التحرش بالفتيات أصبح ظاهرة مؤسفة يعاني منها المجتمع المصري في السنوات الأخيرة خاصة في الأعياد والمناسبات التي يكثر فيها الزحام.. ورغم ان الداخلية تعلن سنوياً عن القبض علي مئات من الشباب بسبب هذا السلوك السييء إلا ان الظاهرة لا تتوقف. فما الأسباب وكيف يمكن القضاء عليها؟.. هذا ما أجاب عليه علماء الدين والاجتماع في هذا التحقيق. بداية يقول الدكتور محمد أبوليلة الأستاذ بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر ان التحرش ظاهرة غريبة علي مجتمعنا هذا نتيجة لقلة الوعي الديني وانعدام الوازع الأخلاقي عند كثير من الشباب بالاضافة إلي التدين الظاهري الذي يستغله الشباب لتحقيق أغراض دنيئة لأنه من المستحيل ان يصل الدين قلوب هؤلاء حتي يتحول إلي سلوك. أضاف د. أبوليلة انه من أهم الأسباب التي أدت إلي انتشار هذه الظاهرة المؤسفة خاصة في الأعياد فساد سلوكيات الكثير من الأبناء والبنات نتيجة مشاهدة القنوات الاباحية والمسلسلات التي تركز علي هذا الجانب وخاصة عند المرأة التي يكون معظم وقتها أمام التليفزيون لتشاهد العجب والعجاب. أشار إلي أنه لابد من إصلاح حال التعليم فالفساد في المدارس أصبح علي أشده وأصبحت المدارس خاوية من المعلومات الدينية وان كانت هناك معلومات طفيفة تكون مثل شحن الكروت مؤقتة سرعان ما ينتهي مفعولها فالامتحانات أصبحت تعتمد علي الحفظ والتلقين ولا أثر للتعليم علي سلوك الأبناء والبنات. أكد د.. أبوليلة ان الفساد السياسي الذي أصبحنا نعيش فيه من تنابز بالألقاب والشتائم التي تقتحم البيوت جهاراً وعلي مرأي من الجميع كل هذا يساعد علي انعدام القيم وتدني الأخلاق لأن الشعب أصبح يعيش في دوار بالاضافة إلي انتشار البطالة بين الشباب فهذه في مقدمة الأسباب لردع الحياء وفنائه من الوجود. أوضح ان الأنوثة ورغم أنها صفة جميلة في البنت إلا أنها تحولت لعدوانية شديدة عندما تريد الدفاع عن نفسها ولم تجد مفراً من سب كل من يتحرش بها أو طعنه بسلاح أو ضربه بحذاء وغير ذلك.. وبالتالي أصبحت الأسر غير محصنة نتيجة ما يحدث من فوضي في الشوارع والميادين بسبب غياب عنصر الأمن والأمان في المجتمع.. فالفوضي أصبحت عارمة خاصة في الموالد ودور السينما والأتوبيسات نتيجة للزحام الشديد الذي أصبح ستاراً لارتكاب الفواحش. ولكي نقضي علي هذه الظاهرة الجديدة علي المجتمع يؤكد د. أبوليلة أنه لابد من السعي لعودة التربية الدينية إلي مدارسنا وبيوتنا وتعظيم الايمان السلوكي عند الأفراد مع غرس القيم الفاضلة في نفوس الشباب والتلاميذ. انفرط العقد يري الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف الأسبق ان هذه الظاهرة ستزداد كل يوم بل كل ساعة فهناك مئات الحالات لا يبلغ عنها لخوف البنت من أهلها وحفاظاً علي سمعتها.. ونحن نري ان كثيراً من الشباب قد انفرط عقده وأصبح لا يسمع كلمة "عيب" فالكل مباح لديه كا يعتقد والسبب في هذا التليفزيون لأن من يجلس أمامه يري العري والألفاظ البذيئة المتبادلة بين أفراد المسلسل أو ا لفيلم وخطط الخيانة بين الزوجين وكل يمشي في طريقه من هنا فان الشباب معذور فليست هناك نصائح تقدم إليهم ولا كتب يقرأونها وتجدهم ان تركوا التليفزيون ذهبوا إلي "النت" وهو أسوأ وأضل سبيلاً.. علاوة علي البطالة التي يعيش فيها الشباب. ينصح الشيخ عبيد كل فتاة تحفظي علي نفسك واستخدمي سلاح العفة وان خاطبك أحد لا تلتفتي إليه وكوني جريئة فهناك بعض الفتيات تشجن الشباب بالملبس الصارخ والحركة والابتسامة وكل ذلك دليل الرضا بما تسمعه وليس كل الفتيات بالطبع وانما هناك من تسيء إلي أختها وزميلتها. لذلك فإن مصطفي صادق الرافعي وهو علم من أعلام الأدب المصري كتب مقاله في كتابه "وحي القلم" عن المعاكسات الشبابية وما نسميه الآن "التحرش الجنسي" فقال: لو كنت قاضياً وعرضت عليّ قضية شاب عاكس فتاة لطلبت الفتاة لأنظر إلي ملابسها فإن كانت قد وضعت المساحيق علي وجهها وأصابعها وملابسها ضيقة والكعب عال والشعر مكشوف لقمت بعقوبتها مرتين لأنها هي التي أظهرت اللحم للهر "القط" وشجعت عليها وميولها الشاب إلي ان يسمعها ما أراد هو ان يعبر به عن نفسه. قال الشيخ عبيد ان الاسلام حصن الفتاة وأمرها ان تستر جسدها وتداري لحمها ولا تكون سببا في تحرش الشباب بها. وعلي كل حال فهذه الظاهرة مرفوضة وغريبة علي المجتمع ونقول ان العلاج يكمن في مناطق ثلاثة الأولي التليفزيون والنت فنرجو ان يراقب الآباء والأمهات أبناءهم والثانية المسجد ورسالته وتوعية الشباب وحثهم علي التمسك بالدين والبعد عن الرذيلة وان يعرف الشاب ان كل فتاة هي أخت له وما لا يقبله لأخته أو أمه لا يقبله لفتيات أخريات. الثالثة: دور التربية والتعليم وأندية الشباب والاتحادات والنقابات لابد ان يكون لها جميعاً دور في التثقيف والتوحيد وبث مباديء الاسلام ورأيه في مثل هذه المواقف بالذات حتي يكون الشباب علي بينة من أمره. المصادر الأصلية د. عبدالغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر يرجع السبب إلي التربية التي بعدت الان عن مصادرها الأصلية فالمصادر الأصلية للتربية هي الكتاب والسنة وهذا دور الآباء والأمهات بتوجيه الأبناء إلي طاعة الله سبحانه وتعالي فالابن زمان كان يتوجه مع أبيه إلي المسجد أو مع أمه إلي درس ديني في أحد المساجد فينشأ علي الأخلاق والقيم الصالحة. أما الان فأطلق العنان للأبناء ليربوا أنفسهم بأنفسهم ولما وجدت التكنولوجيا الحديثة فبدلاً من ان نستغلها في الثقافة النافعة بدأ الأولاد يستخدمونها بطريقة سيئة فأصبحوا يشاهدون اأفلام المخلة بالاضافة إلي الاستغلال السييء للفيس بوك فأصبحت تدار الحوارات و"الشات" بطريقة فجة بعيداً عن مراقبة الأهل الذين يغطون في نوم عميق. طالب د. هلال بغرس القيم الثقافية وعودة الشباب للالتزام الخلقي فهذا هو الجانب الذي أصبحنا نفتقده. كما أنه لابد من ان تكون مادة التربية الدينية أساسية لأنها لو لم تكن كذلك سوف ينصرف الشباب عن مذاكرتها وكأن لا أثر لها ولابد ان تضاف إلي المجموع فقد أصبح الشاب غير مثقف دينيا لذلك يجب ان تكون هذه المادة أساسية وتضاف للمجموع حتي يتم غرس القيم الدينية في نفوس الشباب. سلوك مرفوض الدكتورة عزة كريم استاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تري ان التحرش ظاهرة أصبحت تزداد بصورة كبيرة ولافتة للنظر خاصة في السنوات الأخيرة وتحدث في المناسبات التي يكثر فيها الزحام كالحدائق والمتنزهات ودور السينما وهذا نتيجة لضعف الوازع الديني عند الشباب والفتيات خاصة من أبناء المناطق الشعبية أو المحافظات الريفية حيث ان مستواهم الثقافي يكاد يكون معدوما فمعظمهم يكون صاحب حرفة أو قد يكون عاطلا ولم يتلق تعليما في المدارس فيعتبرون التحرش وسيلة للتسلية فتضحكهم نظرات فزع البنات والهلع الذي يرتسم علي وجوههن. أضافت د. كريم أنه لكي يتم القضاء علي هذه الظاهرة المؤسفة لابد من ملء فراغ أوقات الشباب فالعاطل لابد من إعادة وظيفة له وغير المثقف لابد ان نهييء له وسائل تثقيفية متاحة وجذابة دون ان تكلفه أموالا بالاضافة إلي زيادة الجرعة الدينية في المناهج التعليمية منذ المرحلة الابتدائية حتي ينشأ الطفل علي القيم الأخلاقية منذ صغره. كما لابد من توفير عناصر من الشرطة المدنية يتم دسها في الأماكن المزدحمة حتي يتم القبض علي كل متحرش بفتاة في الحال.. فاذا علم الشاب أو الفتاة بوجود عناصر متخفية من الشرطة متواجدة في هذه الأماكن سوف يعمل ألف حساب قبل ان يرتكب جريمته سواء بالمعاكسة أو التحرش الجسدي وغير ذلك. كما لابد من زيادة التوعية الدينية في المساجد والكنائس فهذه الأماكن ليست دورعبادة فقط بل يجب ان تعمل علي تعليم الأطفال معاني الحياء والشجاعة وعقد ندوات تثقيفية ودينية يتم من خلالها تبادل المعلومات والأسئلة حول الحلال والحرام وسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم وكيف كان يتعامل مع سلوكيات الناس. أضافت د. كريم أنه للأسف كثير من الناس لا يعلمون شيئاً عن مباديء دينهم سوي القشور فالفرد أيا كان مسلماً أو مسيحياً ليس علي دراية بتعاليم الاسلام والمسيحية فالأديان كلها بصفة عامة تدعو لاحترام القيم والمباديء لكن الكثيرين لا يعرفون عن الاسلام والمسيحية سوي الاسم فقط ولذلك فان التوعية بمخاطر هذه الظاهرة مسئولية الأئمة والقساوسة.