تحدثت في مقال سابق كيف ان نشاط كرة القدم في مصر والذي أصبح مرتبطاً بعملية اقتصادية ضخمة.. انه نشاط تجاري فاشل.. واستثمار فاسد لأن الواقع يذكر ان الكرة المصرية الوحيدة في بلدان العالم التي تخسر الملايين سنوياً منذ تم تطبيق نظام الاحتراف عام "90".. وانها أصبحت تمثل عبأ رهيباً علي ميزانية الدولة تستنزفها بينما في الكثير من دول العالم نجدها تحقق أرباحاً وتدعم الميزانية العامة لتلك الدول.. والواقع أيضاً يؤكد ان خسائر الأندية التي تعاني منها حالياً ليست بسبب ايقاف الدوري كما يحلو لمسئولي هذه الأندية بدليل ان أندية القمة في اللعبة غارقة في الديون منذ عرف الاحتراف الطريق إليها.. واليوم تطالب الأندية وزارة الرياضة بسرعة صرف الإعانات المالية الخاصة بها ودعمها فوراً حتي تتمكن من المشاركة في الدوري الذي تقرر ان ينطلق في الدرجات الأخري حتي يأتي موعد دوري الكبار.. وأمامنا الآن أزمة باتحاد الشرطة الذي تعاقب عليه قيادات كبيرة منذ تأسيسه بداية من اللواء عبدالحميد الوكيل وصولاً للواء محمود شرف والذين ساهموا في صناعة تاريخ الرياضة الشرطية وجعلوها مهمة قومية لدعم المنتخبات الوطنية يفتح أبواب الاتحاد لشباب مصر وتوفير كافة الإمكانيات لهم حتي قادوا منتخبات مصر لتحقيق البطولات الإفريقية والعربية والأوليمبية.. ولكن يبدو ان تلك المفاهيم بدأت تتغير بتخلي اتحاد الشرطة عن أداء رسالته منذ تولي اللواء إبراهيم السيد رئاسة الاتحاد خلفاً للواء محمود شرف منذ سقوط اتحاد الشرطة بالضربة القاضية لأنه لم يكن أحد يتوقع ان هذا الصرح الرياضي العملاق سوف يسقط بهذه السرعة لدرجة ان لاعبيه ومدربيه وهم من خيرة شبابنا الرياضي في اللعبات الفردية والجماعية لم يتقاضوا مستحقاتهم المالية منذ عدة شهور والذي شد انتباهي وجعلني أتوجه بهمومهم ومشاكلهم للوزير أحمد جمال الدين وزير الداخلية والذي يبذل جهداً يفوق طاقة البشر لإعادة الأمن والأمان لربوع الوطن لثقتي في انه لن يتأخر في التصدي لتلك المشكلة خاصة انه يعلم مدي أهمية الرياضة لشبابنا كونه ابن شقيق الدكتور عبدالأحد جمال الدين رئيس المجلس الأعلي للشباب والرياضة خاصة ان الاتحاد يحتضن "42" لعبة من بينهما أبطال متحدو الإعاقة الذين شرفونا في أوليمبياد لندن ومن الطبيعي ان يحظي هذا الشباب برعاية إحدي الوزارات السيادية عملاً بمبدأ ان "مال الشعب .. للشعب" خاصة ان رواتب هؤلاء المدربين واللاعبين مجتمعين لا يتجاوز قيمة شراء لاعب واحد للفريق الأول لكرة القدم في الموسم الواحد وأعتقد انه من الأفضل ان ترعي وزارة الداخلية شبابنا بدلاً من تركهم فريسة للانحراف والجريمة وعندئذ سوف تبذل الوزارة جهوداً مضاعفة وأموالاً طائلة للقضاء علي الجريمة.. والعقل يقول ان الوقاية خيراً من العلاج ومن الأفضل ان تنفق وزارة الداخلية جزءاً من ميزانياتها لاستثمار طاقات الشباب وشغل أوقات فراغهم فيما يفيدهم بجانب تحمل الوزارة دورها في دعم الأهداف القومية للرياضة المصرية بجانب القوات المسلحة. لعل تلك الأزمة التي تواجه اتحاد الشرطة بسبب كرة القدم رغم انه صرف 50% من مستحقات لاعبيه تحتاج لحل جذري وحاسم أري انه يتمثل في تسريح الفريق الأول لكرة القدم وعرضهم للبيع والاكتفاء بممارسة الكرة علي مستوي قطاع الناشئين والذي يمكن ان يكون مصدر تمويل ذاتي لاتحاد الشرطة ببيع الموهوبين من لاعبيه.. لقد قامت الثورة وحان الوقت لأن تتوقف الدولة عن دعم فرق الكرة في الأندية والتي يجب ان ترتب أوضاعها المالية مع اتحاد اللعبة طالما ان تلعب في ظل نظام احتراف ومن لا يستطيع منها مواكبته فليكتفي بقطاع الناشئين ويجب ان تتفرغ الدولة للصرف علي اللعبات الشهيرة وتطوير وصيانة المنشآت والملاعب الرياضية لاتاحة الفرصة للملايين من شبابنا لممارسة الرياضة بدلاً من صرفها علي عقود لاعبي الكرة التي تصل لملايين ومئات الألوف.