاض والتراب، وكنا نحاول إنقاذهم، ولم نستطع أن نخرج سوى ثلاثة أشخاص فقط، من بينهم طالب استطاع أن ينجو بمفرده من تحت الأنقاض بعد أن قام " بالحفر" بنفسه للخروج للحياة مرة أخرى. وتابعت: حسبى الله ونعم الوكيل، الذمة والضمير انعدموا فى كل شىء، وكل اهتمام المقاولين هى الفلوس فقط لا غير، حتى فرق الإنقاذ لم تصل إلا بعد أربع ساعات من حدوث الواقعة الأليمة التى عصفت بقلوب أهالى المنطقة على فقدان ذويهم". وأضافت "هويدا" شقيقة إحدى الضحايا تحت الأنقاض وهى تصرخ وتبحث عن شقيقتها وأولادها الثلاثة، وتقول" ياريتنى كنت مت معاك، بعد ما بقيت فى الدنيا وحيدة". وأكد محمود إسماعيل من أهالى المنطقة وأحد شهود العيان لحظة سقوط العقار: "أن العقارات المخالفة بالمنطقة لا تعد ولا تحصي، وبدون أساسات، ولكن المواطنين غلابة هايروحوا فين، ولا يوجد صرف صحى، وحينما تعلو مياه الأمطار تغرق المنطقة فى شبر مية". ووجه رسالة لحكومة دكتور هشام قنديل:"حرام عليكم بصوا على الغلابة شوية، وراقبوا الناس اللى معندهاش ضمير، وبتموت الغلابة". وقد أسفر الحادث عن وفاة 8 أشخاص من بينهم أحمد حافظ 25 سنة، وأحمد عيد 30 سنة، وروجينا أشرف سنة ونصف، وعمرو حسن على 26 سنة، والمصابون 8 آخرون من بينهم حافظ أحمد حافظ 63 سنة مصاب بجروح قطعية وارتجاج فى المخ، وكدمات فى الرأس، وفهمى أحمد فهمى 27 سنة، ويعمل صيدلى، مصاب بسحجات وكدمات فى الذراعين والركبة، كما تم نقل العشرات من المصابين إلى مستشفى أبوقير العام، ومستشفى طوسون. وتكثف قوات الأمن جهودها للقبض على عبد المنعم صديق صاحب العقار "هارب" وشريكه شوقى سعيد حسن. وأكد المستشار محمد عطا محافظ الإسكندرية أن العقار المنهار بمنطقة المعمورة تم بناؤه بدون ترخيص، والحى أصدر له قرار إزالة، ولم ينفذ. وأوضح "عباس" خلال تواجده بمكان الحادث لمتابعة إنقاذ الضحايا أن مشكلة انهيار العقارات هى من أخطر المشكلات التى تواجه المدينة، والتى نعمل على إيجاد مخرج لها حتى نوقف نزيف الدم المستمر، خاصة بعد الثورة والتى شهدت بناء أكثر من10 آلاف وحدة سكنية بدون ترخيص، وبدون أى إشراف هندسى أو فني. فيما أكد اللواء ناصر العبد، مدير مباحث الإسكندرية، أن قوة من الضباط تمكنت من إلقاء القبض على مالكى العقار المنهار بالمعمورة وهما أحمد السجان، وصبرى سعيد، والتحفظ عليهما والتحقيق معهما. وأضاف العبد فى تصريحات صحفية أن العقار غير مرخص وأنه جار التحقيق معهما لمعرفة المقاول الذى قام بالبناء أيضًا للقبض عليه وبيان مواصفات العقار الذى تم على أساسه البناء. من ناحيته، قال الدكتور حسن البرنس، نائب محافظ الإسكندرية، إن عقار المعمورة المنهار تم بناؤه منذ 6 سنوات فقط، وصدر له أكثر من 5 قرارات إزالة، ولم تتم إزالته نظرًا لأن سكان العقار نفسه كانوا يمنعون القوات من إزالته. وأكد فى تصريحات صحفية أن العقار المنهار لا يصلح أن يكون سكناً، ولا يوجد به مكان للصرف الصحي، ومياه الصرف تراكمت أسفله وأدت إلى تأكل أساسه، كما أن بناءه مخالف تمامًا وأنه بالرغم من فقد ملفه إلا أن مهندسى الحى أكدوا هذه المعلومات. كما تحاول قوات الإنقاذ استخراج الضحايا من تحت الأنقاض، خاصة بعد سماع أصوات استغاثات من تحتها، وتعمل القوات بأقصى طاقتها لأجل إنقاذهم. وأشار أحمد صالح الأدكاوى، سكرتير عام المحافظة، إلى أن المحافظ أمر بتشكيل محافظة لجنة فنية هندسية من حى المنتزه التابع لعقار الإسكندرية المنكوب، للتعرف على أسباب انهيار العقار. وأضاف أن ملف العقار غير موجود بالحى لاحتراقها أثناء حريق حى المنتزه عقب ثورة يناير، مؤكدا أن العقار تم بناؤه بدون ترخيص. وأكد عاطف أبو العيد، أمين الإعلام بحزب الحرية والعدالة بالإسكندرية، أن حزب الحرية والعدالة ينعى بكل الأسى ضحايا حادث انهيار عقار المعمورة ويتمنى للمصابين الشفاء العاجل. وطالب الحزب باتخاذ إجراءات حاسمة مع المتسببين فى هذا الحادث الأليم حتى لا يتكرر مرة أخرى.