على الرغم من مضي أكثر من شهرين على انتخابات مجلس النواب، إلا أن عددًا كبيرا من المرشحين الخاسرين لم يستردوا أيًا من أوراقهم التي قدموها للجنة العليا للانتخابات، فضلاً عن مبلغ التأمين الذي يقدمه المرشح ضمانًا لسداد قيمة المخالفات الدعائية من نظافة وخلافه، على الرغم من القانون نص على رد المبلغ و الأوراق الخاصة بالمرشح بعد انتهاء العملية الانتخابية. وتنص المادة 26 من قرار 46 بشأن مجلس النواب، على أنه بعد إعلان نتيجة الانتخاب يُرَدَّ إلى المترشح في النظام الفردي وإلى ممثل القائمة خلال ثلاثين يومًا على الأكثر المبلغ المودع خزانة المحكمة الابتدائية كتأمين بعد خصم تكاليف إزالة الملصقات الانتخابية بحسب الأحوال. وقال محمد محسن مرشح سابق للانتخابات البرلمانية عن دائرة السيدة زينب: "بعد الانتخابات بحوالي شهر ذهبت لمحكمة جنوب لاسترداد مبلغ التأمين والأوراق الخاصة لعضويتي التي سبق أن قدمتها للجنة العليا ضمن إجراءات التقدم، إلا أنني فوجئت برد الموظفين بأن المبالغ والأوراق الخاصة بي لن ترد بدعوى مضى عليه أكثر من شهر دون سؤال، وذلك على الرغم من أني أملك ورقة تفيد بدفعي مبلغ 3000 جنيه تأمين". وأضاف في تصريح إلى "المصريون": "الورقة أو الإيصال الذي أملكه لا يوجد به أي بنود تفيد بما ذكروه عن عدم رد المبلغ بعد مضى شهر أو أن الأوراق لن ترد، مما جعلني أغضب، حتى إن رئيس محكمة الجنوب ليؤكد أن الأمر ليس بيده وأن القرار صادر من رئيس اللجنة العليا للانتخابات". وأوضح أن المرشحين كان قد أجروا كشفين المرة الأولى كانت 4200 والمرة الثانية 2500، إضافة إلى مبلغ التأمين والأوراق التي تشمل شهادة الميلاد والمؤهل الدراسي وشهادة الجيش وكلها أوراق أصلية ما يعطلنا سواء عن العمل أو السفر، مما يتطلب اللجوء إلى الهيئات الحكومية والانتظار وسط آلاف المتقدمين لأداء الخدمة العسكرية للحصول عليها، قائلاً: "الرسالة وصلت بعدم الترشح مرة أخرى، وأنا كرهت السياسية". وقال الدكتور أحمد دراج أستاذ العلوم السياسية والمرشح السابق لعضوية مجلس النواب عن دائرة سمنود بالغربية، إن "اللجنة العليا للانتخابات التي تتخذ من دار القضاء العالي مقرًا لها، ولا تستنكف الظلم والاعتداء على الأمانات ترتكب داخل إحدى مقرات العدالة ما تخجل أي وزارة عدل في العالم عن تسويغ تبريره تحت ادعاءات واهية وأسباب متهافتة". وأضاف: "لجنة اتسم أداؤها منذ بداية تشكيلها بالترهل والتهرب من مسئولياتها المنوطة بها وفق قرار رئيس الجمهورية فنيا ومهنيا". وفي مقالة نشرته "المصريون"، رأى دراج أن "المهمة الوحيدة التي أدتها تلك اللجنة بكفاءة هي الجباية وتسهيل تحصيل الرسوم والتغاضي عن كافة المخالفات الجسيمة، وفرض رسوم الكشف الطبي المبالغ فيها مرتين وانتهاء بتجاهل الرشاوى الانتخابية ثم مصادرة التأمين المالي من اللجان الفرعية للانتخابات في محافظات الجمهورية المختلفة". وأضاف المرشح السابق للبرلمان، أنه مر على غرار غيره من المرشحين بعدد من الأمور التي تثبت سعى اللجنة لتحصيل الأموال، موضحًا أنه منذ ترشحه للبرلمان قام بسداد رسوم الكشف الطبي مرتين مثل كل المرشحين، وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعًا، لاسيما وإن الرسوم كانت مبالغ فيها جدًا وفق تقدير الأطباء، حيث إنها لاتقل عن 2850، فضلا على دفع مبلغ 3000 ثلاثة آلاف جنيه كتأمين يسترد بعد انتهاء العملية الانتخابية ضمانا لسداد قيمة المخالفات الدعائية من نظافة وخلافه. وأشار دراج إلى أن "التأمين" وفق توصيفه في اللغة غير قابل للاستهلاك أو مصادرته عنوة إلا في حالة واحدة هي عدم سداد المرشح للغرامات المقررة بموجب المحاضر التي تحررها الوحدات المحلية ومجالس الأحياء والمدن وفي هذه الحالة يتم خصم قيمة المخالفة من التأمين واسترداد بقية قيمة التأمين لصاحبه. ولفت إلى أن ما حدث من اللجنة العليا للانتخابات هو وضع اليد على مبلغ التأمين استنادا للائحة داخلية وضعتها اللجنة تمنحها الحق في مصادرة المبالغ المقدرة بالملايين إن لم تسترد خلال شهر واحد من انتهاء العملية الانتخابية لمجلس النواب. ونوه، المرشح السابق لنص المادة "26" من القرار 46 بشأن مجلس النواب، التي تنص على رد المبلغ المودع كتأمين للمرشح كتأمين بعد خصم تكاليف إزالة الملصقات الانتخابية، مشددًا على أن المادة نفسها لا تعطي اللجنة حق الاستيلاء على التأمين جزئيًا ولا كليًا، مادام قد سدد المرشح تكليف إزالة الملصقات، وفق تعبيره. وكشف دراج، انه خلال سعيه لاسترداد التأمين المودع بخزينة المحكمة، فوجئ بأن خزينة اللجنة الفرعية للانتخابات بالغربية تقول بأن اللجنة العليا في القاهرة استردت قيمة التأمين بإيصال مرقم بمبلغ 630000 ستمائة وثلاثون ألف جنيه من محافظة الغربية وحدها، مما يعني أن محافظات الجمهورية أعطت ملا تملك لمن لا يستحق ويقدر بحوالي سبعة عشر مليون جنيه، وفق قوله. وتابع، "قيل لي بناء على ذلك بان قيمة التأمين ستسترد من اللجنة العليا للانتخابات في دار القضاء العالي"، مؤكدا انه ذهب للجنة وقدم طلبا بذلك للمرة الرابعة بعد تقديم طلبات مماثلة في مجلس المدينة والمحافظة ومحكمة طنطا، ليكون رد اللجنة العليا على طلبي بخطاب رسمي بأنه قد حفظ الطلب بمصادرة قيمة التأمين بدون وجه حق". وتساءل: "كيف تفسر اللجنة القانون على هواها ؟ ولمن ستؤول قيمة التأمين المغتصب ؟ وهل توزع كمكافآت ؟ أم تدخل خزينة الدولة ؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف تضع الدولة أو أحد مسئوليها بأي وزارة يدهم على مال ليس حقا لهم ؟ وما الفرق بين الحلال والحرام والمال السحت في عرف وزارة العدل"؟. وقال الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن عدم استجابة اللجنة العليا لتلك الطلبات، تستوجب على المرشحين أن يتخذوا الإجراءات القانونية برفع دعوى قضائية أمام القضاء الإداري للمطالبة بحقوقهم. وطالب، اللجنة العليا برد تلك المبالغ، خاصة وأن انتخابات مجلس النواب كانت قد انتهت منذ فتره، متسائلًا: "لماذا تتعنت اللجنة وهذا حق النواب"؟. من جانبه، قال الدكتور أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية، إن المبلغ الذي يتم دفعه من قبل المرشح لتأكيد على جدية موقفه من الانتخابات. وأشار مهران، إلى أنه لا يوجد الآن ما يسمى باللجنة العليا للانتخابات لأنها تنتهي بانتهاء الانتخابات وبالتالي يجب مطالبة الحكومة بتلك المبالغ. ولفت مدير مركز القاهرة إلى أن هناك ما يسمى ب"الغرامة التأخيرية" والتي تستوجب على الدولة دفعها للنائب إذا لم يرد ذلك المبلغ في الوقت المحدد له قانونًا، مشددًا على أن عدم رد تلك المبالغ لأصحابها يفقد الثقة والاحترام للحكومة في عيون المواطنين.