خلال المؤتمر الصحفي اليومي للبيت الأبيض الأمريكي، أمس الجمعة، رد المتحدث باسمه "جوش إرنست" على سؤال عن الاحتجاجات التي تشهدها مصر ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأن "بلاده تراقب الوضع فى مصر بدقة"، وذلك بالتزامن مع اتساع رقعة المظاهرات والاحتجاجات المعارضة فى مصر. وتصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض، سبقها إعلان لرئيس مجلس النواب الأمريكي "بول ريان"، بأنه يؤيد استمرار المساعدات السنوية التي تقدمها واشنطن إلى مصر، غير أنه يرى أن سجل القاهرة في مجال حقوق الإنسان يجعل دعم حكومتها "صعبًا"، فى وقت أكدت فيه "آن باترسون"، مساعدة وزير الأمريكى والسفيرة السابقة فى القاهرة أن "موقف الإدارة الأمريكية من جماعة الإخوان المسلمين هو أنها ليست منظمة إرهابية". وفى وقت سابق، حذر السيسى مما أسماه "محاولات هدم الدولة المصرية"، قائلاً: "لا أقلق من محاولات الخارج لهدم مصر، ولكن ما يقلقنى هو الداخل لأن هناك مخططا جهنميا قد لا ينتبه له البعض". وردًا على المظاهرات الحاشدة التى خرجت ضده، الجمعة، قال السيسي، خلال حلقة نقاشية، عقدها مع مجموعة من شباب "البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب والإعلاميين والصحفيين"، إن جزيرتى تيران وصنافير موجودتان على الناحية الأخرى من الشاطئ، لكنهما أرض غيرنا، وهنا هى أرضنا وعلينا أن نعمرها ونحافظ عليها". وتواصلت على مدار الأيام الماضية، حالة من الغضب فى الشارع رفضًا لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، التى تم الإعلان عنها الجمعة الماضية، والتى تنص على "حق" السعودية فى ضم جزيرتى "صنافير" و"تيران" إلى أراضيها، وصلت ذروتها أمس الجمعة بتجمع الآلاف أمام نقابة الصحفيين وعدد من المحافظات، فى مسيرات احتجاجية طالبوا خلالها ب"إسقاط النظام". بدوره قال المستشار الإعلامى لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، خالد الشريف، إن "قوة وزخم الحراك الثورى ضد نظام السيسي، والغضب العارم من سياساته وحدت صفوف الثوار والمعارضة لأول مرة منذ أحداث 3 يوليو 2013، ما كان له أثر كبير فى لفت نظر المجتمع الغربى وأمريكا والبيت الأبيض باتحاد الشعب بكل فئاته واتجاهاته ضد السيسى". وأضاف الشريف ل"المصريون" أنه "ثبت للجميع قرب نهاية السيسى ونظامه والذى مارس خداعه للجميع بأن لديه شعبية، بينما الأرض يملؤها الغضب والشعب يطالب برحيله ومحاسبته". ورأى الشريف أن "الغرب بدأ يفكر منذ فترة فى التخلى عن السيسي"، نظرًا لما رجحه بأنه "أصبح مصدر إزعاج ولا يحقق مصلحة للغرب، بجانب فشله فى مهمته، وانتشار الفوضى فى المنطقة، مع خروج سيناء عن السيطرة الأمنية". ومتناولا تصريحات آن باترسون مساعدة وزير الأمريكى والسفيرة السابقة، حول الإخوان المسلمين، وقولها إن بلادها لا ترى الإخوان إرهابية، ذهب الشريف بقوله إن "أمريكا ترغب فى تبديل موقفها لضمان مصالحها". ورأى أنه "مع تمدد تنظيم الدولة "داعش" وفشل السيسي، أصبح استرداد أمن المنطقة فى يد عودة الشرعية متمثلة فى الإخوان". "ليس لها تفسير فى الوقت الراهن، سوى أن العالم مهتم بما يحدث فى مصر"، هكذا فسر مختار غباشي، مستشار ونائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والإستراتيجية، التصريحات الأخيرة للمسئولين الأمريكيين حول الأوضاع فى مصر. وقال "غباشي" ل"المصريون"، إن تصريحات البيت الأبيض عن المظاهرات التى شهدتها القاهرة ومحافظات أخرى، تأتى فى إطار الاهتمام بالشأن المصرى. وأوضح أن "الملف الحقوقى المصرى وقضية مقتل الباحث الإيطالى جوليو ريجينى فى وقت سابق بالقاهرة، ومظاهرات رفض إعادة ترسيم جزيرتى تيران وصنافير، كلها أصبحت ملفات محل جدل كبير فى الخارج ويتم مراقبتها من الحكومات الغربية". ومتطرقًا إلى مؤشرات النقد الغربى لنظام السيسي، رأى "المحلل السياسي" أن "التصريحات الأمريكية ليست مؤشرًا لتراجع الدعم السياسى الغربى للنظام المصري"، مشيرًا إلى أن "هناك حالة من التخبط فى رؤية أمريكا للأوضاع فى مصر منذ مظاهرات 30 يونيو 2013، وما تلاها من الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسى فى 3 يوليو من العام ذاته". وأكد غباشى أن "هناك علاقات ثابتة بين البنتاجون الأمريكى ووزارة الدفاع المصرية لم تتغير، والاتصالات لم تنقطع، فيما تعد مشكلة الإدارة الأمريكية مع مصر فى أنها تراها كدولة ولا تنظر لمن يحكمها". ومشيرًا إلى خطورة وضع النظام المصري، حذر غباشى "لو أدركت الإدارة الأمريكية أن مصر هى فى غنى عنها أو أن النظام فى مصر لا يقوم بدوره هنا سيكون للإدارة الأمريكية موقف، فأمريكا ليس قضيتها السيسى أو مرسى أو مبارك هى معنية فقط بمصر كدولة". وحول تصريحات آن باترسون بشأن الأخوان، لفت إلى أن "السياسة غير ثابتة، وأن الساسة والمسئولين الأمريكيين يتبادلون الأدوار حول رؤية الإدارة الأمريكية تجاه مصر"، غير أن غباشى تطرق إلى المظاهرات الحاشدة التى شهدتها مصر، أمس الجمعة، قائلا إن "مظاهرات تيران وصنافير، تعبر عن تآكل لرصيد النظام فى الشارع".