أي مشهد لعين ذلك الذي انقسم فيه الشعب المصري.. أي مشهد مأساوي هذا الذي لو تفنن أي مستعمر أو غاصب أو متآمر أو سفاح أو خائن لاخراجه ما نجح في ذلك وما وصل إلي حد أن يقتل الأخ أخاه ويسفك دمه ويجعله مستباحا علي الأرصفة. أي جريمة تلك التي ترتكب في حق وحدة شعب ناضل من أجل الحرية ونالها وها هو يدمر مكاسبه بيده أو بيد غيره؟! مينا وحد القطرين ونحن نتفرق إلي حد الاقتتال ونصل إلي شفا حفرة من الحرب الأهلية.. من يقبل ذلك كاره لمصر وكاره لشعبها.. عندما تفشل محاولات الفتنة الطائفية تتحول مصر إلي ساحة للفتنة الشعبية التي هي أشد خطورة.. المصري يقتل المصري علي مرأي ومسمع من العالم كله الذي كان يصفق لنا منذ عدة شهور مضت عندما أنجزنا ثورة وأنجزنا اعلانا دستوريا حتي لو اختلف الكثيرون معه لكنه كان مؤقتاً حتي تسير العجلة وأنجزنا انتخابات رئاسية بيضاء أفرزت رئيساً منتخبا وبدأت الآمال في دستور توافقي وفي انطلاقة نحو مستقبل مليء بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. لكننا فجأة عدنا إلي مربع الفوضي القاتل.. مؤسسات هامدة بلا حراك.. تصارع وتقاتل بين مؤيد ومعارض ودماء تسال علي الأرصفة وفي الطرقات. هل تحولنا إلي مجموعة من ضيقي الأفق لا نسمع صوت العقل؟ هل لا يوجد بيننا عقلاء أو راشدون يجتمع الشعب حولهم لنبدأ حواراً وطنياً قومياً لكي يتوحد الشعب من جديد حول كلمة سواء. الثوار من جانبهم لديهم اعتراضات علي الإعلان الدستوري للرئيس وعلي الجمعية التأسيسية ومشروع الدستور. والنظام القائم يري أنه حق أصيل للرئيس ولمن حققوا الاغلبية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لكن إلي أي حد تقصي الاغلبية الأقلية في المشهد السياسي؟ لم أعرف يوما أن من بيده الحكم يستأثر به لوحده مع اقصاء للأخرين ولا أعرف معني أن يصبح الرئيس هو الحاكم بمفرده دون مشاركة حقيقية من القوي السياسية صانعة الثورة. ما أفهمه أن الفائز بالحكم يسعي لزيادة مؤيديه وأن يحتضن ويحتوي الجميع أن يتحول الرئيس إلي الأب الرحيم بكل ابنائه.. فليس بمنح التعويضات للشهداء وأسرهم يصبح أبا لكل الناس ولكن بالحب فقط يتحول الرئيس إلي الصديق والزعيم والشقيق والأب.. ابحثوا عن نموذج لزعيم هندي أسمه غاندي وماذا فعل لبلاده وكيف قاوم الاستعمار دون ان يرفع سلاحا في وجه أحد.. ابحثوا عن نموذج نيلسون مانديلا الذي قضي كل عمره داخل السجون ليحقق وحدة بلاده ويقضي علي التمييز العنصري. ابحثوا في كتب التاريخ لكي تعرفوا جميعا كيف تدار الشعوب وكيف نصنع نهضة حقيقية بعد ان وصلنا إلي حد الانهيار الإنساني والاخلاقي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني. وأسأل مرة أخري هل من عقلاء في هذا البلد يخبرون الرئيس مرسي انه لابد وان يستمع إلي شعبه لأنه وللأسف يفقد الكثير من الذين أعطوه أصواتهم حتي يتحقق له الفوز في الانتخابات الرئاسية ضد الفريق أحمد شفيق الذي اعتبره البعض نموذجاً مكرراً للدولة العسكرية البوليسية في عهد مبارك. بالتيارات الإسلامية وحدها لن تنهض وتحيا مصر وبالتيارات المدنية والليبرالية وحدها لن تحيا مصر.. مصر ستكبر وتصبح قوة عظمي بالجميع دون اقصاء لأحد. الثوار لن يرضوا عن ذلك بديلا والشعب بالكامل لن يرضي عن ذلك بديلا أيضا أما من يرضي بالاستحواذ فهي التيارات الإسلامية واعتقد أن ذلك مرفوض محلياً وعالمياً.. ونسأل الله لمصر الهدوء والاستقرار والرفعة.