لا أعرف لماذا كل هذا العناد من واضعي مشروع الدستور الجديد في الجمعية التأسيسية.. والتجاهل الواضح للنشاط السياحي.. وكأن مصر ليست دولة سياحية.. رغم أن تصنيفها بحسب منظمة السياحة العالمية تأتي في المركز ال 18 بين دول العالم علي المستوي السياحي. فهل من المعقول لدولة في حجم مصر تعتمد علي السياحة كأحد المصادر الرئيسية للدخل القومي من النقد الأجنبي يخلو أول دستور لها في الألفية الثالثة وعقب ثورة كبري من أي إشارة لأهمية السياحة؟! ماذا كان يضير أعضاء الجمعية من إضافة فقرة في إحدي المواد الخاصة بالسياسات الاقتصادية. تشير إلي أهمية السياحة. وأن الدولة ترعاها وتعمل علي تهيئة البنية الأساسية وتوفير كافة الإمكانيات للنهوض بهذه الصناعة الواعدة؟!.. هل هذه الإضافة كانت ستخل بالدستور أو تسيء إلي أي نشاط آخر؟! المعروف أن دستور 1971 عندما صدر في بداية السبعينيات من القرن الماضي.. لم تكن السياحة تمثل نشاطاً بارزاً كما هي الآن.. فقد كان عدد الفنادق في كل ربوع مصر لا يتجاوز عدد أصابع اليدين.. ولم يكن هناك سوي شركة سياحة واحدة.. وهي الشركة الوطنية "مصر للسياحة". وعدد قليل من الشركات عديمة الخبرة.. إلي أن صدر قانون 1973 المنظم لهذا النوع من النشاط.. وحتي منتصف الثمانينيات لم يكن عدد شركات السياحة قد تجاوز المائة شركة والطاقة الفندقية حوالي 20 ألف غرفة وغدد السائحين حوالي مليون سائح. لكن الوضع الآن مختلف فنحن أمام صناعة ضخمة. فقد اقترب عدد الغرف الفندقية من ربع مليون غرفة ومثلها تحت الإنشاء.. تدخل الخدمة تباعاً مع استقرار الأوضاع الأمنية وتحسن الأحوال الاقتصادية.. كما أن استحقاق مصر من السائحين في الظروف العادية يتجاوز 17 مليون سائح ويصل إلي 30 مليوناً عام 2020 أي بعد 8 سنوات.. فتخيل هذا الرقم "30 مليون!!".. يعني دولة داخل الدولة.. أضف إلي ذلك حوالي 4 ملايين عامل يعملون في هذا القطاع الحيوي.. ودخل سياحي الآن يقدر ب 12.5 مليار دولار يرتفع إلي 20 ملياراً في حالة زيادة التدفقات.. ألا تستحق كل هذه الأرقام كلمة واحدة في الدستور؟! إن تجاهل السياحة إلي هذا الحد.. رغم النداءات والمطالب التي تقدمت بها التنظيمات المهنية داخل هذا القطاع مثل اتحاد الغرف السياحية والغرف التابعة له.. وائتلاف السياحيين للجمعية في بداية تأسيسها.. إن هذا التجاهل يثير شكوك الكثيرين من المستثمرين في هذا القطاع والراغبين في الدخول إليه.. بأن هذا النشاط غير مرغوب فيه.. وأعتقد أنه لم يعد هناك وقت لتدارك هذا الخطأ الجسيم إلا في حالة إلغاء الاستفتاء علي الدستور أو التصويت عليه ب"لا".