اعتبر الكاتب البريطانى ديفيد هيرست التنازل عن الجزر للمملكة العربية السعودية، ووفاة الطالب الإيطالي، والأحوال المتردية في البلاد، قد أثرت على شعبية السيسى محليا ودوليا على حد وصف الكاتب. وأضاف هيرست، في مقال له نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن "السيسي يحرق الشمعة من طرفيها، فبعد أن أضرم النار بالقمع والاضطهاد لأكبر حزب سياسي في مصر جماعة الإخوان المسلمين؛ ثم الأحزاب الأخرى بما فيها الليبرالية والعلمانية التي دعمت الرئيس المعزول مرسي، ذهب السيسي هذا الأسبوع ليضرم النار بمصدر شرعيته الوحيد المتبقي لديه: المجتمع الدولي"على حد قوله نقلا عن ترجمة موقع ساسة بوست . وأوضح هيرست أن زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى مصر شهدت صفقة بين البلدين تضمنت تسليم السعوديين لجزيرتين غير مأهولتين في خليج العقبة كانتا تحت السيادة المصرية طوال الجزء الأكبر من القرن الماضي، وأعادتهما إسرائيل إلى مصر في عام 1982، وكانت مصر قد أبلغت إسرائيل مسبقا بأنها تنوي تسليم الجزيرتين إلى السعوديين، بحسب هيرست. وأدى هذا التسليم إلى رفض من "الرأي العام المصري داخل البلاد، للتنازل عن أرض مصرية للجار السعودي من رئيس طالما سعى إلى تصوير نفسه للناس على أنه عبد الناصر مصر الجديد" على حد تعبير الكاتب البريطانى. وأشار الكاتب البريطانى إلى إعلان جماعة الإخوان المسلمين بأنه لا يحق لأحد أيا كان التنازل عن ممتلكات الشعب المصري مقابل حفنة من الدولارات. ونقل الكاتب البريطانى عن أيمن نور تصريحه بأن هذه الاتفاقية ستبطل "حالما يستعيد الشعب المصري حريته"، وأما حركة "6 أبريل" المعارضة فأعلنت عن تنظيم مظاهرة احتجاجية أمس الجمعة، متجشمة في ذلك مجازفة في غاية الخطورة. ووصل هذا الرفض إلى المؤيدين والمحسوبين على نظام السيسي أنفسهم، وأبرزهم إبراهيم عيسى، كما انتقد رئيس الوزراء المخلوع أحمد شفيق التسليم، واصفا إياه بأنه "خطوة كارثية"، مما حول الزيارة الأخوية إلى "كابوس" يطارد مصر، بحسب هيرست. وأما "الضائقة الثانية" التي تواجه السيسي- حسب رأي الكاتب- فكانت سحب إيطاليا لسفيرها في مصر بعد تعرض الطالب الإيطالي جوليو ريجيني للتعذيب والقتل في القاهرة، في مصير "لم يكن مختلفا عن المصير الذي حل بالآلاف من المصريين من ضحايا قوات الأمن التي منحها السيسي حصانة عامة وشاملة". وأشار الكاتب البريطاني إلى أن هذه الحادثة "تسببت بحرج شديد لرئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، الذي كان وصف السيسي في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة قبل الحادث بفترة بأنه زعيم عظيم وطموح، حيث كان يرى رينزي في السيسي فرصة سانحة لتحقيق جملة من المصالح الإيطالية في مجال الأمن والتجارة والعلاقات الخارجية، بالإضافة إلى أن إيطاليا كانت من أكثر الدول حماسة لدعم السيسي بوصفه محارب ضد الإرهاب، ليس فقط في مصر وإنما في ليبيا أيضا". وأشار الكاتب إلى أن إيطاليا- التي كانت أول دولة أوروبية يزورها السيسي- أصبحت أول دولة تسحب سفيرها، مشيرا إلى أن إيطاليا اكتشفت فجأة ماذا يعنيه أن يكون المرء ضحية لأبشع انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وها هي اليوم تطالب الاتحاد الأوروبي بالوقوف خلفها والتضامن معها في مطالبتها بالكشف عن حقيقة ما جرى للطالب الشاب ريجيني". واختتم الكاتب مقالته بالإشارة إلى خطاب يوم الأربعاء الذى شن «السيسي» هجوما فيه على ناقديه للمرة الثانية خلال شهر واحد، متوجها باللوم للجميع إلا لذاته على الكارثتين اللتين منيت بهما علاقات مصر الدولية، مدعيا أن إنجازات مصر في عهده لم تحدث خلال عشرين سنة مرت، ودافع عن البرلمان وعن أجهزة المخابرات وامتدح إعادة ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، وقال إن مصر إنما تُجر إلى الفشل من«أهل الشر فينا ومن بيننا»، وقال إن الشعب المصري يُلحق الأذى بنفسه حينما يتكلم بشأن اتفاقية الحدود. ووصف الكاتب فى مقالته كلمة السيسى مع ممثلى المجتمع الاربعاء الماضى بالمتخبطة حيث أمر «السيسي» المصريين بالتزام الصمت بشأن موضوع الجزيرتين وانتظار ما سيسفر عنه نقاش البرلمان حولهما، وكأن من المفترض أن يشهد البرلمان نقاشا محايدا من جانب أعضائه ، ثم مضى «السيسي» يقول بصعوبة بالغة: «بجملة واحدة.. نحن لم نتخل عن شيء تعود ملكيته إلينا .. ببساطة نحن أعطينا أناسا حقهم.. لم تتنازل مصر للآخرين عن ذرة واحدة من رملها، ولم تعطها للسعوديين». وتطرق الكاتب البريطانى إلى تحميل «السيسي» على الإعلام المصري ولامه على الضجة المثارة حول موت «ريجيني»، وقال: «إحنا اللي بنعمل كده في نفسنا من الإعلاميين.. إحنا اللي عملنا المشكلة.. هاتوا كل اللي اتنشر.. فيه ممنا وجوانا ناس شر قاعدة تشتغل الشغل ده.. نعلن عن مشروع أو قرار ويشككوا فيه ويتهموا الدولة فيه». ونقل الكاتب البريطانى عن «عماد شاهين»، الأستاذ الزائر في جامعة جورجتاون في الولاياتالمتحدةالأمريكية: قوله "يعاني السيسي من معضلة الأمن. كلما أمعنت في بناء كيانك الأمني، وكلما زاد اعتمادك على الخوف والانقسام،. يشبه ذلك حال رجل اشتعلت النيران داخل منزله فيخرج إلى حديقة البيت يلوذ بأعشابها طلبا للسلامة. ولكن في نهاية المطاف سوف تلحق به ألسنة النيران وتلتهمه أينما حاول الاختفاء". كما أشار الكاتب البريطانى فى ختام مقالته إلى أنه يفهم من إشارة «السيسي» إلى «مرسي»، الغائب المغيب وراء القضبان، أنها اعتراف ضمني بأن «السيسي» فشل بعد ثلاثة أعوام من حكمه في تحقيق الاستقرار في البلاد على حد زعم الكاتب البريطانى .