لم يدخل مصر علي مدي تاريخها مبيد مسرطن.. نحن لدينا للأسف شائعات كثيرة في مصر.. ونحن لا نسجل في بلدنا منذ نشأة وزارة الزراعة إلا المبيدات المسجلة رسميا في وكالة حماية البيئة الامريكية وفي المفوضية الأوروبية.. وأي مبيد يتم تسجيله في الوكالة الأمريكية لحماية البيئة يحتاج إلي دراسات تتكلف ما بين 10 إلي 15 مليون دولار. ولو ثبت من خلال التجارب علي الحيوانات أن هناك مبيدا يحتوي علي مادة تتسبب في ظهور حالة سرطانية واحدة ولو بنسبة واحد في الألف فإنه لا يسجل. كانت هذه شهادة الدكتور محمد إبراهيم عبدالمجيد رئيس الإدارة المركزية لمكافحة المبيدات بوزارة الزراعة ونائبه د. يحيي عبدالحميد.. وقد أدليا بها في الندوة التي عقدتها صحيفة "المساء" واستضافت فيها الدكتور صلاح عبدالمؤمن وزير الزراعة واستصلاح الأراضي. ومعه نخبة من كبار معاونيه وتم نشر وقائع هذه الندوة يوم السبت الماضي. قال المسئولان الكبيران ايضا ان كل ما كتب في الصحف علي مدي العشرين عاما الماضية عن استيراد مبيدات مسرطنة "هجص" وغير حقيقي.. وأكدا ان مصر من أكثر دول العالم صرامة في تسجيل المبيدات.. وهذا الكلام ليس كلامنا. ولكنه يأتي لنا عن طريق اتصالنا بالعالم المتقدم.. ولجنة المبيدات لدينا مكونة من 22 أستاذا من خيرة علماء مصر. وتعمل بشكل مؤسسي ولا يعمل أحد بمفرده وكل شيء لديها من خلال دراسات فنية سواء علي المستوي المحلي أو العالمي. لقد آثرت أن أسجل هذه الشهادة التي جاءت علي لسان مسئولين في حكومة الدكتور هشام قنديل التي تم تشكيلها كنتاج لثورة 25 يناير ولن يستطيع أحد أن يزايد عليها ويقول انها حكومة "فلول". والمغزي من وراء كل هذه المقدمة الطويلة أن نعطي لكل ذي حق حقه ونرد الاتهام عمن وجهت اليهم حملات شرسة بأنهم سرطنوا الشعب من خلال استيرادهم لمبيدات تتسبب في الاصابة بهذا المرض اللعين. وأول من نالهم أكبر قسط من هذا الظلم الفاحش والبين هو الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الاسبق الذي انهالت عليه السهام من كل حدب وصوب للتشكيك في وطنيته واتهامه بما ليس فيه. ربما يكون الدكتور يوسف والي قد أخطأ في تصرفات أخري غير موضوع المبيدات المسرطنة. فأي اتهام يوجه اليه فإن القضاء هو الفيصل فيه.. لكن يجب أن نبريء ساحته من هذا الاتهام القاسي بسرطنة الشعب. لقد نال الدكتور يوسف والي من الاتهامات الظالمة ما لم ينله أحد غيره والرجل دافع عن نفسه كثيرا من خلال اللجان العلمية التي ضمت علماء مصريين علي أعلي مستوي من العلم والمعرفة والنزاهة.. ورغم كل ذلك لم يمتنع حملة السهام من توجيه سهامهم اليه.. وهذه عادتنا نحن المصريين.. عندما يخرج أحد من المسئولية لا نذكر شيئا من محاسنه وانما نركز علي سلبياته سواء أكانت صحيحة أم غير صحيحة.. عمليات حقد وغل غير مبررة.. وإذا تطوعت للدفاع عن مثل من يتعرض لهذه الاتهامات تتعرض لاتهامات بأنك مستفيد أو وراءك منفعة أو غير ذلك من الادعاءات السخيفة. لقد استعرضت ملف المبيدات المسرطنة وما نشر عنها في الصحف والموجود في مركز البحوث والدراسات بدار الجمهورية للصحافة فهالني كمية الهجوم الاعلامي الذي تعرض له الدكتور يوسف والي واتهامه بالتآمر علي الشعب وسماحه باستيراد مبيدات مسرطنة. لقد حاولت أن أنقل للقراء نماذج لبعض العناوين التي نشرت في جميع الصحف فرأيت انها تحتاج الي مثل هذه المساحة عدة مرات.. لكن ما آلمني ان المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة الاسبق الذي خلف الدكتور والي في الوزارة قد ساهم بشكل فعال في هذه الحملة.. ولست أدري سبب ذلك رغم انه تمت عملية تسليم وتسلم بين الوزيرين بشكل متحضر. عشنا جميعا وعملنا في عهد النظام السابق.. وما من شك انه كان نظاما فاسدا ترك الحبل فيه علي الغارب لبعض ضعفاء النفوس فصالوا وجالوا في الفساد لكن ليس معني ذلك ان كل من عاش وعمل في هذا النظام هو بالضرورة فاسد وإلا لخضعنا جميعا للمحاكمات. نريد أن ننزع من نفوسنا الحقد والغل ولا نتهم أحدا بغير دليل.. هل هذا كثير علينا؟!