إلى «أبيدوس»، أقدس المدن التى عرفها التاريخ المصرى القديم، لاذ عالم الأثريات الأمريكى الدكتور ديفيد أوكونور، بعيدا عن صخب الأحياء، مكرسا 40 عاما من عمره بين جبانات ومقابر الفراعنة القدماء، مستكشفا أسرار مشاهير ملوك الأسرتين الأولى والثانية، الذين دفن غالبيتهم فى تلك المدينة، حتى باتت تعرف بأنها «العرابة المدفونة»، قبل أن يضع خلاصة تجربته المزدوجة، الممزوجة بأبحاثه النظرية بين البرديات من جهة، وعمليات التنقيب الميدانية من جهة أخرى، بين جدران المقابر المنحوتة بأسرار ملوك أبيدوس، فى 206 صفحات باللغة الإنجليزية، هى محتوى هذا الكتاب «أبيدوس – الفراعنة الأوائل ومعبد أوزوري س»، الذى صدر مؤخرا عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية مطعما ب113 صورة وخريطة إيضاحية، منها 11 لقطة بالألوان الطبيعية، قسّم «أكونور» كتابه إلى 3 أجزاء، بدأها باستعراض جغرافية وتاريخ مدينة «أبيدوس»، الواقعة على بعد 413 كيلومترا جنوب مدينة ممفيس، أقصى جنوب مصر العليا، فى حافة الصحراء، على الضفة الغربية من نهر النيل، قرب ما تعرف الآن بمدينة البلينا بمحافظة سوهاج. ويتناول العالم الأمريكى المدينة، فى الجزء الأول من كتابه، المدينة من حيث موقعها، إضافة إلى ما تضمه من حفريات أثرت مكانتها الدينية المقدسة عند الفراعنة الأوائل بقيم فنية وتاريخية، نظرا لما خلفه أوائل ملوك الأسرتين الأولى والثانية من مقتنيات وأضرحة ومعابد وحفريات على أرضها، لعل أهمها احتواؤها رأس «أوزوريس»، الذى قُطع جسده بحسب الأسطورة ونُثره فى أنحاء متفرقة فى البلاد، وهو ما حوّل «أبيدوس» مع الوقت فى العصور القديمة إلى قبلة دينية مقدسة يحج إليها الفراعنة «الأتقياء». «أوكونور» خصص قسما كاملا لهذا الملك «أوزوريس»، الذى أولاه ملوك الفراعنة القدماء اهتماما خاصا، به وبمعبده، فكانوا يقومون بتزيينه وتوسيعه، لكن عالم الأثريات أفرد أيضا فصلا آخر لمعبد «سيتى الأول»، الذى كان الكهنة يمثلون فيه مسرحية «إيزيس وأوزوريس»، قبل أن يتوغل فى الجزءين الثانى والثالث بعمق أكثر، رأسيا فى نشأة المدينة تاريخيا، وأفقيا مارا بالأحداث الجسام التى شهدتها عبر الدولة الوسطى، فضلا عن حكايات تشييد المعابد الملكية والخاصة، ثم روايات عن الجبانات الفرعونية، التى تحويها المدينة، والأهرامات، والمراكب الجنائزية «مراكب الشمس» التى كانت تستخدم، وفقا لعقيدة البعث، فى الإبحار إلى شاطئ الأبدية والخلود. هكذا يسافر «أوكونور» بقرائه فى رحلة شيقة عبر الزمان والمكان، وهو العالم والأثرى الأجدر فعليا بقص تلك الروايات وسرد حقائق ووقائع التاريخ المصرى القديم فى تلك البقعة الجنوبية من أرض مصر، حيث أفنى ما يقرب من نصف قرن من عمره بين جدران معابد أبيدوس، محاولا سبر أغوارها، واكتشاف أسرار ملوكها، بين أبحاث وعمليات تنقيب أفضت إلى هذا الكتاب، الذى قال «أوكونور» فى افتتاحيته إنه جاء ليملأ فراغا كان قائما فى مكتبة التاريخ المصرى القديم، وهو الإسهام الذى لم يأت به الأثرى الأمريكى، الذى عمل أستاذا لجامعتى بنسلفانيا ونيويورك، من فراغ، وإنما من خلال ولعه بالحضارة المصرية ومشاركته فى إعداد مجموعة من الإصدارات عن بعض ملوك مصر الفرعونية، إضافة إلى دراسات حول النوبة القديمة. أبيدوس.. فراعنة مصر الأوائل.. ومعبد أوزوريس تأليف: ديفيدأوكونر عدد الصفحات: 216 قسم النشر بالجامعة الأمريكية
