عن دار وعد للنشر والتوزيع صدر كتاب "أشكال وتجليات العدودة في صعيد مصر برديس وأبيدوس نموذجا" للشاعر والباحث أشرف البولاقي في 175 صفحة من القطع الكبير بمقدمة كتبها الباحث يقول فيها "تشكل صفحات" هذا الكتاب احتفاء خاصاً بفن العدودة المصرية. أو ما درة كثير من الباحثين والدارسين علي تسمته بفن "البكائيات" الذي شكل وحدة ظاهرة إبداعية لا مثيل لها بين الفنون الشفاهية الأخري بنسيجه الإنساني. وخصوصيته الثقافية التي جسدت احتفال المصري القديم والمعاصر بظاهرة الموت عامة. وحالة "الفقد" خاصة. وإذا كانت عملية جمع وتسجيل وتدوين نصوص العدودة الشفاهية ليست جديدة علي حقل الأدب والدراسات الشعبية. إلا أننا حاولنا في هذا الكتاب أن نتطرق إلي ما هو أبعد وأعمق من عملية التسجيل أو التدوين فحسب. محاولين إثبات أثر الحضارة المصرية القديمة علي فن البكائيات نفسه. وذلك في الجزء الأول من الكتاب . متخذين من منطقة عرابة أبيدوس. أو العرابة المدفونة نموذجاً للبحث. وهي منطقة لا تزال عذراء لم تمتد لها يد باحث من قبل فيما نعلم علي الاقل حيث تتميز تلك المنطقة بوجود معبد جنائزي يشكل ثراء عبقريا في تجليات وتشكيلات العدودة عند أهله وسكانه. وقرية العرابة المدفونة التابعة لمركز البلينا بمحافظة سوهاج واحدة من أقدم وأهم المراكز الدينية في مصر القديمة. حيث أعتقد المصريون القدماء أنها مثوي الإله أوزوريس. الأمر الذي جعلها نموذجاً جديراً بالبحث والدراسة لإثبات تأثير الحضارة المصرية القديمة علي كثير من الطقوس والعادات والتقاليد المرتبطة بظاهرة الموت والفقد معاً. * أما في الجزء الثاني فقد تناولنا فيه فن العدودة في قرية أخري من قري مركز البلينا وهي قرية "برديس". وقد اعتمدنا في بحثنا علي المنهج الإثنوجرافي الذي يعني بملاحظة وتسجيل المادة الثقافية في الميدان. والذي يقوم علي دراسة الحالة من خلال الملاحظات العلمية المباشرة للظاهرة الشعبية موضوع البحث "العدودة" وبدأنا البحث بمقدمة نظرية عن الفلكلور أو الأدب الشعبي وظهوره كمصطلح. ثم ألقينا الضوء علي تاريخ الأدب الشفاهي وأهميته. وتناولنا بعد ذلك فن العدودة المصرية بوصفه واحداً من أهم أنواع الأدب الشفاهي. وأتبعنا ذلك بفصل عن مجتمع البحث "عرابة أبيدوس" للتعرف علي تاريخها القديم والحديث والمعاصر وذلك بالحديث عن: الموقع الطبيعي والجغرافي. الظروف الثقافية والتعليمية. البنية الاقتصادية والاجتماعية. العادات والتقاليد. الابداع الشعبي.ثم خصصنا فصلا للحديث عن معبد أبيدوس الجنائزي "معبد سيتي الأول بالعرابة المدفونة" وأفردنا بعد ذلك فصلا عن طقوس الدفن والجبانات لدي سكان قرية العرابة المدفونة المعاصرين. وبعض العادات والتقاليد والطقوس الجنائزية. واحتفالات التأبين الاسبوعية أو الشهرية أو السنوبة المرتبطة في تصورنا بثقافة المصريين القدماء. وخصصنا الفصلين الأخيرين لنصوص العدودة الشفاهية عند سكان قرية العرابة المدفونة ولقراءتها وتحليلها. طامحين أن يكون بحثنا هذا إضافة إلي مكتبة الدراسات الشعبية التي نعلم أنها لاتزال في حاجة شديدة إلي جهود المخلصين من الباحثين والدارسين لإثرائها. وقد اعتمدنا علي ذات المنهج ونفس الخطوات في بحثنا عن العدودة في قرية "برديس" والتي بخلت نصوصها علينا باعتبارها مجتمعاً زراعياص وبعيداً عن التأثير الفرعوني عن الزعم بوجود وشانج أو صلات أو إشارات مصرية قديمة فيها". ويضيف الباحث قائلا حول أصداء وتأثيرات الثقافة المصرية القديمة علي دفن العدودةك وربما لا نكون مبالغين إذا قلنا أن الاحتفاء بالموت. والاحتفال بذكري الميت هو أهم ما ورثه المصريون المحدثون عن أجدادهم المصريين القدماء. بل إن نصوصا كثيرة من نصوص العديد والبكائيات تحمل من الإشارات والأدلة ما يؤكد تماما ما نذهب إليه من أنها أثر طبيعي وحقيقي من آثار الحضارة المصرية القديمة. وقبل ان نتعرض لبعض هذه النصوص تجدر الاشارة إلي أننا لا يمكن بالطبع أن نجد هذه التأثيرات ولا تلك الأصداء في اللغة نفسها كما قد يتبادر إلي ذهن البعض فاللغة المنتجة لفن البكائيات لغة عربية لكن كثيرا من العادات والطقوس الواردة كما سنري تشير بوضوح إلي تأثر الذاكرة العربية الوارثة لتلك النصوص بحضارة المصريين. وانتقال كثير من المعاني القديمة التي لم تعرفها الثقافة العربية إلي لغتها الجديدة الوافدة ألا وهي لغة العرب.