بعد ديوانيه السابقين. القدس هانت. والشيطان يحكم. قدم لنا الشاعر الأسطون عزت عبدالله ديوانه الثالث "جزائر الروح وصل ما انقطع". والذي جاء فريدا غير مسبوق في تاريخ الشعر العربي فيما أعلم. حيث جاءت كل قصائد الديوان تشطيرا لقصائد عدد من كبار شعراء العربية قديما وحديثا. منهم ابن سناء الملك. والحلاج. وابن الرومي. والبارودي. وشوقي. وإيليا أبوماضي. وإبراهيم ناجي. وغيرهم. وبذلك يكون عزت عبدالله هو أول شاعر عربي يبرز قيمة فن التشطير. فيقدم إنتاجا غزيرا ومركزا فيه. لا بغرض المبارزة والمباراة وهؤلاء الشعراء الفحول. وإنما لإبراز قيمة هذا الفن من جوانب كثيرة منها إحياء القصائد الأصول. وإبراز طاقة القصيدة العربية في التواصل والتراسل في امتداداتها الدلالية الخفية. وخصوبة محتواها المكثف بلطف ودقة التناول والتشكيل والرؤية. فتنطق القصيدة بما لم تنطق به علي يد مبدعها الأول. وتبوح بالمسكوت عنه. وتكشف له ما هو أخفي وتستعيد عافيتها وهي أجلي وأحلي. وتنفث سرها المكنون بروح جديدة معاصرة صهرتها حكمة القرون ولو كانت مبارزة شعرية. لكان أحري بشاعرنا أن يوفر طاقة الجهد في إبداع عمل جديد خالص له وإنما لأن شاعرنا يري أن التشطير إبداع حقيقي من نوع خاص له قيمته وفلسفته فلا ينال منه أنه بني صراحة علي إبداع سابق فكل إبداع خاص هو بدرجات متفاوتة في التناسب مبني بشكل أو آخر علي إبداع سبق. علي خفاء ولطف الأخذ من السابق واللاحق إلا أن التشطير بناء صريح علي الأصل وفيه مزية ما يضيفه إبداعا علي إبداع في اتصال وتواصل بيتا إلي بيت. وشطرا إلي شطر. وفكرا إلي فكر. مع ضرورة أن يبلغ الشاعر الجديد قوة وقدرة الشاعر الأول لدرجة التوحد به. والتماهي فيه. حتي لكأنهما واحد من غير تمايز بينهما. وبين يدي الآن عمل جديد له. بعنوان "فتح العلي في تشطير ديوان الإمام الشافعي" حيث أقدم شاعرنا علي تشطير أربعة عشر بابا من أبواب ديوان الإمام الشافعي رضي الله عنه والذي يعد واحدا من عيون التراث العربي في أدب الحكمة والدنيا والدين استطاع شاعرنا أن يتماهي مع الإمام علما وفكرا وروحا وحكمة وصفاء وصوفية وأن يجاريه ويباريه لغة وإيقاعا علي قوافيه الكثيرة وعروضه الصعب المتنوع. دون أن يشعر المتلقي بأي تنافر لغوي أو إيقاعي ناهيك عن التواؤم في الفكر ومنابعه وانسجام الرؤي وامتزاج التجارب الإنسانية والثقافية للشاعرين. تماما حتي كأنهما الآن واحد هذا ما يجعل عزت عبدالله هو الرائد الأول الذي وضع بحق أصول هذا الفن الإبداعي تطبيقا لا تنظيرا وهذا ما قد تكشفه الدراسات العلمية التي نتمني ألا يفوتها هذا العمل الفريد وأخيرا فله عمل جديد مخطوط ننتظره وهو تشطير ديوان "قيس ليلي" وهو من أبدع أعماله في هذا الفن. إضافة إلي رائعته في تشطير الهمزية النبوية لأمير الشعراء ثم عدد من جديد إبداعه العمودي والتفعيلي. أطال الله عمر وعافية شاعرنا السبعيني الفتي.