تشهد العلاقات بين مصر وتركيا منحني جديدا بعد ثورة يناير يمكن أن يشكل تحولا نوعيا اقليميا حيث يمثل سكانهما نصف مجموع سكان الشرق الأوسط والاقتصاد المصري والتركي القومي جنبا إلي جنب الموارد البشرية والقدرات العسكرية للبلدين يمكن أن تزيد الفرص المتاحة أمام البلدين للعب دور أكبر في المنطقة التي لا يتصور قيام أي تكتل اقليمي بمعزل عن القاهرة وأنقرة. كما يصعب بناء استقرار سياسي أمني إقليمي خارج التنسيق والتعاون بينهما. من هنا تتعاظم أهمية الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لمصر اليوم واجتماعات المجلس الأعلي الاستراتيجي بحضور وزراء ومستثمرين من الجانبين. "المساء الأسبوعية" التقت رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين زكي اكينجي الذي يعيش بمصر منذ 9 سنوات استطاع خلالها إجادة اللغة العربية إجادة تامة وهو يردد ان من يشرب من مياه النيل لابد أن يستقر بمصر لا أن يعود اليها فقط. يعد اكينجي من أكبر المستثمرين الأتراك في مصر. فهو يرأس الشركة العربية المتحدة لتوزيع الدواء إحدي كبري الشركات العاملة في هذا المجال الذي حقق مبيعات تصل لنحو 4 مليارات دولار عام .2010 كما أسهمت جمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين في تأسيس نحو 205 شركات تركية بمصر وإنشاء مدينة متخصصة في النشاط الاقتصادي علي مساحة مليوني متر مربع في مدينة 6 أكتوبر. كما أنها تزمع قريبا إنشاء مليون وحدة سكنية منخفضة التكاليف بخبرة وتمويل تركي باعتبار تركيا من كبري دول العالم العاملة في مجال المقاولات. "المساء" حاورت زكي أكينجي لمعرفة آرائه في أهم القضايا المتعلقة بعلاقات البلدين وكيف يمكن تحقيق نقلة نوعية بينهما في جميع المجالات وغيرها من الموضوع.. وإلي نص الحوار: * كيف ترون اللقاءات والتي تتم بين قيادتي البلدين ومدي نجاحها في دعم مسيرة التعاون؟ ** أؤكد ان العلاقات وطيدة بين مصر وتركيا لوجود قواسم مشتركة دينية وتاريخية وثقافية ويؤكد علي هذا النهج زيارة الرئيس عبدالله جول لمصر في مارس 2011 وحرصه الدائم علي توطيد علاقات الاخوة والصداقة مع مصر والتي تحظي بأهمية بالغة لدينا وهناك ترتيبات تتم حاليا للإعداد للزيارة المرتقبة في نهاية هذا العام للرئيس التركي لدعم التعاون علي جميع الأصعدة. * كيف ترون مستقبل العلاقات المصرية التركية؟! ** تشهد علاقات البلدين تطورات ايجابية وتعاونا وثيقا في قضايا ذات أهمية حيوية لحرصهما علي اقامة جسر للتواصل والسلام بهدف تحقيق الازدهار والاستقرار في المنطقة ولأن مصر تحظي بالاهتمام الأكبر لكونها بوابة اقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وافريقيا فإن التعاون معها ذو أهمية شديدة يدفعنا للتمسك بالتقارب معا لتلبية الاحتياجات الخاصة للبلدين ولشعوب الدول المجاورة ومن المؤكد ان هناك حرصا علي التحالف بين البلدين كشريكين متضامنين يسعيان للحد من التوترات والخلافات السياسية في المنطقة وبناء أواصر جديدة بين الحضارات والثقافات. مجلس استراتيجي مشترك * كيف ترون زيارة رئيس وزراء تركيا لمصر في هذا التوقيت؟ ** مما لاشك فيه ان التقارب بين الشعوب يحقق حالة من النمو والازدهار وهذا ما تسعي اليه تركيا في علاقاتها مع مصر وهناك روابط وتاريخ مشترك وأريد التذكير بأن أقدم اتفاقية للسلاح في التاريخ كانت بين مصر وتركيا فهي تعود لزمن الفراعنة. وفي هذه الظروف وبعد قيام الثورة نسعي للتعاون المشترك خاصة بعد توقيع رئيس الوزراء التركي عام 2011 علي انشاء مجلس استراتيجي مشترك يعمل لتحقيق نقلة نوعية لتوثيق العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها وهناك اتفاق علي الاجتماع سنويا من أجل متابعة تنفيذ كل القرارات والتوصيات. وهذه الزيارة تعكس بصدق ثقة الجانب التركي في قدرة مصر علي تحقيق الاستقرار والقضاء علي جميع الصعاب والعقبات لتحقيق معدلات تنمية مرتفعة لتكون نموذجا يحتذي به بين دول المنطقة. * ما أهم الموضوعات التي سيتم مناقشتها؟ ** هذه الزيارة يشارك فيها 12 وزيرا وأكثر من 100 رجل أعمال في مختلف القطاعات فهناك رغبة للتعاون المثمر في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والزراعة والمقاولات والتعدين إلي جانب العمل المصرفي. سيتم خلال الزيارة عقد مجموعة من اللقاءات الرسمية بين الوزراء والمسئولين الأتراك والمصريين وأخري بين رجال الأعمال لبحث المشروعات المشتركة وفرص الاستثمار المتاحة في كلا البلدين وبصفة خاصة في مصر لأن هناك عددا من المجالات يسعي الجانب التركي إلي ضخ استثمارات كبري فيها لخلق المزيد من فرص العمل أمام الملايين من أبناء الشعب المصري ومن المتوقع أن تصل هذه الاستثمارات إلي خمسة مليارات دولار. اتفاقيات جديدة * ماذا عن الاتفاقيات سيتم توقيعها خلال الزيارة؟ ** من المتوقع أن يتم توقيع 15 اتفاقية وبروتوكول تعاون في عدة مجالات مما يسهم في تحقيق التكامل ودعم العلاقات بين البلدين. أيضا هناك مشاورات بشأن تفعيل اتفاقية النقل البحري بين ميناء الاسكندرية ومرسين التركي حيث توفر هذه الخدمة الوقت والجهد في وصول المنتجات المصرية إلي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ودول القوقاز عبر الأراضي التركية. ومن جانب آخر يمكن أن تكون مصر بوابة إقليمية للمنتجات التركية لتصل إلي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. تطوير العلاقات * ما دور جمعية رجال الأعمال التركية المصرية في دعم وتنمية العلاقات بين البلدين؟ ** تم إنشاء هذه الجمعية عام 2003 وكان عدد أعضائها 22 عضوا ووصل الآن ل 650 من بينهم 55 رجل أعمال تركيا وهم يقيمون بمصر ما يؤكد علي أهميتها ونجاحها في أداء دورها.. هدفنا الأساسي تطوير العلاقات المصرية التركية خاصة فيما يتعلق بالتجارة ومساهمة الجمعية في تعريف رجال الأعمال الأتراك بفرص الاستثمار في مصر ورعاية أعمالهم واستثماراتهم وتبادل المعلومات حول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. لقد استطعنا خلال السنوات الماضية جذب المزيد من الاستثمارات وتذليل جميع المعوقات وعقد لقاءات بين رجال الأعمال بالبلدين لخلق جسور من الثقة والتفاهم بما يصب في مصلحة الشعوب. ولدينا ايمان كبير وإصرار أكبر علي العمل كشركاء متضامنين من أجل الحد من ظهور أي خلافات أو توترات سياسية تعرقل مسيرة الانطلاق نحو مستقبل يحقق الازدهار والتقدم للأجيال القادمة. مناخ آمن * كيف ترون مناخ الاستثمار في مصر؟ ** كلنا يشعر بالاطمنان إزاء مناخ الاستثمار في مصر وكما ذكرت فإننا نسعي لضخ وزيادة الاستثمارات وهذا يعكس مدي الأمن والاستقرار اللذين تمضي نحوهما مصر ولا أري أي عراقيل تؤثر علي خطواتنا وطموحاتنا المستقبلية ومن خلال اتفاقيات مصر الدولية سواء الكوميسا أو الكويز أو غيرهما نستطيع تحقيق الفائدة والتعاون دون تعارض أو منافسة بين البلدين بل التكامل الذي يصقل الخبرات ويصب في صالح الجميع. الاستثمارات التركية * ماذا عن الاستثمارات التي تحققت من خلالكم خلال الأعوام الماضية؟ ** يوجد في مصر نحو 300 مستثمر وأكثر من 205 شركات ومصانع يصل عدد العاملين فيها من المصريين 50 ألف عامل باستثمارات قدرها 1.5 مليار دولار ومن أهم القطاعات التي تشغلها الملابس والمنسوجات والصناعات الغذائية والكيماويات والأدوية والتعدين والمشروعات السياحية وصناعة السيارات وتضخ تلك الاستثمارات نحو 500 مليون دولار من القيمة المضافة. هناك حرص شديد من الجانب التركي علي إعادة استثمار أرباحه مرة أخري في مصر في إطار تحقيق المصالح المشتركة وهذه الخطوات تؤكد علي الثقة والاطمئنان في الاقتصاد المصري والأوضاع في مصر. أؤكد للجميع ان الاستثمارات التركية لم تتعرض لأي مخاطر خلال المرحلة الانتقالية التي عاشتها مصر بعد الثورة ولم يقم أي رجل أعمال بإغلاق مصانعه أو انهاء عقود العاملين المصريين فقد ضربوا مثالا رائعا في مضاعفة جهودهم لزيادة معدلات الانتاج مما أسهم في توفير مبالغ ضخمة من النقد الأجنبي نتيجة لزيادة الصادرات مما يدفع برجال الأعمال والمستثمرين إلي زيادة المشروعات المشتركة التي سيتم الإعلان عنها قريبا وتقدر بمئات الملايين من الدولارات. تنمية سيناء * هل هناك اتجاه للاستثمار في محافظات أخري غير القاهرة؟ ** بالفعل يوجد اتجاه لإقامة العديد من المشروعات في سيناء الغنية بالثروات المختلفة.. أيضا سوف نتوسع في مشروعات في الصعيد والمحافظات النائية لنسهم بجدية في التنمية الزراعية والصناعية. التجارة الحرة * ماذا عن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين؟ ** منذ تم التوقيع عليها عام 2005 ودخولها حيز التنفيذ عام 2007 تضاعف ناتج الميزان التجاري ليصل رغم الأزمة المالية العالمية عام 2011 إلي 3 مليارات دولار و783 مليون دولار وكانت قيمة الصادرات التركية لمصر تمثل حوالي ثلثي حجم التبادل. كما ان الصادرات المصرية زادت حوالي 53% خلال ال 6 أشهر الأولي من العام رغم عدم الاستقرار في تلك الفترة. ومن المتوقع خلال الأعوام الخمس المقبلة أن يصل حجم التبادل التجاري إلي 10 مليارات دولار. لكن ما تزال هناك معوقات جمركية تحول دون تطوير العلاقة التجارية فما تزال الحواجز الجمركية أمام المنتجات التركية في مصر علي الرغم من قيام تركيا بإلغائها أمام الصادرات المصرية. وسوف نطالب خلال الاجتماعات بين رئيسي وزراء البلدين بالإسراع في اتخاذ خطوات فعالة لإزالة جميع المعوقات والحواجز الجمركية لخلق مناخ محفز بين الطرفين حتي نصل إلي نقطة الصفر مع نهاية عام 2020 بمعني إلغاء الجمارك علي كل البضائع التركية الواردة لمصر. * ما قطاعات التبادل التجاري بين البلدين؟ ** تشمل الصادرات التركية لمصر الحديد والصلب والكيماويات والمعدات الثقيلة والمنسوجات والملابس الجاهزة والسجاد. أما الصادرات المصرية فهي المنتجات البترولية والفواكه والخضراوات والمواد الغذائية. الشركات التركية بمصر تلعب أيضا دورا في تنشيط السياحة بين البلدين باعتبارها رافدا مهما في تدعيم الاقتصاد. مستقبل التعاون * كيف ترون مستقبل التعاون بين البدين؟ ** نتطلع لتحقيق المزيد من النجاحات والازدهار لأن الإرادة السياسية في تركيا ومصر عازمة علي مزيد من التلاحم والتعاون وسوف يأتي الرئيس التركي لمصر قريبا وهذه الزيارة تؤكد ان المستقبل سوف يشهد تطورات إيجابية علي جميع الأصعدة. هناك اتفاقية وتخطيط فيما بيننا لتوسيع أنشطتنا والدخول في قطاعات جديدة خاصة الطاقة المتجددة وخدمات البنية التحتية وتدوير المخلفات وبناء وحدات سكنية منخفضة التكاليف. وأيضا دعم وتشجيع القطاع السياحي فلدينا خبرات نريد نقلها لمصر التي هي علي قائمة الدول الأصدقاء.