يبدو أن اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية التي لم تكن لجنة قضائية حسب قرار تشكيلها لم تكن كذلك لجنة إدارية حسب أدائها، وأغلب الظن أنها لم تكن لجنة فنية مهنية لأنها فشلت في إدارة العملية الانتخابية بسهولة وسلاسة وحيادية، فكانت لجنة شكلية متخبطة اتسم أداؤها منذ بدايته بالترهل والتهرب من مسئوياتها المنوطة بها وفق قرار رئيس الجمهورية فنيا ومهنيا، والمهمة الوحيدة التي أدتها تلك اللجنة بكفاءة هي الجباية وتسهيل تمرير تحصيل الرسوم والتغاضي عن كافة المخالفات الجسيمة في العملية الانتخابية من أول وضع القواعد المنظمة للعملية الانتخابية وفرض رسوم الكشف الطبي المبالغ فيها مرتين وانتهاء بتجاهل الرشاوى الانتخابية ثم مصادرة التأمين المالي ( الأمانة ) من اللجان الفرعية للانتخابات في محافظات الجمهورية المختلفة. هذا الكلام ليس مجرد ادعاء بالباطل، بل مثبت بالدليل القاطع والتجربة الشخصية التي لا يقبل الشك، حيث تقدت مثل غيري من المرشحين المستقلين للعملية الانتخابية في الانتخابات البرلمانية السابقة نوفمبر / ديسمبر 2015 وقمت بسداد الرسوم الكشف الطبي مرتين- رغم أنها أخذت بسيف الحياء والمبالغة- وفي كل مرة كانت رسوم الكشف لا تقل عن 2850 جنية وهي رسوم مبالغ فيها جدا وفق تقدير جميع الأطباء، هذا بالإضافة إلى دفع مبلغ 3000 ثلاثة آلاف جنيه كتأمين يسترد بعد انتهاء العملية الانتخابية ضمانا لسداد قيمة المخالفات الدعائية من نظافة وخلافه. هذا التأمين وفق توصيفه في اللغة غير قابل للاستهلاك أو مصادرته عنوة إلا في حالة واحدة هي عدم سداد المرشح للغرامات المقررة بموجب المحاضر التي تحررها الوحدات المحلية ومجالس الأحياء والمدن وفي هذه الحالة يتم خصم قيمة المخالفة من التأمين واسترداد بقية قيمة التأمين لصاحبه، ولكن ماحدث من اللجنة العليا للانتخابات هو وضع اليد على مبلغ التأمين استنادا للائحة داخلية وضعتها اللجنة تمنحها الحق في مصادرة المبالغ المقدرة بالملايين إن لم تسترد خلال شهر واحد من انتهاء العملية الانتخابية لمجلس النواب، لحساب من ؟ ولأي مبرر مقنع ؟ ليس هناك رد سوى المادة المطاطة رقم 26 من القرار 46 بشأن مجلس النواب !!! تنص المادة المشار أليها على أنه يرد للمرشح المبلغ المودع كتأمين بعد خصم تكاليف إزالة الملصقات الانتخابية ولكنها لاتعطي اللجنة حق الاستيلاء على التأمين جزئيا ولا كليا مادمت قد سددت تكليف إزالة الملصقات، وحكاية استرداد التأمين الودع بخزينة المحكمة بدأتها بطلب الاسترداد بعد انتهاء الجولة الأولي من الانتخابات، قطلب مني الحصول على براءة تفيد تسديد ما يسمي بمخالفة نظافة الملصقات بفيمة مائتي جنيه، وقد ترددت على مجلس مدينة سمنود وهيئة النظافة ومركز الشرطة ثم سكرتارية محافظة الغربية ومحكمة طنطا الابتدائية وبعد مماطلة وتباطؤ من العاملين بهيئة النظافة من أجل استخراج ايصال السداد أسبوعا بعد أسبوع وحصولي على الملف فوجئت بأن خزينة اللجنة الفرعية للانتخابات بالغربية تقول بأن اللجنة العليا في القاهرة استردت قيمة التأمين بإيصال رقم بمبلغ 630000 ستمائة وثلاثون ألف جنيه من محافظة الغربية وحدها، وهذا يعني أن محافظات الجمهورية أعطت ملا تملك لمن لايستحق ويقدر بحوالي سبعة عشر مليون جنيه، وقيل لي بناء على ذلك سيسترد قيمة التأمين من اللجنة العليا للانتخابات في دار القضاء العالي، وترددت على اللجنة وقدمت طلبا بذلك للمرة الرابعة بعد تقديم طلبات مماثلة في مجلس المدينة والمحاقظة ومحكمة طنطا، ليكون رد اللجنة العليا على طلبي بخطاب رسمي بأنه قد حفظ الطلب بمصادرة قيمة التأمين بدون وجه حق، والسؤال : كيف تفسر اللجنة القانون على هواها ؟ ولمن ستؤول قيمة التأمين المغتصب ؟ وهل توزع كمكافآت ؟ أم تدخل خزينة الدولة ؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف تضع الدولة أو أحد مسئوليها بأي وزارة يدهم على مال ليس حقا لهم ؟ وما الفرق بين الحلال والحرام والمال السحت في عرف وزارة العدل ؟ وأخيرا، فإن اللجنة العليا للانتخابات والتي تتخذ من دار القضاء العالي- بيت العدالة العريق مقرا لها- ولا تستنكف الظلم والاعتداء على الأمانات ترتكب داخل إحدى مقرات العدالة ما تخجل أي وزارة عدل في العالم عن تسويغ تبريره تحت ادعاءات واهية وأسباب متهافتة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.