اشتهرت الإسكندرية في السينما المصرية في فترة الخمسينيات والسيتينات وحتي أوائل السبعينيات بأفلام الصيادين وحياتهم الخاصة. ولا أحد ينسي فيلم "رصيف نمرة خمسة" وأفلام إسماعيل ياسين و"امرأة بلا طريق" وغيرها. "المساء" التقت مع شيوخ الصيادين للتعرف علي الذكريات السعيدة في الماضي وآلام الحاضر. يقول "حسن عبدالمطلب حسن" وشهرته "حسن طلب" شيخ صيادين الإسكندرية والمكس "73 سنة": الدنيا لم تعد هي الدنيا. فزمان كان السمك يخرج إلي رمال الشاطئ ونجده يلعب أمامنا. وكان الخير كثيراً ورائحة الفسفور تملأ منطقة المكس.. أما الآن فالتلوث قضي علي كل شيء ومخلفات شركات البترول التي تلقي في مياه بحيرة مريوط قضت ايضا ليس علي الأسماك ولكن علي الزرع الأخضر المائي الذي تتغذي عليه الاسماك. فهربت من شواطيء مصر إلي ليبيا وتونس. أضاف: هل معقول أن "السردين" لا يظهر في شواطيء الإسكندرية هذا الشهر وهو شهر. تابع قائلاً: إن قلة نسبة الأسماك في الشواطيء جعلت الصيادين يخاطرون بحياتهم للصيد في ليبيا وتونس. لأن الخيرهناك كثيراً ولا توجد شركات تدمر البيئة علي حساب الربح السريع. قال: لدي خمسة أولاد جميعهم تعلموا ولا يعمل في البحر سوي واحد فقط. أكمل قائلاً: "المكس" مازالت محتفظة ببعض أشكالها القديمة من منازلها المطلة علي البحر ورفضت الأسر هناك بيع العقارات للدولة حتي أن الصياد يربط الفلوكة الخاصة به في شباك منزله ولا يمكن سرقتها. أضاف: كانت حفلات العرس الخاصة بالصيادين تقام بالشوارع ويحضرها أكثر من ألف صياد يحيون ليلة العرس بدفع "النقوط" للعروسين لأن المكسب كان كثيراً. وكان كل صياد يكسب تقريباً "500 جنيه" في اليوم في زمن كان للجنيه وضع وكيان. ولكن الآن الأفراح تقام بالمساجد لتوفير النفقات وأحياناً بقاعات أفراح لميسوري الحال.. وكثير من الصيادين ارتبطت بناتهم بأزواج خارج المهنة. أما شعبان رمضان شعبان "71 سنة" فيقول: نشأت في أسرة صيادين وكنا نقيم بمنطقة السيالة ببحري في حوش كبير كله حجرات والآن أصبحت المنطقة كلها عمارات بعد أن باعت جميع الأسر منازلها. لأن الأسرة الواحدة بها ما يقرب من "50" فرداً في حوش واحد بحجرة واحدة. وطبعاً الجميع أنفصل في مسكن خاص به بعيداً عن الآخر فغير من معالم المنطقة تماماً. أضاف: زمان كنا نصطاد بالمجداف والفلوكة والآن أصبحت المركب بها "ماتور" وأعداد المراكب كثيرة والزرق قليل فأصبح البحر خالياً من الأسماك. قال: كانت الإسكندرية في الماضي من أوائل المحافظات المصدرة للأسماك والآن هي أكبر محافظة مستوردة للأسماك بعد الصرف الصحي في البحر الذي قتل جميع أنواع الأسماك وجعلها تهرب. قال: أولادي حصلوا علي مؤهلات وجميعهم لا يعملون في مهنة غير الصيد لأنها لم تعد مهنة مجزية وفي طريقها للاندثار. أما "السيد أحمد الزغوي" "67 سنة - صياد" من مأوي الصيادين بمنيا البصل.. فيقول: المأوي تم انشاؤه منذ الخمسينيات تقريباً وذلك بعد ترحيل الصيادين من "عزبة الجمهورية" بمحرم بك ليصبح بدلاً منها مقراً للمرور.. وكان المأوي عبارة عن حجرات يتم تأجيرها بجنيه واحد للغرفة انشأته المحافظة والآن أصبح منازل ارتفاعها دور أو اثنان بجهود الصيادين. أوضح أن لديه خمسة أولاد حرص علي تعليمهم وأن يعملوا في أي مهنة إلا الصيد لأنه لا مستقبل لها والدولة تهدمها بأيديها. قال: حتي مهنة إصلاح السفن في طريقها للانهيار ولم يعد هناك شباب يعملون بالمهنة خاصة بعد انقراض مهنة "القلفطة" وهي تبطين ألواح الأخشاب الخاصة بالمركب بالكتان حتي لا تغرق ومن يعمل بها الآن قلة وكلهم في التسعين من عمرهم. أما أشرف رزيقة "شيخ صيادين بحيرة مريوط فيقول: أنا ورثت مهنتي عن والدي الشيخ "علي رزيقة" شيخ صيادين مصر وأول شيخ صيادين يرأس الاتحاد التعاوني للثروة المائية. وبالرغم من أننا سبعة أشقاء إلا أنني الوحيد الذي أعمل في هذه المهنة.