صياغة الدولة الجديدة تبدأ من القدرة المتعاظمة علي صياغة دستور ينهض بمصر ويليق بمكانتها بين الأمم. فإذا غابت القدرة والاخلاص والرغبة استحال الوصول إلي الهدف: الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة! هل يعقل أن تخلو الجمعية التأسيسية للدستور من كل الفقهاء الدستوريين سوي واحد قيل إنه صاحب توجه. وأصحاب التوجهات يعرف عنهم الانحياز. وكما يصعب علي المنحازين كتابة التاريخ. يستحيل علي أصحاب التوجهات أن يصيغوا دستوراً راقياً يخلو من المعايب والثغرات والانحياز لجماعة أو فئة تنكر فيه المصلحة العليا للوطن وتغيب نهائياً لحساب هذه الجماعة أو تلك؟! المحكمة الدستورية ضاقت بوضعها في مسودة الدستور واعترضت صراحة علي ذلك ما وجدته من حيف علي وضعها السابق وعلي السلطة القضائية عموماً. ولا ندري لمصلحة من تغييب السلطة القضائية والحيف عليها لحساب السلطة التنفيذية؟! بينما الدكتور يحيي الجمل أعرب عن دهشته من خلو الجمعية التأسيسية من شخصيات وقامات كبيرة مثل الدكتور إبراهيم درويش وكمال أبوالمجد وغيابه شخصياً وكلهم مشهود لهم جميعاً بالكفاءة ولهم اسهامات كبيرة في صياغة دساتير لدول كثيرة فهل يعقل أن تغيب أسهاماتهم عن دستور مصر؟! لم نكن بحاجة إلي صياغة دستور من الألف إلي الياء. فمصر لها تجارب سابقة مشرفة. تبدأ مع دستور عام 1923. ودستور 56 و58 ودستور 1971 وكان بامكاننا تنقيح دستور عام 1971 وتغيير بعض مواده خاصة المتعلقة بالاستفتاء علي الرئيس ثم انتخابه وفق التعديلات التي وردت بالإعلان الدستوري.