سبق أن قلت إن الفوز في قضية النائب العام المستشار طلعت عبدالله سيكون لصاحب النفس الطويل الذي لديه القدرة علي الأخذ والرد والتأجيل والتسويف.. وواضح أنني كنت أشير بذلك إلي استمرار النائب العام في منصبه ورفضه التخلي عنه. ولا شك أن الأمور تسير في هذا الاتجاه من خلال التصريحات التي أدلي بها أطراف القضية.. فالمستشار طلعت عبدالله أعلن بالأمس أنه لا يقبل أن يتدخل أحد في عمله. وأنه يعمل حالياً علي تطوير العمل في النيابات العامة. وقد سبق أن أعلن بعض مساعديه أن النائب العام باق في منصبه ولن يتخلي عنه تحت أي ظرف من الظروف. فإذا أضفنا إلي ذلك أن المستشار محمد مممتاز متولي رئيس مجلس القضاء الأعلي أبلغ رؤساء أندية الأقاليم خلال اجتماعهم مع أعضاء المجلس الأعلي أن حل الأزمة في يد النائب العام نفسه. وليس للمجلس أي تدخل مادام النائب العام باقياً في منصبه. ولا يمكن قبول قرار تخليه عن منصبه مادام قد عدل عنه. وأضح المستشار محمد ممتاز أنه لا يستطيع أحد إجبار النائب العام علي ترك منصبه حتي لو كان مجلس القضاء الأعلي أو وزير العدل أو أندية الأقاليم أو حتي رئيس الجمهورية. ونبه رئيس مجلس القضاء الأعلي أن القضاة الرافضين لبقاء المستشار طلعت عبدالله لا يملكون سوي أن يسجلوا موقفهم ولن يتم اتخاذ أي خطوات تصعيدية كالتعليق الكلي للعمل أو الامتناع عن الاشراف القضائي علي الانتخابات البرلمانية المقبلة. واعترف المستشار أحمد مكي وزير العدل بأن موضوع أزمة النائب العام خرج من يده.. ومعني ذلك أن الوزير لم يستطع الوفاء بوعده بأنه سيعمل علي التوصل لحل لتلك الأزمة. أعضاء النيابة العامة والقضاة المتضامنون معهم يطالبون بملف القضية الذي يضم استقالة النائب العام وتراجعه عن هذه الاستقالة لاستخدامه في رفع قضية ضد النائب العام والمجلس الأعلي للقضاء ووزير العدل واختصامهم في القضية أمام دائرة رجال القضاء. الملف الآن مع وزير العدل وسيتم تقديم طلب مكتوب له لاستعادة الملف.. فهل سيقوم الوزير بتسليمهم الملف خاصة أن مجلس القضاء الأعلي رفض إعادة الملف إليه. في ضوء ما صرح به المستشار ممتاز بأن المجلس لن يتدخل في الموضوع. وزير العدل رفض الاجابة علي سؤال عما إذا كان سيقوم بتسليم الملف إلي الوفد القضائي الذي سيستقبله غداً أم لا؟. وفي اعتقادي أن أمر النائب العام- بهذا السيناريو- أصبح محسوماً من خلال الدلالات الآتية: * المستشار عبدالله فتحي وكيل نادي القضاة أشار إلي أن هناك ضغوطاً- لم يحدد مصدرها- لكنه أطلق عليها "الطرف الآخر" وهذه الضغوط تتجاوز احترام استقلال القضاء واحترام وتقدير مجلس القضاء الأعلي. وهو ما وضح في تثبيت المستشار طلعت عبدالله في منصب النائب العام. * تصريح المستشار محمد عبدالهادي المتحدث باسم ائتلاف شباب القضاة والنيابة بأن القيادة السياسية لا تلقي بالاً لتعليق العمل بالنيابات والمحاكم.. ولذلك قرر وكلاء النيابة انتظام العمل بشكل كامل حتي لا تتاح فرصة لمن يحاول استفزاز المواطن وإثارته ضد القضاء. إذن.. النائب العام المستشار طلعت عبدالله باق في منصبه بفضل سياسة النفس الطويل.