مثل غيرها من المواد.. انقسم الأطباء حول المادة "62" الخاصة بالرعاية الصحية.. لكن الجديد أن المادة تحولت إلي جدل أو "متاهة" قانونية بسبب بعض العبارات التي يراها البعض مطاطة وغير محددة. وهو أمر لا يليق بالدساتير. تنص المادة علي أن الرعاية الصحية حق لكل مواطن. تخصص له الدولة نسبة كافية من الناتج القومي. وتلتزم الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية والتأمين الصحي وفق نظام عادل عالي الجودة. ويكون ذلك بالمجان لغير القادرين.. وتلتزم جميع المنشآت الصحية بتقديم العلاج الطبي بأشكاله المختلفة لكل مواطن في حالات الطوارئ أو الخطر علي الحياة.. وتشرف الدولة علي كافة المنشآت الصحية.. وتتحقق من جودة خدماتها.. وتراقب جميع المواد والمنتجات ووسائل الرعاية المتصلة بالصحة.. وتصدر التشريعات وتتخذ كافة التدابير التي تحقق هذه الرقابة. المعترضون: عبارات مطاطة .. واستغرقت في التفاصيل النص علي توفير العلاج المجاني .. يعني عدم الالتزام بالتأمين الصحي المؤيدون:لأول مرة .. تحديد نسبة من الدخل القومي للعناية بغير القادرين منح الحكومة الحق في التفتيش علي المنشآت الصحية والقضاء علي بؤر الفساد "المساء" ناقشت المادة مع أهل التخصص وتنقل آراءهم في السطور التالية: يؤكد د.محمد عبدالدايم.. نقيب الأطباء أنه لأول مرة في تاريخ الدساتير المصرية تكون هناك مادة خاصة بالرعاية الصحية للمواطنين وتخصيص نسبة من الدخل القومي لذلك. لتكون الدولة هي المسئولة عن صحة غير القادرين. وعلاجهم بشكل مجاني. مشيراً إلي أن هذه الفئة يتم تحديدها بواسطة وزارة الشئون الاجتماعية. فهي الجهة المنوط بها تحديد من يستحق العلاج المجاني. ومن لا يستحق. أوضح أن الحكومة ومن خلال هذه المادة يكون لها الحق في التفتيش علي كافة المنشآت الصحية للقضاء علي بؤر الفساد بالقطاعات الصحية وأيضاً للتأكد من سلامة ومطابقة الأدوية والأجهزة الطبية للمواصفات العالمية بشكل يضمن جودتها وصلاحيتها للاستخدام الطبي. قال إن التأمين الصحي أصبح حقاً دستورياً وهذا لم يكن متاحاً من قبل.. وبهذا تكون كافة المستشفيات الخاصة والحكومية ملزمة بحكم القانون علي استقبال مريض الطوارئ. تخفيف الأعباء يقول الدكتور شوقي الحداد.. وكيل نقابة الأطباء سابقاً. وأستاذ الأورام بمستشفي قصر العيني: إن هذه المادة تساهم بصورة كبيرة في تخفيف الأعباء عن محدودي الدخل بعد ارتفاع تكاليف العلاج بصورة كبيرة. وفجر مفاجأة. حيث أكد أن مخازن وزارة الصحة بالعباسية بها أجهزة طبية حديثة وغير مستخدمة. تبلغ قيمتها ما يقرب من ملياري دولار. وتكفي لتحديث كافة مستشفيات مصر. وبشكل يساعد الدولة علي إنجاز هذه المهمة الشاقة بتكفلها بعلاج غير القادرين. التطبيق صعب يري الدكتور معتز أبوالعزم.. مدير استقبال قصر العيني سابقاً. وأستاذ الجراحة أن المادة الخاصة بالرعاية الصحية جيدة. ولكن تطبيقها يحتاج لجهد كبير من توفير السيولة المالية. والتجهيزات الطبية. وبناء المستشفيات لتستوعب الأعداد الهائلة من المرضي. قال إن الروتين والإمكانيات المادية أهم العوائق لتحقيق ما تصبو إليه المادة 62 في طريق تحقيق نهضة شاملة في طرق العلاج. ويضيف أن توفير العلاج بأقسام الطوارئ خطوة مهمة. وهو ما نقوم به في قصر العيني. فعدد الحالات التي يستقبلها قسم الطوارئ شهرياً تصل إلي 27 ألف حالة ونعتمد في توفير العلاج بها علي الجهود الذاتية والتبرعات.. ولتعميم ذلك بكافة المستشفيات نحتاج إلي جهود كبيرة قد لا يتحملها الاقتصاد المصري حالياً. وفي المستقبل القريب حتي يكون الكلام موضوعياً. بينما تري الدكتورة كريمة الحفناوي.. عضو لجنة الدفاع عن حق المرضي. والناشطة السياسية أن نص المادة غير مفهوم. وبه عبارات مطاطة. في حين أنه في كل دساتير العالم تكتب المواد بصورة محددة دون جمل إنشائية.. فالقول بأن تلتزم الدولة بالعلاج المجاني لغير القادرين يعني أن الدولة لا تلتزم بتأمين صحي شامل لكل المواطنين مثل كل دول العالم. وهذا عكس ما كان في الدستور القديم الذي نص علي التأمين الصحي بشكل تكاملي اجتماعي شامل لكل المواطنين ولجميع الأمراض. وهذا ما لا يتحقق في الدستور الجديد بعد الثورة. تضيف: المادة لا تحقق العدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورة.. لأن الدساتير في معظم دول العالم تحدد نسبة لا تقل عن 15% من الناتج القومي لعلاج المواطنين. ولكن في هذه المادة تركت النسبة دون تحديد. يوضح د.محمد عبدالظاهر.. الفقيه الدستوري. ورئيس قسم القانون بجامعة بني سويف أنه من الملاحظ علي هذه المادة طول النص بشكل غير مبرر واستغراقها في بعض التفسيرات وكان يمكن ترك ذلك للتشريع العادي حتي لا تغرق في كل هذه التفسيرات التي أري أن محلها ليس الدستور. وكان يجب علي المشرع عدم استخدام المصطلحات غير المحددة أو الدقيقة مثل كلمة "تحديد نسبة كافية" والتي جاءت بالنص الدستوري.. وهنا لابد أن نتساءل: مَن يحدد هذه النسبة؟!.. هل المشرع أم الدولة أم وزارة الصحة؟!. يضيف: كان من الواجب عدم ترك تلك المسائل بشكل تقديري للجهة التي تتولي تحديد النسبة. ولا تكون خاضعة للظروف أو متغيرة من وقت لآخر. لأن هذا لا يجوز في النصوص الدستورية. أكد أن الفقرة الخاصة بتقديم الرعاية الصحية لحالات الطوارئ والخطر بها قصور شديد لأنها لم تشر للحالات الأخري فأين يذهب المريض العادي؟!.. مشدداً علي أنه كان يجب أن يتضمن نص المادة كلمة "التزام" بدلاً من "تلتزم الدولة" علي أن تشير بشكل قاطع إلي أن العلاج حق لكل فئات المجتمع دون استثناء. ولا يكون هذا مقصوراً علي غير القادرين فقط.