المتعهدون يجمعون ملايين الجنيهات شهريًا من المواطنين بالمخالفة للقانون.. وهيئة النظافة خارج الخدمة جركن المياه الجوفية فى الخصوص ب8 جنيهات.. وانقطاع المياه دفع الأهالى لإنشاء محطات خاصة بعد تلوث المحطات الحكومية الأطفال يسقطون فى مياه المجاري.. وحلم محطة الصرف الصحى منذ 20 عامًا ورئيس الحى يعترف بإهدار ملايين الجنيهات الشركة المصرية لأعمال الأسمنت المسلح لم تنفذ محطة الصرف الصحى حتى الآن بعد توفير الاعتمادات المالية الباعة الجائلون يتحدون محافظة القاهرة أمام محطات المترو
تلال من القمامة وكلاب ضالة وصرف صحى يحاصرك أينما ذهبت، هذا هو حال "حى المرج" الذى يقع شمال شرق القاهرة.. "المصريون" رصدت عن قرب انتشار القمامة بمناطق الحوض الطويل والبر الغربى والمرج الجديدة والشارع الرئيس ب"مؤسسة الزكاة" وكوبرى عزبة النخل ومترو الأنفاق، حيث انتشرت تلال القمامة والكلاب الضالة فى غياب تام ل29 متعهدا يحى المرج يتقاضون نحو 3 ملايين شهريًا من هيئة نظافة وتجميل القاهرة لتنظيف شوارع الحى والجمع السكنى من منازل المواطنين وهو ما لا يحدث بشهادة الأهالي.
مؤسسة الزكاة بداية جولتنا بحى المرج كانت من منطقة مؤسسة الزكاة والتى تقع على الطريق الدائرى الحدودى مع حى السلام، ويطلق اسمها على الشارع الرئيس بالحي، وبالرغم من قيام الحى متمثلًا فى فرع هيئة نظافة وتجميل القاهرة بتخصيص عدد من سيارات جمع القمامة لنظافة الشارع، إلا أنه لا يخلو أبدًا من تلال القمامة، وفى المنطقة الحوض الطويل التى يقطنها عشرات الآلاف من المواطنين رصدنا انتشار عشرات الكلاب الضالة على جوانب "ترعة الجبل" والتى يقوم الأهالى بتوصيل مخلفات الصرف الصحى عليها لعدم إنشاء محطة حكومية للصرف بالمنطقة.
حلم محطة صرف صحى منذ 20 عامًا مشهد يعيد إلى ذاكرتك فيضان النيل فى عشرينيات القرن الماضى وأطفال يلعبون فى مياه النيل بعد أن فاضت على جوانب قراهم.. هذا هو واقع الحال بالمدينة باختلاف بسيط، وهو أن الأطفال يلعبون فى "مياه الصرف الصحي" التى غمرت الشوارع أمام منازلهم لتنتشر الأمراض بين جيل المستقبل وفى ظل غياب تام سواء من رقابة الأهل أو المسئولين الذين تخلوا عن واجبهم فى توفير حياة آدمية لهؤلاء المواطنين. يقول الحاج على عيسي، موظف بالمعاش، وأحد أهالى المنطقة: إن "طفح" المجارى أمام منازل الأهالى باستمرار أدى إلى تعود الأطفال على اللعب فى مياه الصرف الصحى، باعتبارها مياهًا نظيفة فى ظل انشغال الأسر الفقيرة لكسب رغيف العيش. بينما واجهنا أيمن حمدي، ليسانس حقوق، وأحد شباب المنطقة، قائلًا: "احنا زهقنا من عيشتنا الحكومة مش حاسة بينا ورحنا لرئيس الحى أكتر من مرة ومفيش حد بيسأل فينا، عاوزين نقول للمحافظ الحقنا المجارى دخلت البيوت وبيوتنا خربت".
القمامة فى كل مكان تلال القمامة تنتشر فى شوارع المدينة وعمليات الحريق للقضاء عليها تتسبب فى انتشار السحابة السوداء وشكوى المواطنين من تلوث الهواء والرائحة الكريهة إلى جانب انتشار مصانع تدوير المخلفات والقمامة، حيث واجهنا الشيخ ثروت إمام مسجد البقلى بالمنطقة، قائلًا: "مخازن البلاستيك ومخلفات المستشفيات تنتشر بالمنطقة إضافة إلى انتشار الحرائق والدخان جراء عمليات فرز القمامة وتجميع كتل البلاستيك بمصانع الخردة، الأمر الذى يصيب أولادنا بالأمراض التنفسية والحساسية ونعانى من الأمراض والتلوث وانقطاع الكلاب والناموس
لا تكاد تدلف بقدميك بوابة المدينة على الطريق الدائرى حتى ترى جيوشا من الكلاب الضالة تنتشر بالشوارع وأمام المنازل، حيث اشتكى هانى محمد، من ظاهرة انتشار الكلاب الضالة فى المدينة، حيث لا يمر أسبوع دون طفل مصاب ب"عضة كلب"، لافتًا إلى أن الكلاب انتشرت بالمنطقة بكثرة لوجود العديد من المجازر التى تلقى بمخلفاتها فى ترعة المنطقة "الرشاح"، وهو ما يجذب الحيوانات للتغذى على هذه المخلفات. وعن "الناموس" يقول الحاج أبو مصطفى، إن إلقاء الصرف الصحى فى ترعة المنطقة يزيد من وجود الناموس الذى يعد ناقلًا للأمراض بين المواطنين، مطالبًا حى المرج بإرسال سيارات مكافحة الحشرات بالطرق العامة لمساعدة أهالى المنطقة. وخلال تجولنا فى شوارع المدينة رصدنا مدى الإهمال الذى يعانى منه أهالى المنطقة، فشوارع مليئة بالصرف الصحة وعدد من قطع الحجارة يعبر عليها المواطنون بسبب فيضان مصرف الترعة والذى يقوم الأهالى بتوصيل الصرف الصحى بالجهود الذاتية عليه، حيث اشتكى الشيخ حسام إمام مسجد العرب، وأحد أهالى المنطقة، من تقاعس المسئولين فى الحكومة فى توفير محطة صرف صحى للمنطقة وتمهيد الطرق الترابية، قائلًا: "منذ أكثر من 20 عاما والمنطقة بدون صرف صحى وتوجهنا بالعديد من الشكاوى لأكثر من رئيس حى دون استجابة والأمراض انتشرت بين أبناء المنطقة إلى جانب انتشار الكلاب الضالة والتى تعقر الأطفال باستمرار". بينما واجهنا سيد السيد محمد، مقاول معماري، قائلًا: "طفح بنا الكيل فلا مسئول يسأل ولا خدمات تقدم"، مشيرًا إلى أن عددا كبيرا من الأطفال يسقط فى ترعة المنطقة جراء العبور من على جذوع النخل لعدم توفر "كبارى" بين البرين الشرقى والغربى بالمنطقة. تلال البر الغربى منطقة البر الغربى بالمرج كانت محطتنا الثانية، خلال جولتنا بحى المرج، واللافت للنظر أن عددا من الأهالى استوقفونا عندما كنا نرصد انتشار تلال القمامة بالمنطقة، مطالبين بتوثيق شكواهم أملًا فى أن يسمعها مسئول فيتحرك ويلبى نداءهم. وقال مجدى صالح، أحد سكان المنطقة: "المتعهدون يشتغلون فى الشوارع الرئيسة بس ومش بنشوفهم عندنا خالص غير لما ندفع لهم فلوس بنجمعها من بعض علشان ياخدوا من عندنا الزبالة، آخر مرة دفعنا 250 جنيه علشان الزبالة كانت بتتحرق وكانت هتولع فى عربيتنا". بنما واجهنا الدكتور م.أ كبير الأخصائيين النفسيين فى مستشفى عين شمس، فقال: "مفيش محليات فى المرج ومش بنشوف رئيس الحى خالص". فيما قالت الحاجة أم محمد: "بتوع الزبالة بياخدوا مننا 10 جنيهات فى الشهر وكمان مش بيرضوا ياخدوا الزبالة من كل البيوت وبيذلونا"، وهو الأمر الذى يؤكد قيام المتعهدين بتحصيل أموال من المواطنين للجمع السكنى بالرغم من حصولهم على 4 جنيهات لكل وحدة سكنية من هيئة نظافة وتجميل القاهرة والتى تحصلها بدورها الحكومة من المواطنين على فاتورة الكهرباء.
الباعة الجائلون أمام مترو المرج الجديدة أكملنا جولتنا لنصل إلى محطة مترو المرج الجديدة، حيث انتشار الباعة الجائلين أمام المحطة فى ظل غياب كامل للتواجد الأمنى باستثناء المناسبات الرسمية أو جولات المسئولين، فبعد أن خصصت محافظة القاهرة للباعة أمام محطة المترو سوقا شعبيا فى مواجهة المحطة بإجمالى 289 باكية ومحلا تجاريا مقابل إيجار شهرى 300 جنيه للباكية الواحدة، عاد الباعة من جديد لاحتلال الطريق أمام محطة المترو، ليس ذلك فقط، إلا أنهم قاموا أيضًا باحتلال مدخل المحطة، الأمر الذى يتسبب بشلل مرورى وزحام شديد فى محيط المترو فى تحد صريح لقرارات المحافظة وقسم شرطة المرج الذى أغلق نقطة شرطة المرج الجديدة بجوار محطة المترو بعد مشاجرات متعددة بين الباعة وسائقى السيرفيس من جهة وأمناء وأفراد الشرطة من جهة أخرى.
رئيس الحى: المتعهدون يتقاضون 3 ملايين جنيه شهريًا ولا يقومون بعملهم
توجهنا بدورنا إلى رئيس حى المرج الدكتور عواد على عواد، لسؤاله عن هذه المشكلة ليرد: "لدينا 29 متعهدا بالحى لجمع القمامة من نحو 700 ألف وحدة سكنية، ويتقاضون نحو 3 ملايين جنيه شهريًا نظير القضاء على تلال القمامة والجمع السكنى من منازل المواطنين، إلا أن ذلك لا يحدث ونضطر إلى الدفع بسيارات هيئة نظافة وتجميل القاهرة بفرع المرج لرفع القمامة"، مشيرًا إلى أن قسم الرصد البيئى بهيئة النظافة يرصد مخالفات المتعهدين ويقوم بفرض غرامات عليهم تخصم من مستحقاتهم المالية، إلا أنه لا يتم فسخ التعاقد مع تكرار المخالفات. وأضاف رئيس الحي، أنه تم توقيع عقد لإنشاء محطة للصرف الصحى لخدمة أهالى منطقة الحوض الطويل والعزب المجاورة لمنطقة مؤسسة الزكاة مع شركة مصر لأعمال الاسمنت المسلح، ومن المفترض أن تنتهى الأعمال بحلول يناير 2016، وتم توفير الاعتمادات المالية الجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى التابع لوزارة الإسكان، ولكن للأسف لم تبدأ الشركة المنفذة عملها حتى الآن.
الخصوص.. انقطاع مياه ومحطات أهلية الخصوص هى محطتنا الثانية فى هذا التحقيق، حيث يعيش الأهالى حالة من المعاناة وتحديدًا بجوار الطريق الدائرى، حيث أزمة مياه الشرب التى لا تأتى إلا دقائق معدودة وإذا استقرت تجدها ملوثة ولونها متغيرا لا تصلح للاستخدام الآدمى، بحسب تصريحات المواطنين الذين عبروا عن استيائهم من هذه المشكلة التى تستمر معهم منذ شهور. نور بيومي، أحد سكان منطقة الخصوص بشارع الأمير، والذى فكر فى حل المشكلة تلوث المياه وانقطاعها، فقام بإنشاء محطة لتنقية مياه الشرب فى دكان صغير لا يتعدى مساحته ثلاثة أمتار ليصبح محطة لتنقية المياه الجوفية عبارة عن خزانات متصلة بجهاز تنقية المياه. وقال نور، إن محطة تنقية المياه التى أنشاها هى محطة تقوم على تنقية المياه الجوفية لتصبح صالحة للاستخدام الآدمى بعد المعالجة التى تتم من خلال جهاز المعالجة الإلكترونى لتصبح خالية من الشوائب والصدأ وأى مواد أو أجسام غريبة. وتحدثت الحاجة فاطمة عن معاناتها حيث تقوم بشراء المياه من خزانات يصطحبها بعض الأهالى على عربية كارو لبيع الجركن الصغير ب5 جنيهات والجركن الكبير ب8 جنيهات وزجاجة المياه بجنيه. وأضاف محمد جمال أحد سكان الخصوص: نحن نعانى من انقطاع المياه المستمر كما أن المياه تأتى ملوثة ولونها غير طبيعى وكأنها مختلطة بمياه الصرف الصحى ونقوم بشراء المياه بأسعار خيالية وكأننا نعيش بالصحراء.
الشركة القابضة: ضعف منسوب النيل السبب ومن جهته، أكد المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، العميد محيى الصيرفي، أن انقطاع المياه عن بعض أحياء القاهرة فترات طويلة، وضعف المياه، سببه انخفاض منسوب نهر النيل، لافتًا إلى أن محطات المياه الرئيسية بالقاهرة تأثرت بانخفاض منسوب المياه مثل محطات المرج والأميرية ومناطق أخرى، كما هو حال العديد من محافظات الجمهورية. ولفت المتحدث باسم الشركة القابضة إلى أن غلق القناطر الخيرية عمل على زيادة المنسوب ومواجهة الأزمة، نافيًا ما تردد عن تأثير سد النهضة على مصر، قائلا: "السد لسه مشتغلش ولا خزن مية".