كل دولة لها كتابها وشعراؤها وأدباؤها وعندما تزول وتسقط يسقطوا معها ويتواروا خجلاً.. كان كاتب الدولة الأموية عبدالحميد بن يحيي الملقب بعبدالحميد الكاتب.. نشأ بالشام في أخريات الدولة الأموية ونجمها إلي غروب وريحها إلي ضعف وزوال. بدأ حياته معلماً يتنقل بين البلدان.. ثم كاتباً بديوان الرسائل في عهد هشام بن عبدالملك.. عرفة مروان بن محمد وكان والياً علي الجزيرة وأرمينية.. فأتخذه كاتباً له.. فلما تولي الخلافة عام 127 ه عينه كاتب الدولة للانتفاع بعلمه وذكائه وخبرته. توالت المحن علي مروان في السنوات الخمس التي قضاها خليفة.. إذ خرج عليه عبدالملك بن معاوية بن عبدالله أبي جعفر أبي طالب بالكوفة ودعا لنفسه فأخمد ثورته في العراق.. وثار سكان حمص والغوطة وفلسطين فأخمد مروان ثورتهم.. ثم خرج عليه سليمان بن هشام بن عبدالملك وطالب بالخلافة وانضم إليه أهل الشام.. وطمع الخوارج في ضعف الدولة واستولوا علي الكوفة وكانت الحرب سجالا بينهم وبين مروان ثم بويع أبوالعباس السفاح بالكوفة سنة 132 ه وهزمت جنوده جيش مروان ففر إلي مصر وتبعه العباسيون إليها فقتلوه وانتهت الدولة العباسية. لم يفارق عبدالحميد.. "مروان" في محنته هذه وفاء منه لسيدة حتي أشار عليه مروان حينما توالت هزائمه وجد العباسيون في طلبه أن ينضم إليهم لحاجته إلي أدبه وإعجابهم به.. قال له إن اعجابهم بك يدعوهم إلي حسن الظن فيك "فاستأمن" عليهم وأظهر الغدر بي فلعلك تنفعني في حياتي أو بعد مماتي فقال عبدالحميد يا أمير المؤمنين أن الذي أمرتني به أنفع الأمرين بك وأقبحهما بي ولكن سأصبر حتي يفتتح الله عليه أو أقتل معك. فلما قتل مروان اختبأ عند صديقه ابن المقفع حتي تم التعرف علي عبدالحميد فأخذوه وغلوه وإلي السفاح سلموه ومات أو قتل عام 132 ه. هذا مثال للرجل الشريف الثابت علي المبدأ.. ليس كأشباه الرجال.. ونحن في هذا العصر والعهد اكتشفنا بعد ثورة 25 يناير أن هناك "أشباه رجال" ولا رجال طغام أحلام وعقول ربات الحجال كما قال سيدنا علي رضي الله عنه لأنهم كانوا بالأمس مع المخلوع مبارك كتابا مدافعين ومناظرين ويدعون للتوريث جهراً وعلانية.. سخروا أقلامهم وصحفهم ومحرريهم لنصرة مبارك وهذا لا تسريب عليهم.. صدقهم الناس أنهم مخلصون للنظام وانهم أصحاب مبادئ يدافعون عما يرونه صالحاً وهذا أيضاً حقهم.. ولكن سبحان الله انقلب الجميع من مناصرين لمبارك وتخلوا عنه ولم يذكروه وفوق هذا انقلبوا علي الدولة الشرعية ورئيسها المنتخب.. اني أعلمهم فردا فردا من هم الفضائيات أو المدعون الكتابة.. كانوا في الحملة الرئاسية عام 2005 أشد المدافعين في جميع القنوات والصحف عن مبارك حتي انه كان في كل جريدة فريق رئاسي منوط بتغطية أخبار الحملة الانتخابية للمخلوع وهؤلاء كانوا من المقربين لرأس العمل وحامي شرعيتها آن ذاك وكانت إحدي اللامعات حالياً في القنوات الفضائية هي رئيسة الحملة وهي التي تمنح وتمنع وهي لسان حال الحزب من المجلس الأعلي للسياسات وجمال مبارك سبحان الله.. سبحان مغير الأحوال ولا يتغير.. عايشت هذا كله وشاهد عليه.. لم أكن أعرف ما يسمي بالتيار السياسي الديني أو الإخوان المسلمين إلا عن طريق الصحف والكتب فقد صنفوهم تارة بالإرهابيين وبعد دخولهم العمل السياسي ومنعهم من الممارسة السياسية أطلقوا عليهم المحظورة. قرأت في التاريخ عن الشيخين حسن البنا وسيد قطب وكان لهم منهج سياسي واجتماعي وتربا عليه وتمسكا به.. وقد جاهدا في تحقيق فكرهما بأعز ما يملكان بدمائهما وحرياتهما وأرواحهما وأموالهما وشاركا في جميع الثورات مناضلين حتي أضعفا شوكة خصومهم.. هذا ما قرأته في كتب التاريخ.. تسلحا بالعلم والزهد والعدل والأخلاقيات الفاضلة والزهد في متاع الدنيا والتقرب إلي الله بالطاعات ومساعدة المحتاجين والبسطاء.. جاهدا 80 عاما.. وكان لهما هدف مشروع وهو الوصول للحكم وقد تحقق بالصبر الجميل والعمل الجاد.. واعتلي السلطة رجل صالح أحسبه كذلك عند الله هو الدكتور محمد مرسي.. أراه رجلا صواما قواما يعمل من أجل هذا الوطن.. ولكن للأسف استكثر القاعدون علي العابدين الساجدين اعمالهم ونضالهم فشقوا عصا الطاعة.. وعطلوا الإنتاج وشككوا في النوايا وحرضوا.. وكأن البلد ليس بلدهم والذي يحكم ليس واحدا منا.. لم يراعوا الأحوال الاقتصادية.. سلطوا علي الرجل من لا يخاف الله ولا يرحم الضعفاء. أقولها بكل صدق: الصابرون المحتسبون سوف ينتصرون وهذه المقولة أقولها لوجه الله تعالي ولست طالبا لمجد أو سلطان ولا تقربا لأحد.. طلبي من الله.. أن يهدي كل المصريين لصالح البلاد والعباد. وأقولها لأخوتي وأحبائي وللمعارضين: اتقوا الله فينا وفي مصر وفي الغلابة الذين لا يجدون قوت يومهم.. ضعوا أيديكم في يد الرئيس الشرعي المنتخب حتي تعبر البلاد إلي بر الأمان.. وارحموا مصر. مصر في انتظار الجميع وكل عام ومصر بمسلميها ومسيحييها بخير بمناسبة العام الجديد.. أعاده الله علي مصرنا بالخير والبركات. "اللهم من أراد مصر بسوء .. فاجعل كيده في نحره.. اللهم احفظ علي مصر ..أمنها واستقرارها".