تصاعدت الأزمات السياسية التي يواجهها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي داخليا بعد تزايد حدة الغضب بين المصريين التي ظهرت في مظاهرات جمعة "الأرض هي العرض" لرفض لتنازله عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح المملكة العربية السعودية. تفجر الغضب الداخلي جاء بعد موجة غضب خارجية اندلعت عقب مقتل الشاب الإيطالي ريجيني في مصر, وتصاعدت بعد فشل المحققين المصريين في إظهار الحقيقة أمام السلطات الإيطالية, التي سحبت سفيرها من القاهرة. ومن المنتظر، بحسب خبراء, أن تساند دول الاتحاد الأوروبي إيطاليا في قضيتها لاسيما بعد أن فجرت صحف فرنسية قضية المواطن الفرنسي الذي لقي مصرعه في 2013 في محبسه بالقاهرة, مع تجدد مطالبة أسرته بالكشف عن حقيقة مقتله من جديد. ومن المنتظر أن تثار قضية المدرس الفرنسي اريج لانج من قبل الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، أثناء لقائه الرئيس السيسي غدًا. وقال مجدي حمدان، المحلل السياسي وعضو جبهة الإنقاذ السابق, إن "السياسات الخاطئة التي انتهجها السيسي بإسناد إدارة الدولة للأمن والأجهزة المدنية، أدت إلى تعاملهم مع جميع القضايا والملفات بالشكل الأمني، والذي نجم عنه حالات تعذيب وقتل سواء للمصريين أو الأجانب، وهو ما نتج عنه العقوبات التي أقرها البرلمان الأوروبي على مصر، وملاحقة إيطاليا المستمرة للنظام وتشويه سمعته في الخارج، مما سينعكس بالسلب على وجود السيسي في الحكم في المستقبل". وأوضح حمدان ل"المصريون"، أن "بيان البيت الأبيض بخصوص مظاهرات جمعة الغضب يؤكد أن لدى أمريكا أجندة معينة بالمنطقة وتدرك أن السيسي لم يرتق حتى الآن لتحقيق تطلعات الشعب المصري"، مضيفًا: "أعتقد أنها تجهز سيناريوهات بديلة لنظامه الآن". وأشار إلى أن "تعامل وزير الخارجية مع بعض الملفات بطريقة المشاجرة أضعف مصر والسياسة والدبلوماسية المصرية وأفقدها الكثير من تاريخها ودورها في المنطقة". وأكد حمدان، أن "اختيار السيسي للمقربين منه بعيدًا عن مدى إدراكهم ووعيهم بالمرحلة الحالية وتعامله بلغة التجار والرأي الوحيد سيؤدى لعواقب وخيمة ستتضح آثارها خلال أيام قليلة، بعد اندلاع مظاهرات الغضب في جميع أنحاء الجمهورية، بسبب تنازله عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية". وأوضح زياد عقل الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام", أن "ما يحدث من تحرك الشارع المصري ضد النظام لم يكن بسبب التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير فقط، ولكنه كان نتيجة لرفض العديد من القرارات التي صدرت منذ تولي الرئيس السيسي, ولكن لم ترتق إلى مستوى الاحتجاج وكان يتم الاكتفاء بالانتقاد فقط". وأشار إلى أن "خروج أعداد كبيرة من المصريين للاعتراض على قرار التنازل عن الجزيرتين كسر حدة النقد ونقلة للاحتجاج الذي ربما يتواصل خلال الفترة المقبلة، بسبب اتساع المعارضة للنظام الحالي، مما أحدث فجوة كبيرة قابلة للانهيار في وجه النظام, فعلى الرغم من أنه لا يستطيع أحد أن يقيس مدى تراجع شعبية السيسي، إلا أن الأزمات الخارجية المتلاحقة والداخلية أيضا, تؤكد وجود حراك مضاد للرئيس وحكومته ونظامه بالكامل". وأضاف "النظام في مصر لم يهتم بصورته في الخارج وأهمل قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان، واللذين من المفترض أنهما يمثلان جسرا يربطنا بالخارج, وبدلاً من ذلك لجأ إلى تسويق نفسه بمواجهته للإرهاب وبدأ يدعو جميع الدول للتكاتف معه في هذا الموضوع، متناسيًا تماما عوامل الديمقراطية التي لن تتنازل عنها الدول الأجنبية كما فعل السيسي, مهما كانت العواقب". وأوضح أن "إيطاليا بما تمثله من تواجد قوي في الاتحاد الأوروبي تسعى بكل ما أوتيت من قوة للضغط على جميع دول الاتحاد الأوروبي للوقوف بجانبها في أزمة مواطنها المقتول في مصر جوليو روجيني, توضح للرأي العام الأوروبي أن الأمن المصري يقوم بانتهاكات جسيمة تخالف مواثيق الديمقراطية وحقوق الإنسان العالمية, كما أنه يكذب في شأن إظهار حقيقة مقتل الطالب ريجيني ويختلق الأكاذيب غير المبررة, وأنه يسعى لترسيخ حكمه على حساب إقرار الديمقراطية, وتطالب بقطع المساعدات الأوروبية السياسية والمالية للنظام المصري, لاسيما وأن دول الاتحاد لا تتعامل بالقطعة". وأشار إلى أن "النظام المصري يتعمد تجاهل العديد من التقارير الحقوقية الغربية التي تظهر وجود انتهاكات في حقوق الإنسان المصري, فيما تهتم هذه الدول الغربية بالحالة المصرية وتشكل تحركاتها على هذا الأساس، إلا أنه قد ربما يشكل توازن المصالح عاملاً إيجابيًا وحيدًا لمصر، بسبب سعي الدول الغربية لإشراكها في قضيتي سوريا وليبيا من أجل التوصل إلى حلول مرضية".